التاريخ: كانون ثاني ١٤, ٢٠١٣
المصدر: nowlebanon.com
حول صفقة تبادل الأسرى - رزان زيتونة

شعر كثيرون بخيبة أمل بعد عملية مبادلة الأسرى الإيرانيين بأكثر من ألفي معتقل ومعتقلة في سجون النظام السوري. تقريبا لم تشمل الصفقة أيا من رموز الثورة الذين مضى على اعتقال معظمهم أكثر من سنة. من حسين هرموش إلى يحيى الشربجي إلى حرائر انخل وغيرهم كثير.
 

 المؤكد أن المفاوضات كانت بالغة الصعوبة. وأن لواء البراء بقيادة النقيب المنشق عبد الناصر شمير، لم يكن ليفوت أية فرصة للحصول على شروط أفضل للتبادل. وأن النظام كان مستعدا للتخلي عن الصفقة مقابل عدم الإفراج عن أي من المعتقلين القياديين أو ممن تطالب بهم المنظمات الدولية، سواء كانوا من العسكريين المنشقين أو من النشطاء السلميين.
 

مع ذلك تبقى الصفقة ذات أهمية كبيرة، ليس لأنها أظهرت صفق النظام وإجرامه بمبادلة أبناء وطنه بأسرى دولة أخرى، فمن يحتاج بعد إلى دليل جديد على أن المواطن السوري مواليا كان أو معارضا، لا يعني للنظام أكثر من رقم زائد في التعداد السكاني، بل صفقة المبادلة كانت ربحا أخلاقيا وانسانيا وقانونيا ووطنيا بامتياز، حققه لواء البراء الذي كان يحتفظ بالأسرى الإيرانيين وعبئهم الأمني على سلامة اللواء وعناصره طيلة أشهر.
 

كان بإمكان اللواء إعدام الأسرى كما سبق وهدد، وإشباع رغبة الثأر والانتقام من النظام وحليفته ايران، التي لم تبد بدورها حرصا على رعاياها الأسرى أو استعجالا لإرجاعهم في أية مرحلة من المراحل، وتركت للنظام التفاوض عليهم بشروطه هو.
 

وكان بالإمكان مبادلة الأسرى بالمال لشراء السلاح الذي ينقص المقاتلين بشدة. بدلا من ذلك، اختار اللواء عدم الانجرار وراء الثأر والانتقام، وقدم مثالا يحتذى في معاملة الأسرى من قبل الجيش الحر، نواة جيشنا الوطني المستقبلي، في الوقت الذي تقوم فيه جهات مقاتلة أخرى كجبهة النصرة، بأسر أبناء وطنهم من السوريين المعارضين لمجرد أنهم من غير طائفة، و"محاكمتهم" بغير وجه حق.
 

فضل اللواء تحرير مئات السوريين البسطاء، الذين لم يعلم بهم أحد، ولم تتداول صفحات الفيس بوك أسماءهم ولا صورهم – باستثناء الصبايا المحررات اللواتي كن في رأس قائمة التبادل، رغم الرفض المطلق للنظام للإفراج عن بعضهن. 
كل من شاهد صور بعض المفرج عنهم، يعلم أي إنجاز هو تحرير أي سوري في سجون النظام. معظم من أفرج عنهم في منطقة "باب مصلى"، خرجوا إلى الجو المثلج والماطر بالشورت والتي شيرت، حتى قام باعة الملابس المستعملة "البالة" ممن تنتشر بسطاتهم في المنطقة بمناداتهم وإلباسهم ما يقيهم برد الشتاء. أحد المفرج عنهم استشهد بعد ساعات قليلة بعدما تعرض له في المعتقل من قتل بطيء يعاني منه آلاف المعتقلين في الفروع والسجون.
 

صفقة التبادل أنقذت أرواح المئات من السوريين، وفي الوقت نفسه أعطت مثالا لما نتوق جميعا لأن يكونه الجيش الحر وقيادته وأخلاقياته وسلوكه.