| | التاريخ: آذار ١٨, ٢٠١٣ | المصدر: nowlebanon.com | | عمرنا سنتان - حازم صاغية | قالت إحدى اللافتات التي رُفعت يوم الجمعة الماضي في دير الزور، وتزامنت مع الذكرى السنويّة الثانية لاندلاع الثورة السوريّة: "صار عمر الشعب سنتين". وفي المناسبة نفسها، كتب ناشطون سوريّون كثيرون على صفحات التواصل الاجتماعيّ، أنّ يوم اندلاع الثورة في آذار (مارس) 2011 هو تاريخ ميلادهم الشخصيّ. في هذا كانوا يقولون إنّ زمن الطغيان والاستبداد لا يُحسب في الزمن. فالفرد الذي يعيش معلّباً، محروماً من التعبير، لا يكون فرداً، أي أنّه لا يوجد إلاّ وجوداً جزئيّاً. وفي المعنى هذا، فإنّ السوريّين لم يوجدوا طوال خمسين عامّاً من حكم البعث إلاّ في تلك الحدود. وخلال هذه الأعوام الخمسين وُلد أكثر من ثلثي الشعب السوريّ، فيما شهد العام 1962 آخر انتخابات عامّة تُجرى في سوريّا. مع ذلك فإنّ "سوريّا الأسد" كانت موجودة جدّاً: فاعلة ومؤثّرة وكليّة القدرة تقريباً، لا في مجتمعها الداخليّ فحسب، بل في نطاقها الجغرافيّ والإقليميّ كذلك. وكانت دول العالم تحسب حسابها وتراعي تطلّعاتها وتمتدح العبقريّة الاستراتيجيّة التي يتمتّع بها قائدها "إلى الأبد". وهذا الفارق بين الدولة الشرسة وزعيمها، وأحياناً القضيّة الشرسة، وبين الفرد المغيّب، سمة من سمات العقل السياسيّ الذي ساد منطقة الشرق الأوسط لعقود متتالية. فحين هُزم جمال عبد الناصر شرّ هزيمة في 1967، ظلّ ذكره يترافق مع "رفعه رأس العرب"، وهم، في الواقع، منكّسو الرأس. والمفارقة تبلغ ذروتها مع صدّام حسين الذي خنق المجتمع العراقيّ فيما كانت سلطته تشنّ الحروب المتوالية، فيما يكاد بعُظامه يحاكي الجبروت المنسوب إلى الله. وغالباً ما لوحظ ذاك التفارُق بين التمسّك بفلسطين والقضيّة الفلسطينيّة ورموزها وبين عدم الاكتراث بالفلسطينيّين المدنيّين، إن لم يكن العنصريّة حيالهم. لقد انتمى حافظ الأسد ونجله بشّار إلى هذه المدرسة النجيبة، ومن موقعهما فيها أُسبغت عليهما قيادة جبهات الممانعة والمقاومة والتصدّي لمؤامرات "كونيّة. وفي هذه الغضون كان ما يُنتزع من الفرد – المواطن السوريّ يضاف إلى "عظمة" القائد، فيُرَدّ الأوّل إلى طفل ممنوع عليه أن يكبر، بينما يُرفع الثاني إلى خالد ممنوع عليه أن يهرم أو يموت. وهذا "النهج" مسؤول، من غير شكّ، عن جزء أساسيّ من الإعاقة التي تسم كلّ حركة ثوريّة لإسقاط الحاكم المستبدّ. ذاك أنّ الذين حُرموا الحياة السياسيّة والتعبير، أي حُرموا من أن يكبروا، سيردّون بهذا القليل من الزاد الذي أُعطي لهم. وهم سوف يتجاوزون سنتهم الثانية وسط مصاعب هائلة وأخطاء بعضها قاتل. إلاّ أنّ المؤكّد هو استحالة أسْر البشر في طفولة قسريّة. هذه حال سوريّا اليوم.
| |
|