التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
رو لـ"النهار": المحكمة ستشهد نشاطاً مكثفاً قبل المحاكمة
وليكن للدفاع وقته للتحقيق والمحاكمة الغيابية أصعب

كلوديت سركيس

كشف رئيس مكتب الدفاع لدى المحكمة الخاصة بلبنان فرنسوا رو ان "جلسات ستعقد قريبا جدا وبانتظام أمام قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرنسين بين المدعي العام وفريق الدفاع لتقويم تقدم الإجراءات". وقال في حديث الـ"النهار" ان "المحاكمة الغيابية أصعب بكثير بالنسبة الى فريق الدفاع"، مشيرا الى ان "الدفاع في حاجة الى وقت لتحليل الملف الواسع للمدعي العام، وسنرى في الأسابيع أو الأشهر المقبلة نشاطا قضائيا مكثفا في المحكمة يسبق بدء المحاكمة".

 

¶ بعد تقريري المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا المتعلقين بعدم العثور على المتهمين، هل تعتقد انهم سيمثلون أمام المحكمة؟
- ان تقريري المدعي العام لا يشيران الى أي توجيهات في شأن هذه المسألة. هما حالة من الإجراءات تنفذها السلطات اللبنانية وتحديدا إبلاغ الأشخاص المتهمين وطلب مثولهم. فهما لا يعطيان اي توجيهات لجهة معرفة ما اذا كان المتهمون قرروا. ولا أحد يعرف ذلك.


¶ تردد كلام في لبنان عن عدم العثور عليهم؟
- تعلمون ان قاضي الإجراءات التمهيدية أصدر مذكرات توقيف وأحالها على السلطات اللبنانية التي يجب ان تحاول وضعها موضع التنفيذ. ونحن على مستوى مكتب الدفاع لا نؤيد هذه المذكرات. ونعتقد ان ما كان مهما في مرحلة اولى هو إخطار المتهمين بالقرار الاتهامي من السلطات اللبنانية. لذا فإن تقريري المدعي العام ميرزا سريَان ويُعلم فيهما المحكمة بالتدابير التي اتخذت لإشعار المتهمين. وهذا لا يعني اطلاقا ان المتهمين سيأتون الى المحكمة ام لا. هما يتناولان تفاصيل ما فعلته السلطات اللبنانية من أجل إشعار المتهمين بالقرار الاتهامي فحسب.


¶ هل تعلم بمضمونهما؟
- نعم، انما في اطار الإجراءات حيث للغرفة الابتدائية في المحكمة، ان رغبت في ذلك، ان تطلب من المدعي العام للمحكمة ومكتب الدفاع ابداء رأييهما في الخطوات التي قامت بها السلطات اللبنانية. إذاً ثمة امكان لمناقشة تقارير السيد ميرزا. وحتى الآن هذه الإجراءات سرية.


¶ ما رأيك في الجزء الذي نشر من القرار الاتهامي؟
- تعلمون انه ليس من مهمة مكتب الدفاع ان يشارك في الوقائع في نفسها، انما في حضور فريقه قانونيا ولوجيستيا ومناقشة القرار الاتهامي. أنا محام وكذلك السيدة عليا عون (مساعدة رئيس مكتب الدفاع) محامية، ولدينا أفكار لن نكشف عنها في هذه المرحلة. والمحامون الذين سيعينهم مكتب الدفاع يرغبون في تقاسم مشاعرهم، وأعتقد انهم سيحتفظون بها للقضاة. فالعمل الأول للمحامين هو التوجه الى القضاة.


