التاريخ: كانون ثاني ٢١, ٢٠١٣
المصدر: موقع المصري اليوم
لندن.. واشنطن.. الإخوان.. والقاعدة - رفعت السعيد

ولابد دوماً من متابعة هذه العلاقة الرباعية وتفاعلاتها، ويسهم فى ذلك بكفاءة وتوثيق محكم مارك كورتيس فى كتاب مهم استمتع بترجمة متقنة للأستاذ كمال السيد، والكتاب بعنوان «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين»، وكل معلومة فى الكتاب «٥٧٥ صفحة» موثقة بما يدفعنا لاعتمادها، ولضيق المساحة سنلجأ إلى اقتباسات متعجلة دون تعليق: بدأت علاقة الطالب أسامة بن لادن بالمقاومة الأفغانية بناء على طلب رسمى عقب غزو السوفيت ديسمبر ١٩٧٩-«صـ١٨٨». تدفق عشرات الألوف من المتطوعين لمقاومة السوفيت، وخلال الحرب بدأوا فى تشكيل جماعات جهادية استهدفت فى نهاية الأمر بلدانها الأصلية والغرب، وقد دعمت هذه الجماعات بمليارات الدولارات وبتدريب عسكرى قدم أساساً من السعودية- بريطانيا- أمريكا، وكان «حماس» تاتشر لذلك خوفاً من أن إحكام السوفيت قبضتهم على أفغانستان سوف يوسع حدودهم مع إيران وباكستان وسيفصلهم عن مضيق هرمز بأقل من ٣٠٠ ميل. وتحالفت المخابرات البريطانية والأمريكية والباكستانية فى تدريب «المهاجرين». «صـ٢٠٠». وفى مطلع السبعينيات كانت أفكار الإخوان المسلمين منتشرة فى أفغانستان نتيجة تلاقى الطلاب الأفغان والمصريين فى جامعة الأزهر. وكان أبرز هؤلاء المتأسلمين برهان الدين ربانى الذى انتخب فى عام ١٩٧٢ رئيساً للجماعة الإسلامية فى أفغانستان، التى استلهمت أفكار البنا وقطب، وشارك ربانى كل من عبدرب الرسول سياف وقلب الدين حكمتيار فى الميول الإخوانية. «صـ٢٠١».

 

وفى ظل حكومة محمد تراقى الموالى للسوفيت تفجر تمرد مسلح وصفته المخابرات الأمريكية بالموالى للإخوان تم فيه اغتيال مئات من المسؤولين. وأنشأ «كارتر» فريق عمل لإثارة القلاقل بين الأقليات. وقبل الغزو السوفيتى بخمسة أشهر طلب «بريجينسكى» مستشار «كارتر» للأمن القومى «استدراج السوفيت لغزو أفغانستان». وتم الغزو ليبدأ عمل بريطانى- أمريكى مشترك لتدريب وتسليح المجاهدين. وأعلنت «تاتشر» أن «مصلحتنا تستدعى دعم عودة المنطقة إلى تقاليدها الدينية العميقة» ووصفت المقاتلين بأنهم «محاربون حقيقيون فى سبيل الحرية» وتدفق التسليح والتمويل. وأسهم السادات فى نقل المتطوعين المصريين وفيهم نسبة كبيرة من الإخوان الذين تعاونوا مع بن لادن وحكمتيار. «صـ٢٠٨».

 

ويبرز فى كل ذلك دور الإخوان، فأيمن الظواهرى كان واحداً منهم وهم الذين أرسلوه إلى هناك. وأخيراً تكتشف لندن وواشنطن والسعودية حجم الكارثة التى صنعتها بأيديها، وبدأت العمليات الإرهابية ضدها مستخدمة أموالها وأسلحتها وتدريبها. ويصرخ مسؤول بريطانى: «لقد أخطأنا التقدير»، وتصف أمريكا عملاءها السابقين بأنهم إرهابيون، وتشن السعودية حملاتها ضد الإخوان.. وكل ذلك بعد فوات الأوان. وتبقى التحية واجبة للأستاذ كمال السيد على هذه الهوية لمن يريد أن يتعلم. ويبقى السؤال الملح: ونحن إلى أين؟ وسيناء والأنفاق والإرهابيون إلى أين؟