التاريخ: تشرين الأول ٥, ٢٠١٤
المصدر: موقع العربي الجديد
تسويق الواقع الحقوقي المغربي - الحافظ النويني
تعيش الحركة الحقوقية في المغرب، في هذه الأيام، أصعب أوقاتها، كما الذي كانت تعيشه في السبعينيات والثمانينيات. فقد شن وزير الداخلية المغربي، محمد حصاد، حرباً ضد مختلف الجمعيات الحقوقية في المغرب، الدولية منها أو الوطنية، فكان آخر ما قام به ضدها أن منع إحداها من تنظيم ندوة فكرية في مكان عام، بل وتم الاعتداء على بعض مناضليها. وكان المغرب قد أولى اهتماماً خاصا لحقوق الإنسان في دستور 2011، حيث خصص لها باباً من 22 فصلا وفصولاً في أبواب أخرى. لكن، تبين أن الاهتمام شكلي فقط، وليس له أي فاعلية على المستوى التطبيقي.

وأبانت التجارب التاريخية أن المغرب لم يسع، بتاتاً، إلى تحقيق قيم حقوق الإنسان فعلياً، وإنما كان استحضارها دائما ورقة لتجاوز أزماته الداخلية، ففي بداية التسعينيات، عندما أنشأ الملك الراحل الحسن الثاني المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة رسمية مهتمة بحقوق الإنسان، وحاول مصالحة اليساريين خصوصاً، وصولاً إلى حكومة التناوب، آنذاك، فقط من أجل المرور السليم والآمن للسلطة، وليتسلم مقاليد الحكم الملك محمد السادس، بشكل يضمن عدم حدوث شيء. وبالتالي، الغرض من الاهتمام بحقوق الإنسان ضمان التسلسل السليم للحكم. والشيء نفسه استعمل، من أجل تجاوز ما عرفه العالم العربي من حركات، فكانت السلطات المغربية سباقة لامتصاص غضب الشارع، والقيام بإطلاق ورشات إصلاح كبرى، في مقدمها مجال حقوق الإنسان، لكن لم تفعل بالشكل المطلوب حتى الآن.

ولا ينفك المغرب التصريح في كل المنابر الدولية بتوفره على ترسانة قانونية مهمة، تضمن احترام حقوق الإنسان، وعلى وصوله إلى مستويات متقدمة في هذا المجال، بالإضافة إلى إنشائه عدة مؤسسات مدسترة، مجال عملها الأساسي كل ما يتعلق بحقوق الإنسان، ويعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة رسمية، من أبرزها والتي لها حضور وازن على المستوى العالمي، ولكن، تبقى كل هذه الإجراءات شكلية، ومن دون أي فاعلية على الواقع، وخير دليل عدم تدخلها، الآن، فيما تعانيه الحركة الحقوقية في المغرب.

ويعد اعتماد المنتظم الدولي على تقارير المنظمات المغربية غير الحكومية في صياغة تقاريره عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب، نظراً لما تكتسبه من مصداقية عندها، مقارنة مع التقارير الرسمية، السبب الرئيسي في الهجمة التي تعانيها الحركة الحقوقية أخيراً، حيث رسمت كل هذه التقارير وضعية مزرية لحقوق الإنسان في المغرب، حيث كان التقرير الجديد لمنظمة العفو الدولية قد صنف المغرب ضمن الدول الخمس التي تستعمل التعذيب في عمليات الاعتقال والتحقيق في مخافر الشرطة، وطالبت المنظمة بوقف كل أشكال التعذيب، وقد قامت، في منتصف الشهر الماضي، بوقفة أمام البرلمان، من أجل حملة "أوقفوا التعذيب".

وكانت منظمة فريدوم هاوس قد صنفت، هي الأخرى، المغرب في المرتبة 147 في مجال الحريات والتعبير، والتي اعتبرت أن مواطني المغرب لا يتمتعون بحرية الصحافة والرأي، واستشهدت في تقريرها على نموذج الصحافيين علي أنوزلا وومصطفى الحسناوي. ولتقارير أخرى الرأي نفسه عن حقوق الإنسان في المغرب، لكن السلطات المغربية تعتبر هذه التقارير "غير ذات مصداقية"، بحسب وصفها، وأنها تعتمد على تقارير الجمعيات الحقوقية غير الحكومية فقط.