بدا الدكتور الكتاتنى مصدوماً من هول مفاجأة الفتنة فى مدينة الخصوص، قليوبية. وصف الحدث بأنه «غير مقبول وخطير»، مشيراً إلى أن هناك من يريد إشعال مصر وافتعال الأزمات فى الدولة!! ألهذه الدرجة لا يستطيع رئيس حزب الحرية والعدالة إدراك الارتباط بين سياسة الشحن الطائفى التى يتبعها حزبه وجماعته، وبين ارتفاع نسبة «الأدرينالين» لدى مسلمى الخصوص تجاه إخوانهم فى الوطن، لدرجة المسارعة بإعلان الجهاد واستدعاء الأنصار المسلحين من المناطق المجاورة قبل التأكُّد من أن الصلبان المرسومة على أحد المساجد هى صلبان نازية معقوفة، رسمها طفلان مسلمان، لا صلبان مسيحية رسمها أقباط بغرض استفزاز المسلمين؟!! أليس الحزب والجماعة هما من دأبا على الربط بين أى معارضة لسياساتهما وبين المسيحيين فى كل مناسبة من «الاتحادية» إلى المقطم؟ ثقتى فى حسن إدراك الدكتور الكتاتنى وخبرته السياسية الطويلة لا يمكن أن تهتز، ولذلك أرجّح فرضية التخابث والدهاء السياسى فى ادعائه مشاعر الصدمة والمفاجأة إزاء الحدث. بدوره وكعادة كل مسئولينا، قلل مدير أمن القليوبية من خطورة الأمر، واصفاً إياه بأنه مجرد «حادثة وقتية عرضية». هل خلا ملف الخصوص المتضخم فى الداخلية من حادثة قتل المواطن القبطى عادل فرهوت منذ عامين على يد أربعة مسلمين والتمثيل بجثته علناً بسبب ثأر قديم؟ ألم تُشر التحريات إلى أن الفتنة الحالية هى استمرار لمشاحنات بين أسرتين مسلمة ومسيحية، كانت قد هدأت مؤقتاً منذ ثلاثة أشهر، كما أكد القمص سوريال يونان؟ ألم ترصد تقارير الأمن العام أن الخصوص واحدة من أخطر مراكز العنف الاجتماعى فى منطقة شبرا الخيمة العشوائية التى تسودها البلطجة والمخدرات وورش تصنيع الأسلحة النارية؟ أليس من المعروف أن هذا المثلث بالذات يضم أخطر ظواهر التشدُّد الدينى، حيث يتلقى الأهالى مفاهيمهم عن الدين وعن الآخر (النصرانى) من أكثر مشايخ السلفية تطرُّفاً؟ ألم يسبق لهذه المنطقة أن قدّمت لنا حسن بشندى وزملاءه الذين فجّروا قنابل المسامير البدائية فى حادث الأزهر وروّعوا السياح فى السيدة عائشة وعند المتحف المصرى قبل سنوات بهدف قتل الآخر المسيحى أيضاً؟ ثمة أسباب واضحة تزكى مشاعر الاضطهاد لدى مسيحيى الخصوص بالذات، منذ أعدمت رؤوس أموالهم وفقدوا المصدر الرخيص للحوم الخنازير التى يسمح لهم دينهم بأكلها، بدلاً من مساعدتهم على تأمينها صحياً كما تفعل كل دول العالم، وكما نصحت منظمة الصحة العالمية مصر وقتها. شهدت المدينة أكبر مذبحة للخنازير، أدان العالم صورها البشعة اللاإنسانية، رضوخاً من نظام مبارك لتيار أساء إلى الإسلام حين خلط الدين بالكراهية واستعذاب القتل الجماعى لحيوانات خلقها الله، ولم يأمرنا أبداً بإحراقها دون رحمة فى مدافن الجير الحى! ألم يُحذّر علماء النفس والاجتماع آنذاك من أن السماح بمفهوم إبادة جنس الخنزير المصرى نهائياً من الوجود قد يتحول فى اللاوعى الجمعى إلى إمكانية تكرار المذبحة ولكن فى صورة رغبات عنف دفينة فى التطهير الدينى أو الطائفى ولكن للبشر هذه المرة؟ إذا كان هذا كله معروفاً لرجال الدولة ولرجال حزب الإخوان الحاكم، فلماذا يصطنع هؤلاء ملامح البراءة ومشاعر الصدمة والمفاجأة، وكأن ما حدث منبت الصلة عن مفاهيمهم وسياساتهم الخاطئة فى إدارة الشئون السياسية والاجتماعية للبلاد؟!!
|