صياماً عن تشريح الحالة المختلطة والمختلة في اليمن السعيد "بشقائه"، وتحليل الأطراف المباشرة في الاقتتال و"الصُراع" السياسي الدائر بين "مقاومة" وبين "لجان" كلها شعبية تساندهما قوات الجيش (...)، ويعلم الله جيش من ضد جيش من؟!! وقياماً تجاه قوات أخرى تستحق التحية، أو لجان ثانية تستوجب التقدير، لأنها مقاومة حقيقية تستأهل الانحناء لها. هي تلك التي تبعث على الراحة رغم التعب، والأمل رغم اليأس، وتزرع الحياة رغم تفشي الموت، وحسب قول الشهيد الأستاذ محمد أحمد نعمان (نعمان الابن): "إننا لا نستطيع أن نمنع الموت لكن علينا ألا نزرع الموت، بل أن نكون زرعاً للحياة". ممن يزرع الحياة ولا يمنع الموت، الساخرون - الضاحكون أو باللهجة اليمنية "الزباجون: المنكتون".
يتشاطر اليمنيون مع أشقاء عرب آخرين خاصية السخرية وخفة الدم، كسلاح يشهرونه بوجه الدم الثقيل والعبوس المحلق في أجوائنا والمخيم على أرضنا، لكنهم يبارون غيوم الغم بدفع سُحُب المرح لتّعُمَّ الأجواءَ لئلا تكلَّ القلوب ثم تعمى.
المرح يسري مسرى الدم عند من يبحثون عن الأمل ويعملون حقاً على "إعادة الأمل"، مقاومين نيران المدافع والرشاشات، وقذائف الطائرات والصواريخ المتوالية على بعض الجبال والمواقع مثل تفريغ بقايا الماء من "الوايتات" أو من ينوون تحويل "الفج" إلى "الفَرْج"، ورعى الله مكتشف هذه النية!
لا يأبه الساخرون بمنصب سياسي ومكانة محلية ومركز دولي وثقل إقليمي وعتاد متطور وشعبية جماهيرية، فيتندرون على "الخطوط الحمراء المحددة" و"القلق الدولي المتيسر"، "والشيطنة الفطرية" و"الشعبية المفقودة" ويزرعون البسمة على الشفاه بكلمات بسيطة ذات مدلولات بعيدة تنم عن وعي عميق يطوِّع "شر البلية" للضحك، فيهوِّن على الناس هول ما يرون ويعانون. تنقُل "الزبجة (التعليق)" الواعية الناس من طورٍ إلى طور، فترتحل الروح إلى آفاق السرور والنصر تحدياً لأسباب الحزن والهزيمة، وقد برع من السياسيين كثيرٌ ممن سخّروا المواقف العامة المناوئة لهم ووظفوها بسخرية خاصة مباشرة لمصلحتهم دونما يأس أو توارٍ غماً وكمداً.
الأحزان لا تعيد الشهداء أو ترجع الموتى ولا تشفي الجرحى ولن تداوي المرضى. فابتغوا مرضاة الله بإراحة - لا بإزاحة - عباد الله. وقاوموا - ما لم تمنعوا - الموت بإرادة الحياة. سلاحكم النكتة ودرعكم البسمة. فهي المقاومة الحقيقية لكل الأحوال الزائفة.
|