أدلى الناخبون البحرينيون باصواتهم للتجديد لمجلس النواب والمجالس البلدية، في انتخابات أجريت فيما يتصاعد التوتر الطائفي في المملكة الخليجية الصغيرة التي يسيطر حكامها جيدا على عملية اتخاذ القرار، وفي خضم محاكمة ناشطين شيعة وارتفاع اصوات في المعارضة الشيعية تطالب بألا تكون السلطة "حكرا" على الاسرة الحاكمة. وأغلقت مكاتب الاقتراع الساعة 20,00 بالتوقيت المحلي، وأورد التلفزيون الرسمي أن فرز الاصوات بدأ، لافتا الى ان النتائج الاولية ينتظر اعلانها خلال "الساعات المقبلة". وسجلت حركة اقبال كبيرة ولاسيما في الدوائر التي فيها مرشحون من المعارضة، الا ان ناخبين شكوا عدم وجود اسمائهم في لوائح المقترعين. لكن عضو اللجنة العليا للاشراف على سلامة الانتخابات خالد عجاجي نفى وجود اعداد كبيرة من الناخبين الذين لم يجدوا اسماءهم في الكشوف، قائلا ان "اعداد هؤلاء محدودة وغير مؤثرة والخطأ يعود اليهم لانه كانت هناك مدة زمنية للتأكد من اسماء الناخبين من 21 آب الماضي الى 27 منه " .
وصرح وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد آل خليفة بأنه "ما من انتخابات في العالم ليس فيها شكاوى"، معتبرا ان "الشكاوى امر ليس مقتصراً على البحرين بل نراه في جميع دول العالم". واضاف: "هذه ثالث انتخابات على التوالي تجرى في مواعيدها في البحرين(...) هناك دول تغلق مراكز الاقتراع جراء اعمال عنف. ليس عندنا شيء من هذا في البحرين، والناخبون يصوتون بكل حرية وسلاسة (...) هذا انجاز بذاته ودليل كبير على ان ديموقراطيتنا تسير في طريقها الصحيح".
وردا على سؤال، اعتبر الوزير البحريني ان توقيف ناشطين شيعة قبيل الانتخابات "لا يرتبط بالانتخابات الا في التوقيت فقط"، مشددا على ان "لا احد يستطيع التحكم في توقيت الجريمة، وان امن المواطن ليس قضية سياسية ويمكن توقيف اي جريمة حتى قبل الانتخابات بساعة لو تطلب الامر".
من جهته، أكد المدير التنفيذي للانتخابات نواف المعاودة ان "عملية عد الاصوات وفرزها ستكون داخل مراكز الاقتراع، وسيتم اعلام جميع الحضور من المرشحين والصحافيين بالنتيجة داخل مراكز الاقتراع قبل تحرك الصناديق الى المراكز الاشرافية" . وهذه الانتخابات هي الثالثة منذ عودة الحياة البرلمانية الى المملكة في 2002. ودعي نحو 318 الف ناخب للادلاء بأصواتهم للاختيار بين 127 مرشحا بينهم ثماني نساء، ينتمون بغالبيتهم الى جمعيات سياسية، لكن بينهم ثلاثين مستقلا. وتنافس المرشحون على 35 من اربعين مقعدا في مجلس النواب. وفاز بالمقاعد الخمسة المتبقية مرشحون بالتزكية.
وأجريت الانتخابات بينما تشهد البحرين محاكمات لناشطين شيعة تتهمهم السلطات بالتآمر على نظام الحكم في المملكة ذات الغالبية الشيعية والتي تحكمها اسرة آل خليفة السنية منذ 1783. واكد الامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية المعارضة التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي الشيخ علي سلمان ان هذه الاعتقالات "كان لها تاثير سلبي" على الانتخابات. ودعا الى "تعزيز العمل السياسي وليس الامني لوضع حد للعنف والتطرف". ويرأس رجل الدين الشاب كتلة من 17 نائبا في المجلس المنتهية ولايته ويعرب عن الثقة بالفوز بـ18 مقعدا من أربعين في المجلس الجديد. ودعا الى "حل سياسي" لقضية الناشطين ال23 الذين سيمثلون للمرة الاولى امام المحكمة في 28 تشرين الاول بتهمة التآمر على نظام الحكم في المملكة الدستورية الصغيرة. وتدعو جمعية الوفاق ايضا بشكل علني الى الا تكون السلطة في البحرين "حكرا" على الاسرة الحاكمة، وتتطلع الى وصول رئيس وزراء من خارج الاسرة لكنها تؤكد تمسكها بالملكية الدستورية في البلاد.
ويسيطر أبناء الاسرة على المناصب الوزارية الرئيسية ومنصب رئيس الوزراء الذي يشغله الامير خليفة بن سلمان ال خليفة منذ استقلال البلاد في 1971. وقال رئيس الوزراء في مركز اقتراع في الرفاع جنوب المنامة حيث كان يدلي بصوته: "نؤكد للجميع تعاوننا مع السلطات التشريعية بما فيه فائدة البلد وحمايته من كل مكروه والتعاون بين السلطات سيزداد". ونفى وجود معارضة في المملكة، مؤكداً "اننا شعب واحد وتوجهنا واحد لخدمة البلد وخدمة ملكها (...) نحن لسنا من الدول التي لها معارضة، عندنا شعب واحد وآراء فيها اختلاف هنا وهناك".
وكانت المعارضة حذرت كذلك من إمكان حصول تزوير في عشرة مراكز اقتراع مثيرة للجدل تسمّى مراكز الاقتراع العامة. وهذه المراكز غير مرتبطة بدائرة انتخابية معينة، وتتيح للناخبين غير الموجودين في دائرتهم الاقتراع. واكدت المنامة مرارا رغبتها في المضي قدما بالاصلاحات التي اطلقت في البلاد في 2001 حين أقرت عودة الحياة البرلمانية بعدما علقت في 1975. وبموجب هذه الاصلاحات، باتت البحرين تتمتع ببرلمان من مجلسين، احدهما للنواب المنتخب والثاني مجلس الشورى المعين من الملك ويضم عدد المقاعد نفسها. وكانت المعارضة قاطعت الانتخابات في عام 2002 احتجاجا على وجود مجلس الشيوخ الذي يمكن ان يعرقل مبادرات مجلس النواب. وما زالت تطالب بتعديل الدستور. وتندد المعارضة الشيعية بوجود مجلس الشورى وتطالب بمجلس نواب يتمتع "بصلاحية اشتراعية ورقابية كاملة".
وحذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاربعاء من "العودة الى التسلط" في البحرين، وقالت "الحكومة سيطرت على جمعيات واغلقت وسائل اعلام(...) لاسكات المنتقدين". اما منظمة العفو الدولية فقالت في 11 تشرين الاول ان نحو 250 معتقلا شيعيا يواجهون امكان تعرضهم للتعذيب.
و ص ف، رويترز
|