لنواجه أنفسنا، ونعترف بأن تعثرنا الحضارى وتخلفنا عن اللحاق بمسيرة البشرية نحو التقدم والعدل والحق والحرية وبناء المجتمع والدولة الحديثة وانهيار القيمة الفردية والجماعية للمعرفة وللعلم وللعقل وللتسامح هى جميعا أزمات وجود لم تبدأ بالأمس القريب ولن تنتهى غدا.
لنواجه أنفسنا، ونعترف باأن الإجرام الإرهابى الذى ينتهك حق الإنسان فى الحياة وحق الوطن فى السلم والاستقرار ما كان له أن يضربنا بعنف فى سيناء وأن يهددنا على الحدود الغربية وأن تطول شروره بين الحين والآخر مدنا وأماكن على امتداد خريطة مصر دون انتشار للتأويلات الزائفة للدين بين قطاعات شعبية مختلفة وشيوع لفكر التطرف الكاره للإنسانية وللآخر والمبرر للعنف وغياب للتنمية المتوازنة وتراكم للمظالم المرتبطة بانتهاكات الحقوق والحريات، وجميعها عوامل تجعل من سيناء ومناطق أخرى بيئة قابلة للإرهاب وللعنف ويتعين مواجهتها بسرعة وبفاعلية.
لنواجه أنفسنا، ونعترف بأن المصريات والمصريين ترهقهم عقود الاستبداد والفساد الطويلة وتفقدهم الثقة فى منظومات الحكم / السلطة التى تختزل المواطنة فى واجبات دون حقوق والمجتمع فى فجوات واسعة بين الأغنياء والفقراء ومساواة غائبة والدولة فى مؤسسات وأجهزة للسيطرة وللهيمنة وللضبط وللقمع لا تساءل ولا تحاسب وأن الطريق الوحيد لتجاوز ذلك هو التأسيس لحكم القانون الضامن للمساواة وللديمقراطية الضامنة للعدل وللمشاركة الشعبية وللتنمية المتوازنة القادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية.
لنواجه أنفسنا، ونعترف بأن المجال العام بالقرارات والإجراءات الاستثنائية التى تفرضها السلطة التنفيذية وبسياسته التى أميتت وبإعلامه الذى يسيطر عليه الرأى الواحد وبمجتمعه المدنى الذى يتعرض لهجمة سلطوية شرسة لم يعد اليوم بقادر لا على إدارة حوار حر وعقلانى وموضوعى بشأن سبل المزج بين الأدوات العسكرية والأمنية وبين الأدوات القانونية والتنموية المجتمعية فى مواجهة الإرهاب وتهميش التأويلات الزائفة للدين وفكر التطرف عبر نشر المعرفة والعلم وللعقل والتسامح واستعادة ثقة الناس فى إمكانية ضمان حقوقهم وحرياتهم وإنجاز التنمية والعدالة الاجتماعية، ولا على تطوير التضامن الشعبى الواسع مع الدولة وهى تواجه الإرهاب إلى لحظة توافق مجتمعى نتيقن معها من نجاحنا الحتمى فى القضاء على التنظيمات الإرهابية وحماية المواطن والوطن من شرورها وتحصين المجتمع والدولة إزاء تهديداتها.
لنواجه أنفسنا، ونعترف بأن قارب الوطن الذى نتعلق به جميعا تحاصره اليوم عواصف الإجرام الإرهابى بوحشيته ودمويته وتحيط به غيوم كثيفة لمظالم تراكمت وحقوق وحريات انتهكت وقطاعات شعبية كالشباب استعدت وتنمية غابت وحسابات مصالح شخصية وضيقة يرتفع ضجيجها العام والإعلامى ومن حوله ومن حولنا حروب الكل ضد الكل فى ليبيا والعراق وسوريا واليمن وانفجارات إقليمية فى أماكن أخرى، وأن نجاة الوطن وبالتبعية نجاتنا جميعا تظل مرهونة بتوحدنا وبنجاحنا فى الربط الإيجابى بين مواجهة عواصف الإرهاب وبين إزاحة غيوم المظالم بالانتصار للحقوق وللحريات.
لنواجه أنفسنا، ونعترف بأن حب مصر يلزمنا برفع الصوت عاليا طلبا لاستعادة القيمة الفردية والجماعية للمعرفة وللعلم وللعقل وللتسامح ونحن نجتهد للنجاة بقارب الوطن، وبدعوة الجميع إلى قبول تنوع الآراء والمواقف والكف عن التشكيك فى الانتماء الوطنى حين اختلاف البعض مع التيار السائد ولاعتياد وجود الشد والجذب بين أنصار الحلول العسكرية والأمنية وبين الباحثين عن المزج بينها وبين الأدوات الضامنة لحكم القانون وللتنمية المتوازنة وتحويله إلى طاقة إيجابية، وبمخاطبة العرب من حولنا والعالم خارج منطقتنا أن مصر تتجاوز خلافاتها الداخلية وتعرف طريقها إلى حاضر ومستقبل أفضل وتثق فى قدرتها على القضاء على الإرهاب وإزاحة المظالم.
|