التاريخ: تشرين الأول ٦, ٢٠١٤
المصدر: nowlebanon.com
رضا حزب الله المكلف - حازم صاغية
حين ظهر وزير الخارجيّة العونيّ على شاشة "المنار"، قبل يومين، بدا واضحاً أنّ خطى الحليفين ليست متساوقة تماماً.
ففي إجابات جبران باسيل عن الأسئلة الموجّهة إليه في شأن التحالف ضد "داعش"، كما في شأن التنسيق مع الجيش السوريّ، لاحت الفجوة واضحة.

فباسيل يريد للبنان أن ينخرط في هذا التحالف، بينما حزب الله، وعلى لسان أمينه العامّ، كان قد شهّر به (طبعاً لأنّ سوريّا وإيران لم تحظيا بمقعدين فيه). أمّا الحماسة لمبدأ التنسيق الأمنيّ والعسكريّ مع نظام الأسد، فواجهها وزير الخارجيّة بتبهيت المعنى والالتفاف عليه.

ما من شكّ في أنّ هذا التعارض لا يختصر العلاقة بين الحليفين المسيحيّ والشيعيّ، خصوصاً وأنّ صعود "داعش" فتح أبواباً جديدة لتوثيق الصلة بينهما. وهذا ما اشتغلت عليه أبواق إعلاميّة مقرّبة من حزب الله استثمرت في خوف المسيحيّين المبرّر من "داعش"، داعية إيّاهم إلى حمل السلاح على مقربة من سلاحي الحزب والنظام السوريّ.

مع ذلك يُلاحَظ أنّ قيام التحالف الدوليّ الناشئ يظهّر فارقاً بارزاً بين حساسيّتين: 

- واحدة (عونيّة) هي ضدّ "داعش" بالمطلق فيما تحدوها الرغبة في الاقتراب من "الغرب" من دون أن تدفع ثمناً داخليّاً يستفيد منه خصومها في 14 آذار. 

- وأخرى (حزب اللهيّة) يتحكّم بها الخوف على النظام السوريّ وبقائه فتُضطرّ اضطراراً إلى منح أولويّتها في العداء للولايات المتّحدة، وليس لـ"داعش".

وهذا تباين معرّض لأن يكبر في موازاة تطوّرات المنطقة، خصوصاً إذا ما مضى ميشال عون في مغازلة سعد الحريري ومن ورائه السعوديّة، سعياً وراء ثقل سنّيّ يؤيّد انتخابه رئيساً للجمهوريّة.

وسط هذه الغابة المحلّيّة والإقليميّة قد يغدو أصعب فأصعب على العونيّين إرضاء حزب الله الذي يغلب همُّه السوريّ كلَّ همّ آخر. لكنّ إرضاء الحزب يمسي أصعب فأصعب عند قطاعات أخرى موصوفة بالتحالف معه أو الالتحاق به. وهذا ما أوحى به ظهور الفنّان زياد الرحباني على التلفزيون، قبل ثلاثة أيّام على ظهور باسيل، منتقداً الحزب وغامزاً من قناة اغتيال القادة والمثقّفين الشيوعيّين في الثمانينات، من دون أن يفوته إبداء الانزعاج من الاحتكاريّة التي يمارسها الشقيق الأكبر.

ومن غير المستبعد أن ترتفع أصوات أخرى يعلن كلّ منها، ومن موقعه، كم أنّ نيل رضا حزب الله غدا مكلفاً. يعزّز هذا التوقّع أنّ الذين تعاملوا معه بوصفه "مقاومة لإسرائيل"، يتبيّن لهم أنّ وجهه الأقوى لا صلة له بعلّة وجوده المعلنة، وأنّ اللحاق بتحوّلاته الكبرى قد لا يستطيعه أيّ كان.