التاريخ: كانون ثاني ٢٦, ٢٠١٣
المصدر: موقع عمون الاردني
نتائج لم تكن خارج التوقعات - رحيّل غرايبة

إذا رجعنا إلى خارطة التوقعات التي سبقت الانتخابات، نجد أنّها رصدت معالم الحالة القائمة، وتنبأت بعودة معظم رموز الدورات السابقة، إمّا عن طريق الاحتفاظ بالمقعد التقليدي في دائرته الانتخابية، أو عن طريق الحصول على المقعد الأول في القائمة الوطنية.

 

أغلب الوجوه البرلمانية التي حققت ظهوراً ما في البرلمانات السابقة عاودت الحضور في البرلمان السابع عشر، تحت ضغط الرغبة في المنافسة على تشكيل "الحكومة البرلمانية" التي تمّ الوعد بها كنتيجة من نتائج الإصلاح المأمول، أو من باب الحرص على الحضور في صياغة معالم المرحلة القادمة وعدم الغياب.

 

تجربة القوائم التي تمّت خلال الانتخابات الأخيرة، بحاجة إلى تقويم ومراجعة وإعادة دراسة في ضوء قدرة الجماهير على التعامل معها، وفي ضوء الإجراءات والتشريعات التي وضعت من أجل تنظيمها، وفي ضوء النتائج التي شاهدناها وصلت ذلك بالأهداف التي تمّ صياغتها مسبقاً، وفي نظرة سريعة نجد أنّه في ضوء النتائج ليس هناك قوائم بمعنى التكتل البرامجي، وما حدث عبارة عن أفراد نجحوا على رؤوس القوائم، إذ أنّ أكبر قائمة استطاعت الحصول على ثلاثة مقاعد، وثلاث قوائم لها مقعدان، و(16) قائمة لكلّ منها مقعد واحد، وبناءً على ذلك لم نحصل على تكتلات برامجية داخل المجلس لها قدرة على طرح تصور متكامل لإدارة شؤون الدولة، وهذا يؤدي إلى تصوّر شكل الحكومة البرلمانية القادمة ومضمونها الحقيقي.

 

مصطلح الحكومة البرلمانية المعروف عالمياً يقصد به أنّ الكتلة الأكبر في البرلمان تملك الحق بتشكيل الحكومة بناءً على برنامجها الانتخابي الذي تمّ عرضه على جمهور الناخبين، وحظي برضى الأغلبية عن طريق التصويت الذي ظهرت نتائجه في صناديق الاقتراع، وبالتأكيد لا تعني الحكومة البرلمانية بأيّ حال أن يتمّ تشكيلها من نواب لا يجمعهم برنامج ولا تيار ولا كتلة ولا حزب سياسي.

 

ومع ذلك فنحن أمام واقع، وينبغي التعامل مع هذا الواقع بفهم وتقدير سليم يقوم على تقدير المصلحة الوطنية العليا، وتقدير المصلحة العامّة وهذا يحتاج إلى توافق جمعي، ويحتاج إلى إعادة بناء الحوار الوطني المسؤول الذي يجمع كلّ الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي الأردني، بعيداً عن لغة الإبعاد والإقصاء من جهة، وبعيداً عن لغة المناكفة والجمود من جهة أخرى، والوطن بحاجة إلى مبادرة سياسية تكسر الجليد، وتجسر الهوّة بين المكونات السياسية، وتعيد بناء الثقة وتمد خيوط التفاهم والتعاون والمشاركة من أجل التوافق على معالم المرحلة القادمة، وكيفية عبور عنق الزجاجة نحو الإصلاح الحقيقي بطريقة سلمية حضارية خالية من العنف ولدماء، ودون الانجرار إلى الفوضى والانفلات الأمني.

 

وفي هذا السياق يجب الاستفادة من تجربة العامين السابقين على المستوى المحلي أولاً، وكذلك يجب الاستفادة من التجربة الإصلاحية على المستوى الإقليمي ودول الجوار ثانياً، والدرس الأكثر بروزاً في عملية التقويم أنّ الإصلاح يحتاج إلى تعاون الأطراف كلها ومشاركتها وتوافق جميع مكونات المجتمع، ضمن المرجعية القيمية العليا والهوية الثقافية الجامعة، والثوابت الوطنية، التي تحظى بقبول العقل الجمعي، وتحظى بالرضى الشعبي الغالب على وجه الإجمال والعموم.


العرب اليوم