¶ ما دور مكتب الدفاع في المحاكمة الغيابية؟
- المحاكمة الغيابية اصعب بكثير بالنسبة الى فريق الدفاع. فأن تكون محاميا هو أن تحمل كلمة المتهم. والمحامون يتمنون التحدث مع موكلهم لمعرفة وضعه وترجمته للوقائع ليتمكن من التعبير أمام القضاة. لذا عدم وصول المحامي الى موكل يشكل مهمة صعبة. وفي هذا الوضع الخاص يقع على عاتق مكتب الدفاع دور مهم في مساعدة فريق الدفاع في مهمته. نحن نتحضر لمساعدة هذا الفريق للاضطلاع بالمهمة على أحسن وجه. وأذكرك بأن ليس هناك قاضي تحقيق أمام المحكمة الخاصة بلبنان، والقرار الاتهامي يمثل وجهة نظر المدعي العام فحسب. لقد أجرى تحقيقا اتهاميا ويعود حاليا الى المحامين الذين سنسميهم ان يجروا تحقيقا... سيكون ذلك صعبا عليهم اذا لم يتمكنوا من المناقشة مع موكليهم وتزويدهم المعلومات المهمة لإجراء تحقيقهم. انما العمل الصعب لا يعني أنه مستحيل. وسيقوم المحامون الذين سنسميهم بهذا العمل، وسنكون الى جانبهم لمساعدتهم وتقديم المشورة لهم ربما، في اطار التحقيق في الاتهامات. والمرحلة الأولى هي أن يدلي المدعي العام أمام المحكمة بكل عناصر الأدلة ويُحضر شهودا وخبراء. وقد تستغرق هذه المرحلة أسابيع أو اشهر، وستكون خلالها مهمة وكلاء الدفاع تحدي صدقية الأدلة التي يثيرها المدعي العام واختبارها. لذا يقتضي ان يجري المحامون تحقيقا ويكونوا على علم كامل بملف المدعي العام، وما اذا كان تضمن أخطاء. وعندما سيقدم المدعي العام عناصر الأدلة يعود الى المحامين مناقشتها وفق مبدأ الخصومة، وكل ذلك سيتم في جلسات علنية.


¶ كيف تفسر المشاركة الخجولة للمحامين اللبنانيين في مكتب الدفاع؟
- ثمة كثر من المحامين اللبنانيين ممن قرروا تسجيل اسمائهم في اللائحة وخصوصا بعد ورشتي العمل اللتين عقدتا في البترون وبيروت. ونحن سعداء لذلك. وأعتقد أنه منذ نشر القرار الاتهامي أدرك محامون جيدا ما يجب ان يكون عليه دورهم أمام هذه المحكمة. وانا على ثقة أنه يمكن ان يكون في مكتب الدفاع محامون لبنانيون ذوو خبرة.


¶ ما عددهم؟
- هم في تزايد. وثمة محامون تسجّلوا في لائحة قسم الضحايا والمتضررين عارضين الدفاع عن الضحايا، مثلما هناك محامون عرضوا الدفاع عن المتهم. هذا أمر جيد ويجب ان يستمر. وستبقى لائحة المرشحين مفتوحة طوال مدة المحاكمة، ويمكن المحامين اللبنانيين تقديم ترشحهم في اي لحظة.


¶ ما تأثير الحكم الغيابي على المتّهمين؟
- ثمة تأثير. هي المحاكمة نفسها التي ستسمح بمعرفة عناصر الأدلة للمدعي العام، مما سيفسح المجال لمناقشة حقيقية للخصومة في صددها. وفي نهايتها يُصدر قرارا قضائيا، إما ان يكون الحكم بالبراءة إن رأت المحكمة ان عناصر الادلة للمدعي العام ليست كافية للادانة، وهذا يمكن ان يحصل في محاكمة غيابية، واما ان تكون ثمة ادلة، فتصدر عقوبة، ويكون اثرها مشابها قليلا لمذكرة التوقيف. وهذا يعني ان قرارا قضائيا صدر، وذكر ان هذا الشخص مذنب وحكم عليه بالحبس كذا سنة. وفي هذه الشروط يبقى مفعول مذكرة التوقيف ساريا ما دام الشخص المعني بالعقوبة لا يحضر ويُعتبر فارا. ولكن اذا قرر الحضور او اوقف فله الحق بأن يطلب اعادة المحاكمة. وهذا جزء من القواعد الاساسية للمحاكمة الغيابية.


¶ ما اهمية دور مكتب الدفاع في المحكمة؟
- إن انشاء مكتب الدفاع هو بفضل لبنان الذي سمح بخطوة رئيسية للعدالة الجنائية الدولية. وسعوا في ذلك الى معالجة عدم التوازن من خلاله، بأن جعلوا للمتهمين سلاحا متساويا مع مكتب المدعي العام. وسنرى من خلال التجربة ان كانت لدينا الوسائل المادية الكافية لاعطاء هذا التساوي في السلاح، والوقت الكافي لتحضير فريق الدفاع مهمته. فمهم ان يقوم المحامون بتحقيقاتهم في الشروط نفسها التي مكنت المدعي العام من القيام بتحقيقاته، وضرورة ان يكون للمحامين فريق على المستوى نفسه لفريق المحققين التابعين للمدعي العام، وهذا شرط لتكون المحاكمة عادلة.


