| | التاريخ: تشرين الأول ٩, ٢٠١٤ | المصدر: موقع كل الاردن | | صفارات إنذار وتعديلات دستورية ومناطق حظر جوي - علاء الفزاع | مع إن اسمها هو صفارات إنذار، ومع أن البيان الرسمي ذكرها بهذه الصفة وذكر أن من بين وظائفها إطلاق صافرات الإنذار، إلا أن هناك إصراراً عجيباً على ربطها بالظروف الجوية الاستثنائية. ورغم عدم توفر ملاجئ في حال 'صفرت' صفارت الإنذار إلا أنها قرعت جرساً معيناً في الأذهان. فهل لها علاقة بالتعديلات الدستورية الأخيرة؟التعديلات الأخيرة من الواضح أنها ليست لضمان تحييد الجيش عن النزاعات السياسية، فحتى تكون هناك منازعات حزبية وسياسية يجب أولاً أن يكون هناك أحزاب، وقانون انتخاب يسمح فعلاً بوصول أحزاب للبرلمان، ثم وضع تشريعي (قانوني ودستوري) يسمح بوصول حكومة الأغلبية إلى السلطة. كل ذلك يحتاج على الأقل إلى عدة سنوات إن صحت النية لتنفيذه. فلماذا العجلة في هذه التعديلات ما دامت المسائل تحتاج تعديلات دستورية أخرى أكثر أولوية؟ وكأن المسألة مثل شراء الرسن قبل الجمل. ولكن الرسن ليس من أجل الجمل الذي قد لا يأتي أصلاً.ربما يأتي حل اللغز من تصريحات الرئيس التركي أردوغان. فهو أعلن عن استعداد تركيا لإنشاء منطقة آمنة للاجئين داخل سوريا، بموافقة المجتمع الدولي و'بالتنسيق مع دول المنطقة'، مرفقاً تصريحه بتصريح آخر عن سعي تركيا لإعادة مليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى بلادهم. فمن هي دول المنطقة المعنية بمناطق (آمنة) داخل سوريا؟إسرائيل بدأت فعلياً في ذلك. وما إسقاط المقاتلة السورية فوق الجولان إلا مساعدة علنية لجبهة النصرة وحلفاءها في الجولان والذين يسيطرون على شريط هناك. وتركيا أعلنت، فلم يبق إلا الأردن، ودور مرتقب في درعا. وهنا تؤكد وكالات الأنباء وشهادات المواطنين أن حشوداً عسكرية برية أردنية تتواجد على الحدود مع العراق ومع سوريا، وبالذات في منطقة الرمثا والمفرق. الأردن تدخل جوياً ضد داعش في سوريا، ولكن ليس في العراق. وهذه علامة أخرى غير مبشرة.الحرب الآن هي ضد داعش. ولكن السعودية تمكنت مع تركيا من فرض معادلة عدم استفادة النظام السوري من الحرب ضد المتطرفين. النظام الآن في أضعف حالاته وأصبحت سماؤه مستباحة فعلياً وأراضيه يكاد يكون أكثر من نصفها خارجاً عن سيطرته الفعلية، ولكنه ما زال أقوى من أن يتم إسقاطه، مترنحاً في المنطقة الرمادية. السعودية وإيران ما زالا يتصارعان ضمن حدود متفق عليها عبر موزاييك بشري يمتد من اليمن إلى حدود تركيا، والتي بدورها تمسك خيطاً قطرياً بيد، وسعودياً بيد أخرى، فيما معادلتها المعقدة مع الأكراد تتجه إلى القبول بدولة كردية في العراق، ومناطق ذات خصوصية كردية في سوريا.إذا جمعنا كل هذه الأجزاء فمن الممكن استنتاج أن هناك احتمالاً ما، أو مساراً للأمور، تقوم فيه قوات برية أردنية (جنوباً) وتركية (شمالاً) بمشاركة خليجية خاصة في الجنوب ، بالتدخل البري في سوريا، لضرب داعش من ناحية، ولفرض مناطق أمر واقع من ناحية أخرى، ربما تتضمن صداماً مع قوات النظام السوري في بعض المراحل وخصوصاً في درعا وحول حلب، مصحوبة بمناطق حظر طيران في تلك المناطق، بذريعة إنشاء مناطق آمنة للاجئين، على أن تتحول تلك المناطق إلى موطئ قدم للمعارضة السورية الموصوفة بالمعتدلة، على أن يتم تزويدها بالسلاح الأمريكي الذي أقره الكونغرس مؤخراً. ولتمض الأمور إلى حرب استنزاف تمتد لسنوات، ولا داع للعجلة في الحسم.فلنتذكر مرة أخرى أن الأردن ينفذ غارات جوية داخل سوريا فقط وليس داخل العراق، ولنتذكر أن القوة في الإعلان عن المشاركة في تلك الضربات قد تكون تمهيداً للإعلان عن مستويات جديدة من المشاركة.الخطة تبدو جميلة وأنيقة ومتقنة من خلف المكاتب، وخصوصاً في نظر من يتلهفون لقبض الثمن. ولكن تعترضها نفس الاعتراضات البالغة الأهمية والتي منعت تنفيذها منذ عامين: أولاً ما زال النظام السوري يحتفظ ببعض قوته، وقد استرد الكثير منها خلال العام 2013 و2014، وما زال قادراً على إيذاء من يريدون إسقاطه أو إيذائه، وخصوصاً صاروخياً، وقد يكون لصفارات الإنذار علاقة بذلك. وثانياً ما زالت المعارضة المعتدلة مثل الغول والعنقاء والخل الوفي، فما إن يتم تدريب المقاتل وتزويده بالسلاح حتى يتسرب خلال أسابيع من التنظيمات العسكرية المسماة 'الجيش الحر' إلى التظيمات الإسلامية وخصوصاً داعش والنصرة، بفعل التبعية المطلقة للجيش الحر مقابل الاستقلالية الواضحة للتنظيمات الإسلامية، وبفعل فروق الروح المعنوية والتسليح والمردود المادي والقدرة العسكرية وكل شيء تقريباً. ثالثاً، لا تأخذ الخطة في اعتبارها إلى أي مدى قد يمضي حلفاء النظام السوري في الدفاع عنه، وخصوصاً حزب الله الذي يعرف جيداً أن مثل هذه المسارات تعني اختناقه تدريجياً.خطورة هذه الخطة أردنياً هي أنها تعرض سلامة الجيش للخطر وللتورط في مستنقع يخشاه الجميع. وسلامة الجيش هنا ليست فقط مادية ومعنوية، ولكنها سلامة دولة بكاملها، فالجيش هو الضامن شبه الوحيد لبقاء الأردن في هذه الأمواج المتلاطمة، خصوصاً وأن الخطر الإرهابي الداخلي الكامن سينفجر إن عاجلاً أم آجلاً، وقد لا يمضي النصف الأول من العام 2015 دون أحداث جسام داخل الأردن. ربما هنا تحديداً يظهر وبشكل جلي مسوّغ التعديلات الدستورية الأخيرة، لتمرير أية قرارات غير شعبية في هذا الخصوص من ناحية التدخل العسكري البري في دول أخرى وعلى رأسها سوريا، أو ما تبقى منها. | |
|