| | التاريخ: كانون ثاني ٢٢, ٢٠١٣ | المصدر: nowlebanon.com | | زواج لا ترغبـه "الأمـة" - حازم الامين |
اختار كل من خلود ونضال وقتاً غير مناسب لافتتاح زمن الزواج المدني في لبنان، ذاك أن قانون الإنتخاب الأرثوذكسي يعصف في بلدنا وهو ما يجعل واقعة النجاح بالعقد المدني اختراقاً طفيفاً في جدار يرتفع ويتسع يوما بعد يومٍ. خلود ونضال قررا ان يشطبا القيد الطائفي عن سجلات نفوسهما. كان هذا شرط نجاح العقد. جرى ذلك في اليوم الذي يُناقش فيه نواب "الأمة اللبنانية" مدّ القيد الطائفي من بطاقة الهوية الى البطاقة الإنتخابية. وأن نفرح للعروسين بفوزهما بزواج مدني يرغبانه، علينا في الوقت نفسه أن نخاف عليهما من زواج لا ترغبه "الأمة"، ذاك أن الشابين قررا أن يتحديا الطائفية في لحظة ذروتها. الطائفية بأبعادها اللبنانية الثلاثة، أي الطائفية الشيعية والطائفية السنية والطائفية المسيحية. نعم نحن نعيش ذروة الطائفية هذا الأيام. فالطوائف الثلاث الكبرى يدها اليوم على الزناد. الطائفة الشيعية مسلحة، والطائفة السنية التحقت بـ"الأمة السنية المستيقظة"، فيما المسيحيون ارتدوا الى القانون الأرثوذكسي مستحضرين أضيق ما في الطائفية من صور ومعان. في هذه اللحظة قرر الشابان أن يضربا ضربتهما، ولكن ليس في غفلة عن طبقات الطائفية الثلاث التي تطوّق هذا الزواج، فإذا كان الدستور بحسب طلال الحسيني يتيح للشابين أن يتزوجا مدنياً، الا أن الحكومة قد لا تغفر لهما ما سمح لهما دستور الجمهورية به، فها هو عقدهما ينتظر موافقة وزارة الداخلية، وهذه الأخيرة ليست حارسة الدستور، إنما حارسة "التوازن الطائفي"، وفعلة زواج من هذا النوع قد تجرح شعور مفتيَي الجمهورية وبطركها. والطائفية بطبقاتها اللبنانية الثلاث، الجهازاتية الشيعية، والماضوية السنية، والرجعية المسيحية، لن تستكين لزواج محجبة من شاب من غير طائفتها بموجب عقد مدني، على رغم شعورها بضآلة الحدث، إذ إنها ستعتبر أنّ قصة صغيرة من هذا النوع تملك قابلية الإتساع؛ فأن نكتشف فجأة أنّ الدستور في لبنان يتيح زواجاً مدنياً، فإنّ عشرات، بل مئات من الأزواج اللبنانيين سيلجأون اليه. وأن تفتتح موسم الزواج المدني شابة محجبة، فإنّ التحدي الآن هو في عقر دارَي الإفتاء بالإضافة الى أديرة البطاركة المسيحيين. ولمرة يتيح لنا هذا الزواج المدني الأول أن لا يقتصر لعننا الطائفية على لعن معانيها وصورها. إنه انتصار صغير وسط الهزائم الكبرى، وهو وإن كان لا يكفي لبعث الأمل، إلا أنه يكفي لابتسامة صغيرة ترتسم على وجوه الشيعة غير المسلحين والسنّة غير السلفيين والمسيحيين غير "القانون أرثوذكسيين".
هيا لنحتفل بالزوجين خلود ونضال علّنا ننسى لليلة أننا نعيش في ذروة الصراع بين الشيعة والسنّة، وأن نواب أمتنا يناقشون قانوناً للإنتخابات سيقترع بموجبه اللبناني لنائب طائفته لا لنائب أمته.
| |
|