التاريخ: أيار ٢٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
50 سنة على "الطائف" اليمني - لطفي نعمان
للأديب اللبناني الراحل أنسي الحاج "كلماتٌ" بليغة توجز الواقع الذي نعيشه: "ليتنا لم نعش لنقارن، وولدنا في زمن الانحدار لنرى هذا الهبوط صعوداً"!
 
صعدت بعض تحليلات عابثة بوقائع التاريخ، استعادت بأثرٍ رجعي، ذكريات ماضٍ "سوؤه" أرحم من "حُسنِ" اليوم (...) فاختلط "حابل" التاريخ بـ"نابل" التحليل! وظلماً وعدواناً شبِّه احد اللقاءات اليمنية الأخيرة بلقاء "يمنيي" الطائف في 14 آب 1965.

يبدو أن خمسين سنة لم تكفِ - ولن يكفي حتى مرور مئة سنة - لتعديل أحكام مسبقة أو تصنيفات وتهم "مُعلبة".

يتردد عن حضور لقاء الطائف اليمني (1965) من الجمهوريين بأنهم "منشقون". وغير متيسر معرفة ما إذا كان يُنظر إلى الملكيين الحاضرين فيه يومذاك بأنهم "منشقون" أيضاً، لأنهم تنازلوا عن صيغة الحكم الإمامي، وإمامهم الشرعي. وهو ما يُعدُّ "نصراً جمهورياً" متى عَقِل المحللون.

والحق أن الحضور من الجانبين الملكي والجمهوري انشقوا فعلاً عن دعاة الحرب، وواصلوا بحوارهم ثم "قرارهم المشترك" غير المنفرد السير نحو إحلال السلام اليمني. بعدما أقروا مبادئ أساسية لـ"ميثاق السلام" أو "اتفاق الطائف اليمني" منها وضع مصلحة اليمن ووحدة أراضيه فوق أي اعتبار. والتعاون بنيةٍ صادقة وتصميمٍ مخلص على وقف المأساة التي يعيشها اليمن وإيجاد الحلول لتوحيد جهود الشعب اليمني للحفاظ على أمنه وسلامته.

وأعطى المجتمعون "عهداً أمام الله بأن لا يحمل أحدٌ منهم لا هو ولا من يمثله سلاحاً بقصد الاعتداء والتآمر على أخيه اليمني"، و"افساح المجال أمام الشعب اليمني ليعلن إرادته الحرة في تقرير نظام الحكم الذي يرتضيه بعيداً عن كل مؤثر خارجي وبعد انسحاب القوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة وإيقاف المساعدات السعودية".

ومع أن بعضاً منهم كان جزءاً من ماضي الجمهورية لحظة ميلادها وميلاد مشاكلها الجديدة، لكنهم دون تبرؤٍ من المشاركة في ما عظم من "آثام الماضي البعيد والقريب"!، لم يُحمِّلوا وازرةً وِزر الجميع، بل تساموا ودعوا إلى "نسيان الماضي البعيد والقريب بآلامه وأحزانه وشروره وآثامه ونبذ الأحقاد التي خلفتها السنون لينعم اليمن العزيز على قلوبنا جميعاً بشعب موحد متضامن تسوده روح المودة والإخاء قادر على بناء مستقبله والسير ببلده - بمساعدة شقيقاته العربيات - إلى ذرى المجد والتقدم والرقي".

سمو هدف المنشقين الجمهوريين والملكيين، جعلهم يعبرون عن رغبة يتطلع إليها اليمنيون. ما أجبر أطراف الصراع الإقليمي في الحرب الباردة العربية بين مصر والسعودية على الالتقاء لاقرار الآليات ذاتها التي أقرها يمنيو الطائف متجاوزين دعاة الحرب وموقديها ومستثمريها من العرب واليمنيين. فأثاروا عزيمة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر على أن يلتقي نظيره السعودي الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز فيوقعا معاً "اتفاق جدة: 24 آب 1965".
 
كاتب يمني