التاريخ: كانون الأول ٣, ٢٠١٠
 
برلمان 2010 يرسم خريطة لانتخابات الرئاسة ... لا فرص للمستقلين

الجمعة, 03 ديسيمبر 2010
القاهرة - أحمد رحيم


بات مؤكداً بعد إجراء انتخابات مجلس الشعب المصري أن مشهد الانتخابات الرئاسية سيتصدره مرشحو الحزب الوطني الحاكم في ظل انسداد القنوات أمام ترشيح أي من المستقلين. ومعروف أن انتخابات مجلس الشعب كان لها أهمية استثنائية، إذ يتحدد وفقاً لنتائجها الأطراف التي يجوز لها الترشح في انتخابات الرئاسة. فالمادة 76 من الدستور تشترط لقبول أوراق أي مرشح مستقل «أن يؤيده للترشح 250 عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى (البرلمان) والمجالس الشعبية المحلية للمحافظات». وهو شرط يصعب على أي من الشخصيات العامة في مصر الوفاء به في ظل سيطرة الحزب الوطني الحاكم على البرلمان بمجلسيه، إذ يمتلك الحزب الحاكم غالبية كاسحة في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي يخلو من أي عضو من جماعة الإخوان المسلمين، كما تكرر الوضع نفسه مع مجلس الشعب المقرر أن تجرى انتخابات جولة الإعادة فيه يوم الأحد المقبل وسط انسحاب مرشحي الإخوان وحزب الوفد لتترسخ سيطرة الحزب الحاكم عليه أيضاً، وهو الوضع ذاته بالنسبة للمجالس المحلية. ومن ثم فإن ترشح أي من المستقلين في انتخابات الرئاسة المقبلة بات أمراً مستحيلاً.


أما بالنسبة للأحزاب، فيجوز لكل حزب من الأحزاب السياسية، التي حصل أعضاؤها بالانتخاب على مقعد على الأقل في أي من المجلسين (مجلسي الشعب والشورى) في آخر انتخابات، أن يرشّح في أي انتخابات رئاسية تجرى خلال عشر سنوات، أحد أعـضاء هـيـئته الـعـليا مـتى مضت على عضويته في هذه الهيئة سنة متصلة على الأقل.


ومن ثم فإن طرح مرشحين في انتخابات الرئاسة سيقتصر على أحزاب «الوطني»، و «الوفد»، و «الناصري»، و «التجمع»، و «التكافل»، و «الخضر»، و «الجيل»، و «العدالة الاجتماعية»، و «الغد»، و «الدستوري». وكلها أحزاب هامشية لا شعبية كبيرة لها في الشارع عدا الحزب الحاكم وأحزاب «الوفد» و «التجمع» و «الناصري»، لكن الأحزاب الثلاثة الأخيرة المعارضة لا تملك أيضاً قاعدة جماهيرية عريضة تمكنها من المنافسة في انتخابات الرئاسة. ومن ثم فإن الحزب الحاكم ضمن تصدر المشهد الانتخابي الأهم في تاريخ مصر الحديث «فمرشح الحزب سيكون قطعاً هو الرئيس القادم لمصر»، خصوصاً أن أمر ترشح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي بات مستبعداً، إذ لا يستطيع تأمين الكوتا الكافية لترشحه مستقلاً في ظل سيطرة الحزب الحاكم على المجالس البرلمانية مجتمعة بعد أن خرجت جماعة «الإخوان المسلمين» خالية الوفاض من الجولة الأولى في انتخابات مجلس الشعب وكذلك انتخابات «الشورى» الماضية، كما أن البرادعي يرفض بشكل قاطع الانضمام لحزب معارض ويعتبر في الأمر «انتهازية سياسية» حتى وإن تراجع عن مواقفه فإن المدة الدستورية التي تكفل له الترشح للرئاسة إن انضم للهيئة العليا لأحد الأحزاب السياسية انقضت، إذ حددتها المادة 76 بسنة كاملة. ومن ثم فلا مناص لترشيح الشخصيات العامة إلا بتعديل دستوري يرفضه الحزب الحاكم .


والمحصلة أن الحزب «الوطني» أحكم سيطرته على الانتخابات الرئاسية المقبلة، فتجنب ترشح المستقلين دستورياً وأفسح المجال لترشح شخصيات من أحزاب معارضة لا تمتلك قاعدة شعبية تؤهلها لمنافسة حقيقية في الاستحقاق الرئاسي وإن كان ترشيحها ضرورياً لاستكمال «الصورة الديموقراطية» التي تستلزم منافسة تعددية.