التاريخ: كانون ثاني ١٥, ٢٠١٣
المصدر: وكالة هوا الاردن - الاردن
قوائم بلا برامج ! - باتر وردم

انتظر كافة المراقبين السياسيين والنشطاء في العمل العام القوائم الانتخابية التي تم تشكيلها لخوض الانتخابات القادمة بكثير من الترقب. تجربة القوائم الوطنية ستكون هي القيمة المضافة الأولى لبرلمان 2013 والتي تعني أول تجربة لقوائم انتخابية في تاريخ المملكة وهي محط الأنظار لمعرفة التفاصيل السياسية والإدارية والدوافع التي ستحكم انتخاب هذه القوائم. من الواضح أن هذه القوائم ستكون عملية تعليمية للمرشحين والناخبين في آن معا وفي الطموح النموذجي قد تقدم 27 نائبا مسيسين قادرين على أداء أعمالهم بطريقة فعالة.
 

منسوب التفاؤل تراجع بعد صدور القوائم التي بلغ عددها 61 وضمت أكثر من 800 شخص يتنافسون على 27 مقعدا نيابيا. الغالبية العظمى من القوائم خلت من الرموز السياسية ومن الشخصيات النشطة في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى في القطاع الخاص أو المجتمع المدني . بالإضافة إلى ذلك فإن هذه القوائم خالية من البرامج السياسية والاقتصادية التي تشكل التبرير الأهم لوجود القوائم ربما باستثناء بعض القوائم الحزبية وقائمة واحدة أو اثنتين من القوائم غير الحزبية.

 

العدد الهائل للمرشحين الذين فضلوا الترشح عبر القوائم بدلا من الترشح الفردي يثير الاستغراب ايضا ومن الصعب ايجاد تفسيرات منطقية له. اجتهادي الخاص هو أن الترشح عبر القوائم يخفف من الكلفة المالية للدعاية الانتخابية التي سيتم تقاسمها بين كافة أعضاء القائمة أو عبر الحزب الذي يقدم الترشيح، كما أن التواجد ضمن قائمة يقلل من الحوافز المادية التي يقدمها المرشحون في الدوائر الفرعية لاجتذاب الناخبين. لكن هذه التجربة وبكل اسف سوف تشهد سلسلة من الأحداث والطرائف التي قد تؤثر على مصداقية فكرة القوائم الانتخابية وخاصة فيما يتعلق بالاسماء غير المعروفة لبعض القوائم وأخرى قد لا تتمكن من جمع اصوات بعدد أعضاء القائمة نفسها في نهاية الأمر. 
 

طريقة احتساب عدد المقاعد لكل قائمة عملية معقدة حسابيا وتحتاج إلى معادلات طويلة وفي الأغلب لن تتمكن اية قائمة من تشكيل أغلبية حتى ضمن مجموع المقاعد المخصصة للقوائم وهذا يعني الحاجة إلى دخول تحالفات مع الكتل البرلمانية الهلامية التي سوف تتشكل عن طريق المقاعد الفردية التي يبلغ عددها 123 وللاسف فإن مثل هذا التقسيم سيجعل حتى أهم القوائم الانتخابية تذوب في البرلمان إلا إذا كانت تملك امتدادا بعدد أكبر بكثير من النواب الناجحين في مقاعد الدوائر الفردية.

 

في محصلة الأمر فإن اي إصلاح سياسي جدي ليس فقط مسؤولية الدولة بل ايضا هنالك دور مهم للمجتمع في تنظيم نفسه ضمن أحزاب قوية ومؤثرة. لا يمكن لستين قائمة انتخابية أن تحقق تغييرا يذكر في الوعي السياسي وفي كيفية التحول من العمل الفردي إلى الجماعي بل أن الأحزاب وحدها هي التي تقود هذا التحول. على الأردنيين تنظيم أنفسهم في الأحزاب بدلا من الحراكات والقوائم والعمل الفردي إذا كانوا يريدون المشاركة الفعلية في الحياة السياسية. 
 

بالتركيبة التي ظهرت بها القوائم الانتخابية لن يحدث تغيير حقيقي في طريقة التفكير وطريقة الانتخاب ولكن لا تزال الفرصة قائمة لبعض القوائم الجدية في تطوير برامج انتخابية وحوارات جدية .