التاريخ: آذار ٦, ٢٠١٤
المصدر: جريدة الحياة
يستطيع اليمنيون منع القرار 2140! - لطفي نعمان
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 الصادر في 26 شباط 2014، أعاد "تأكيد الالتزام الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية". ووجه تحيةً لمن يسروا "سبل التوصل إلى نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل بمشاركتهم البناءة"، معرباً عن دعم مخرجاته باعتبارها "خريطة طريق" للانتقال من "الدولة الوحدوية إلى الدولة الاتحادية"، كما أتى مسانداً لاستمرار الرئيس عبدربه منصور هادي لتولي تنفيذ تلك المخرجات لحين اجراء انتخابات في توقيت مناسب، هذا بالتزامن مع نشوء "لجنة الجزاءات" التي ترصد أجواء التسوية السياسية.
 
القرار 2140 لم يبعد بعباراته كثيراً عن مضمون القرارين 2014 (ورقمه أيضاً) و2051 المُوجِهَين للتطورات اليمنية منذ توقيع المبادرة الخليجية بمدينة الرياض في 23 تشرين الثاني 2011 مروراً بمحطة التغيير الثانية المتمثلة بانتخاب رئيس الجمهورية منصور هادي يوم 21 شباط 2012. ثم مواكباً لتحضيرات مؤتمر الحوار.

ونظراً الى في الحالة اليمنية من ظواهر و"كوامن"، فقد قرر مجلس الأمن الدولي أنها تُشكل "تهديداً للأمن والسلم الدوليين في المنطقة"، حتى يتصرف "بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".

من دون شك، بعث إيراد ذكر "الفصل السابع" مخاوف المُستَريبين سراً وعلناً. فاستدعوا نَظْمَ: قُمْ "للقرار" وَفِّهِ "التنفيذا" كاد "العقاب" أن يكون "وشيكا". وفي قول آخر: كاد "القرار" أن يكون "صميلا"! لكن من تابعوا القرارات والبيانات الأممية في التطورات اليمنية، لم يفاجئهم القفز الدولي السريع إلى ذلك الفصل الأممي، إذ سبق لبيان رئاسي صادر عن مجلس الأمن في 15 شباط 2013 إبداء "استعداد المجلس النظر في اتخاذ تدابير أخرى منها تطبيق المادة 41" من الفصل "المُرْعب" على معرقلي التسوية السياسية! والتسوية السياسية معرقلوها كُثُر كما تُثبت الوقائع وتُوجِّه المصالح وتقود الأهواء، حتى كَبَحَتْ سير - بل تشكيل - لجان مهمة نصت عليها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، كما أعاقت الوصول إلى دستور جديد وإجراء الانتخابات حسب الأزمنة المحددة في الآلية المزمنة وتنويهات بيانات وقرارات أممية سابقة بضرورة اكتمال تنفيذ اتفاق التسوية السياسية والالتزام بالمواعيد وعدم المخالفة أو التجاوز. غير أن الضرورات والتطورات تبيح التجاوزات!

تطورات الأمر الواقع بما ينطوي عليه من مطامح بشرية، ويطوي أيضاً من صفحات مدونة بما لها وعليها في التاريخ، لم يختفِ معه البتة توقع الديبلوماسيين والمراقبين استحالة تطبيق كامل بنود اتفاق التسوية السياسية طبقاً للنصوص المزمنة والمبرمة بين أطراف متربصة ببعضها. وبدلاً من التربص السياسي المتبادل الذي يتيح تطبيق "فصل" دولي بين "المتربصين"، مع كل الاحترام الدولي للسيادة الوطنية بالطبع (...)، يكون خليقاً بالساسة أن ينزعوا من نفوسهم "ألغام" تطبيق أي فصل - شوهد عربياً وأفريقياً - بالتعاون الجاد والسير المخلص في طريق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واستكمال مهمات المرحلة الانتقالية التي لا يُرجى امتداد "سلبياتها" البادية للعيان. بذلك وحده يكون سابع فصول الأمم المتحدة - كما معظم محتويات باقي قرارات مجلس الأمن الدولي ونصوص الاتفاقات السياسية - غير قابل للتطبيق "الكامل" في اليمن، مثل غيره من البلدان.

ومما يعطي انطباعاً واحتمالاً بعدم التطبيق "الكامل" للقرار في اليمن مثل غيره من البلدان، ليس محاولة الساسة الأفاضل في الداخل، تقوية الوضع "الهش" - كما يصفه دائماً المستشار الخاص لأمين عام الأمم المتحدة السيد جمال بن عمر- للحيلولة دون المزيد من التوغل في الشأن الداخلي، بل عدم الإيفاء الخارجي بوعود المساندة الاقتصادية والإنسانية لإخراج البلد من حالته الاقتصادية التي لطالما نبهت إليها القرارات الأممية إثر إحاطات السيد بن عمر التي تتبنى الحالات الإنسانية والسياسية.

كذلك، قَرَعَ القرارُ 2140 كالقرارين 2014 و2051 جرس إنذار من تفاقم الوضع الاقتصادي والأمني وما يتطلبه من جهود "حكومية" مكثفة لتنفيذ إصلاحات في هذين الجانبين، وهو ما ينشغل عنه (وبه) المعنيون جراء التأثيرات السياسية المضنية للجميع. والمؤسف أن تلك التأثيرات لا تُعرقِل تسويةً سياسية فحسب إنما تُعرقل كذلك طريق الحياة بتعويق مكونات المستقبل، وهم الأطفال الذين جرى تجنيدهم في "مناطق تحت سيطرة جماعات مسلحة" حسب إشارة القرار إلى انخراط القوات الحكومية والميليشيات المسلحة في "تجنيد الأطفال" على حد سواء، وهو أمرٌ يخالف قرارات أممية متخصصة في هذا الشأن تضمن أرقامها القرار الأممي الأخير الذي طالب الحكومة اليمنية "توقيع وتنفيذ خطة عمل تمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في القوات الحكومية".

فحتى يكون بيد اليمنيين بناء اليمن الجديد ومنع تطبيق القرار الأممي على الأرض، هلاّ اعتنى المعنيون بتجنيب الأطفال "بناة الغد" صراعات اليوم، وتحسين الوضعين الاقتصادي والأمني، لينطوي الماضي بما نؤسسه لمستقبلنا في حاضرنا القريب، تحاشياً لوقوع "الفصل" البعيد، أم أن ذلك – كذلك - يطابق توقعات التطبيق "الجزئي" للقرار الأممي في اليمن مثل غيره من البلدان؟!‬
 
كاتب يمني