¶ ومتى تبدأ المحاكمة؟
- لم نصل بعد الى المرحلة التي تدقق فيها المحكمة في ادلة المدعي العام. نحن نتحدث عن مرحلة اولى قدم فيها ادلته. وعندما يصدر القرار الاتهامي يجب ان يكون للدفاع وقته ليقوم، هو بنفسه، بتحقيقاته. وسيكون لقاضي الاجراءات التمهيدية قريباً مهمة دفع الامور الى الامام حتى لا تطول التحقيقات من جهتي المدعي العام الذي يتابع تحقيقاته، والدفاع. وكذلك امامه تحضير الملف لاحالته على المحكمة. وستعقد قريباً جداً، وبانتظام، جلسات امام قاضي الاجراءات التمهيدية بين المدعي العام وفرق الدفاع لتقويم تقدم الاجراءات، ثم سيتقدم المحامون سريعاً بطلبات عن مسائل تمهيدية ومسألتي الصلاحية وشرعية المحكمة ومسائل تتصل بالقرار الاتهامي نفسه. هذه امور ستناقش كلها امام قاضي الاجراءات التمهيدية بالنسبة الى بعضها او امام الغرفة الابتدائية بالنسبة الى بعضها الآخر. وقد يتخلل ذلك طعون امام غرفة الاستئناف. وما استطيع قوله انه اعتباراً من اليوم، وسريعاً جداً في الاسابيع او الاشهر المقبلة، سنرى نشاطاً قضائياً مكثفاً في المحكمة يسبق بدء المحاكمة.


¶ وهل تتطلب هذه المرحلة الوقت؟
- ستأخذ الوقت اللازم. لقد حققت لجنة التحقيق الدولية والمدعي العام على مدى ستة اعوام. وعمل عشرات المحققين على الارض. واتصور ان الدفاع هو ايضاً في حاجة الى وقت لتحليل ملف المدعي العام الكبير الذي يتضمن آلاف الوثائق. وللدفاع الحق في الاطلاع عليها كلها وتحليلها والاستعانة بخبراء مثلما استعان المدعي العام بخبراء. وهذا كله عمل تحضيري يشبه قليلاً مرحلة التحقيق امام قاضي التحقيق في لبنان او في فرنسا.
ما يمكننا قوله في هذه المرحلة، وسبق ان ذكرته واعتقد ان من المهم الاصرار عليه، هو اسداء نصيحة للمتهمين باستشارة المحامي الذي يريدونه. هذا اول ما يجب ان يفعله متهم امام محكمة. فإن كنت مريضاً علي استشارة طبيب. والوضع نفسه عندما يتعلق الامر بقرار اتهامي ومذكرة توقيف صادرين عن محكمة دولية، فهما امر مهم. وهذا لا يعني ان احداً مذنباً، بل على العكس يعني انه يجب ان ينظّم المتهم دفاعه، والوسيلة الفضلى لذلك هي استشارة المحامي. فهو وحده يمكنه ان يساعده في هذه الظروف. وثمة محامون كبار في لبنان. ادعو المتهم الى الاستعلام عن حقوقه من المحامي الذي يريده واذا كان لا يعرف فيمكنه التواصل معي مباشرة بطلب الخط الهاتفي الخاص بمكتب الدفاع، فأسديه كل النصائح للاتصال بمحام من لائحة مكتب الدفاع. وان اراد محاميه الاتصال بي فأرحب به، ولدى مكتب الدفاع لائحة محامين يتمتعون بخبرة عالية ويعرفون الاجراءات امام المحاكم اللبنانية والدولية لتأمين دفاعه. الوقت الآن بعد صدور القرار الاتهامي هو للدفاع، وعلى المتهمين تنظيم دفاعهم. وفي حال لم يفعلوا سأسمي محامين وأضمن انهم سيكونون من افضل المحامين، ولكن مرة جديدة اقول لا شيء يمكنه الحلول مكان كلمة يمكن متهماً ان يقولها للمحامي.