التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
فوز تاريخي ليمنيّة وليبريتَيْن بجائزة نوبل للسلام
توكل كرمان: انتصارٌ للثورة وإهداءٌ لمصر وليبيا وسوريا

جائزة تاريخية بكل المقاييس، نسائية بامتياز، تحمل رسائل في أكثر من اتجاه، فهي انتصار لدور النساء في حل النزاعات، وتحية لـ"الربيع العربي". ثلاث نساء تقاسمن أمس "نوبل للسلام"، بينهن العربية الأولى تفوز بها، الناشطة اليمنية توكل كرمان، أحد رموز الثورة اليمنية والانتفاضات العربية، ومعها رئيسة ليبيريا إيلين جونسون-سيرليف ومواطنتها ليما غبووي المناهضة لاستخدام الإجهاض سلاحاً في الحروب.

 

قال رئيس لجنة الجائزة في اوسلو ثوربورن ياغلاند: "لا يمكننا تحقيق الديموقراطية والسلام الدائم في العالم إلا اذا حصلت النساء على الفرص نفسها التي يحصل عليها الرجال للتأثير على التطورات على كل مستويات المجتمع". وأضاف أن النساء الثلاث كوفئن على "نضالهن السلمي من أجل ضمان الأمن للنساء وحصولهن على حقوقهن للمشاركة الكاملة في عملية بناء السلام".
وعن فوز كرمان قال إن "الربيع العربي لا يمكن أن يكون ناجحاً إذا لم يُدخل النساء فيه". وأوضح أن اختيار الناشطة اليمنية يشير إلى دور النساء والإسلام في ثورات العالم العربي، لكونها من أعضاء مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي، وهو على صلة بـ"الاخوان المسلمين"، "الجماعة التي يراها الغرب تهديداً للديموقراطية. وأنا لا أعتقد ذلك. هناك الكثير من الإشارات إلى أن تلك الحركة قد تكون جزءاً مهماً من الحل".


وأقر بأنه كان صعباً اختيار رمز لثورات العالم العربي، وخصوصاً بين المدونين الذين اضطلعوا بدور في مواكبة الاحتجاجات، قائلا: "لم يكن سهلاً بالنسبة إلينا اختيار شخص من مصر أو آخر من تونس، لأنهم كثر. ولم نكن نريد أن نقول إن أحدهم أكثر أهمية من الآخر. أدخلنا الربيع العربي في الجائزة، لكننا وضعنا الأمر في إطار محدد. إذا فشل المرء في إدخال النساء في الثورة وفي الديموقراطيات الجديدة، لن تكون هناك ديموقراطية". كما أن كرمان "بدأت نشاطها قبل الثورة في تونس ومصر. هي امرأة شجاعة في اليمن منذ زمن طويل".


لليمن وكل الثورات
وأهدت الفائزة اليمنية المولودة في 7 شباط 1979 في محافظة تعز، جائزتها الى ناشطي "الربيع العربي" ومواطنيها الثوار.
وقالت لقناة "العربية" الفضائية السعودية من ساحة التغيير في صنعاء: "أنا سعيدة جداً، هذا تكريم لكل العرب والمسلمين والنساء". وصرحت لقناة "الجزيرة" الفضائية القطرية: "إن مشروع الحرية والكرامة للشعوب العربية أصبح شيئا يعترف به عالمياً. لن يهزمنا لا (الرئيس اليمني علي) عبدالله صالح ولا (نظيره السوري) بشار الاسد ولا غيرهما من الديكتاتوريين في وطننا العربي".
وأكدت لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" أن الجائزة "اعتراف من المجتمع الدولي بهذه الثورة وحتمية انتصارها". وقالت لـ"الأسوشيتد برس": "لا تقلقوا على اليمن، اليمن بدأ ثورته بالسلام، وسينهيها بالسلام، وسيبدأ دولته المدنية بالسلام".


