التاريخ: آذار ٢٢, ٢٠١٣
المصدر: موقع عمون الاردني
هل يوجد بديل لرفع الأسعار؟ - جميل النمري
لا أجزم كم سيؤثر رفع الأسعار على فرص د. عبدالله النسور في الحصول على الثقة النيابية. لكن القضية، كما رأينا في جلسة الأربعاء الماضي، ما تزال ماثلة، ويرى نواب أن الرئيس لم يقدم التزاما أو جوابا. وثمة كتل تربط -في موقفها الرسمي المعلن على الأقل- الثقة بعدم رفع الأسعار. ويجد النواب بالفعل حرجا شعبيا في دعم رئيس رفع الأسعار، ويعد بالمزيد. فهل أمام الرئيس من سبيل إلى بديل؟

الرئيس في موقع الحكم عليه مسؤوليات والتزامات لا تحلها الشعارات، وفي مقدمتها توفير المال للنفقات. وكما نعلم، فالإيرادات تقصر عن تغطية النفقات بحوالي مليار دينار. ويقال عن النواب إنهم يطرحون شعارات شعبوية غير قابلة للتطبيق؛ إذ يطالبون بزيادة الرواتب، وزيادة الخدمات وخفض أسعارها، ثم خفض النفقات وعجز الموازنة في الوقت نفسه!

في الحقيقة، لم تُطرح شعارات ومزايدات شعبوية فقط، بل تم أيضا تقديم أفكار ومقترحات بديلة من مختلف الأوساط النيابية. وأستطيع إيجاز الأفكار المطروحة بثلاث نقاط رئيسة هي:

1 - إصلاح النظام الضريبي، بما يعيد توزيع الأعباء بصورة أكثر عدالة على فئات المجتمع؛ أي أن يدفع أكثر من يملك أكثر، من خلال العودة إلى ضريبة تصاعدية بسقف عال على الدخل، وضريبة "ذكية" على الأرباح الرأسمالية (التجارة بالأصول الرأسمالية، كالأسهم والسندات والأراضي والعقارات)، ومكافحة حازمة للتهرب الضريبي (حسب المعلومات، هناك تهرب سنوي يناهز 700 مليون دينار) من خلال خطة تتضمن تنظيف جهاز ضريبة الدخل من التواطؤ والفساد.

2 - التقشف ومعالجة الهدر في الأداء العام. ولعل خطة فعالة يمكن أن تخفض ثلث استهلاكنا من الطاقة التي تستنزف حصة ضخمة من النفقات ومن الدعم الحكومي.

3 - إنهاء الدعم العشوائي على كافة السلع، وإيصاله مباشرة إلى المواطنين من أصحاب الدخل المتوسط والمحدود. وقد تكون البطاقات الذكية وسيلة معقولة لذلك.

وأستطيع أن أتحدث عن كتلة التجمع الديمقراطي على الأقل، بأنها طرحت مثل هذه الأفكار وغيرها في وثيقة سُلمت للرئيس. وقد وردت في وثيقتها التأسيسية باعتبارها تمثل خط "اقتصاد السوق الاجتماعي" الذي تأخذ به أحزاب الديمقراطية الاجتماعية في العالم، بديلا لخط الليبرالية الاقتصادية الجديدة الذي أفقر الفئات الوسطى والدنيا، وأنتج الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة.

التحدي ليس سهلا. لكن للحقيقة، يتعين القول إن هناك بعدا ثقافيا اجتماعيا لا يتحقق بين يوم وليلة، وأعني التغيير العميق في المفاهيم والسلوك لرفع إنتاجية المجتمع! فلن نتمكن من الإنفاق أكثر على البنية التحتية والخدمات بدون رفع الإنتاجية. ولن يتحقق ذلك في مجتمع لا يقبل العمل اليدوي المنتج، ويسعى فيه الجميع إلى الوظيفة في الحكومة أو المؤسسات العامة، بينما ينفق ذوو الدخل المحدود مالهم ليحصل الأبناء على شهادة جامعية تلقيهم إلى البطالة سنوات، بانتظار وظيفة لائقة. لا يمكن توقع ارتفاع مستوى المعيشة والإنفاق على التقدم والرفاه في مجتمع يعيل كل فرد فيه خمسة آخرين.

الغد