وجاء في بيان أصدرته وحصل عليه مراسل "النهار" أبو بكر عبدالله: "أهديها لليمن، ولمصر وليبيا ولكل بلدان الربيع العربي والأحرار في العالم وللشعب اليمني الذي أثبت سلميته، وأنه بفطرته سلمي، رغم امتلاكه ترسانة من السلاح... هذه الجائزة تعلن بداية مرحلة جديدة لنهاية المخلوع صالح بتجميد أرصدته قريباً وسيزج ونظامه العائلي ومن اشتركوا في القتل في السجون".
وكان زوجها محمد اسماعيل النهمي إلى جانبها يتلقى التهاني، معتبراً أن "هذه هي الجائزة التي تستحقها. قبل أن تكون زوجتي، هي زميلتي ورفيقتي في النضال". ولهما ثلاثة أولاد، وهما يقيمان معاً في خيمة في ساحة التغيير هرباً من ضغوط رجال النظام الذي جاؤوا اكثر من مرة الى منزلها لإخافتها.


"المرأة الحديد" و"أم الثورة"
وتوكل كرمان ناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال مجموعة "نساء صحافيات من دون قيود" التي أسستها عام 2005، وهي كانت تنظم منذ عام 2007 احتجاجات خارج المقار الحكومية في صنعاء، للمطالبة بحقوق أكبر للنساء ووقف ملاحقة الصحافيين. وكتبت مقالات في تلك الفترة تطالب بإسقاط علي صالح.
ووالدها عبدالسلام كرمان كان وزيراً للشؤون القانونية واستقال احتجاجاً على فساد الحكومة. ويقول عنها إنها المتمردة الوحيدة بين أبنائه. وعلق على فوزها بأنها "أحسَنت عملاً، وأتمنى ان تكون هذه الجائزة فاتحة مرحلة جديدة في نضالها".
وتخرجت كرمان من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء وحصلت على بكالوريوس في التجارة عام 1999، ثم الماجستير في العلوم السياسية، كما نالت دبلوم تربية، ودبلوم صحافة استقصائية من الولايات المتحدة الأميركية.


وفور الإعلان عن فوزها، عمت الفرحة الشبان المعتصمين في ساحة التغيير، بينما لم يصدر اي تعليق عن وسائل الاعلام الرسمية.
وكان لكرمان دور كبير في اطلاق حركة الاحتجاج المطالبة برحيل علي صالح بعد سقوط نظيره التونسي زين العابدين بن علي. وأثار توقيفها في 23 كانون الثاني موجة احتجاجات.
وهذه السنة اختارتها مجلة "تايم" وقراؤها في المرتبة الـ13 في لائحة أكثر مئة شخصية تأثيرا. وصنفتها منظمة "مراسلون بلا حدود" بين سبع نساء أحدثن تغييراً في العالم.
يلقبها اليمنيون "المرأة الحديد" و"أم الثورة". وهي كسائر النساء اليمنيات، كانت ترتدي النقاب، لكنها تخلت عنه العام الماضي واكتفت بالحجاب، "لأنني أريد أن أكون وجهاً لوجه مع زملائي الناشطين". لكن مشاركتها في التظاهرات أثارت انتقادات داخل حزبها، وهاجمها رجال دين في خطب الجمعة، كما أنها معروفة بتصديها للتيار السلفي داخل الحزب.


غبووي وإيلين جونسون - سيرليف
وفي المقابل، علقت غبووي (39 سنة) على منحها الجائزة: "إنها جائزة نوبل للافريقيات، إنها جائزة للنساء عموماً، ولكن خصوصاً لنساء افريقيا".
ورأت جونسون - سيرليف (72 سنة)، وهي الرئيسة الأولى المنتخبة ديموقراطياً في افريقيا، أن الجائزة هي "لكل الشعب الليبيري". لكن خصمها الرئيسي ونستون توبمان الذي ينافسها في الانتخابات الرئاسية الثلثاء، رأى أنها "لا تستحق جائزة نوبل للسلام، لأنها ارتكبت العنف في هذه البلاد".
وتقدم الجائزة في 10 كانون الاول في اوسلو، وهو تاريخ وفاة مؤسسها الصناعي ألفرد نوبل. وهي تتضمن ميدالية وشهادة ونحو مليون أورو توزع على الفائزات الثلاث.


مواقف
وأشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون بالنساء الثلاث، قائلا إنه "لا يمكن ان يكون هناك خيار افضل".
ووصف رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل دوراو باروسو الفوز بأنه "نصر لافريقيا ديموقراطية جديدة ولعالم عربي ديموقراطي جديد".
وهنأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الفائزات، وخصوصاً كرمان.
وأشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالنساء "الاستثنائيات".
وحيت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية "دور توكل الرائد في النضال السلمي من أجل حماية حقوق المرأة اليمنية والعربية".
(أ ب، و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ، "النهار")