التاريخ: كانون ثاني ١٣, ٢٠١٣
المصدر: موقع المصري اليوم
شعارات مبدعة.. وأخرى مفزعة - وحيد عبد المجيد

ما أبعدها المسافة بين نوع الشعارات التى تُرفع والهتافات التى تُردد فى مظاهرات ومسيرات القوى الوطنية الديمقراطية، وتلك التى تُطلق فى الفعاليات التى ينظمها «الإخوان» والسلفيون. فشتّان بين مضمون هذه وتلك، سواء من حيث المعنى أو من زاوية الدلالة التى تنطوى عليها.

 

ولعل أهم ما يفرّق بين الشعارات والهتافات هنا وهناك هو مستوى الإبداع المتضمن فيها. فالإبداع واضح فى شعارات القوى الوطنية الديمقراطية على نحو يجعلها أكثر تنوعا وأخف دما، وأقل تعرضاً للأشخاص.

 

والحال أن المقارنة التى نحن بصددها لا مجال لها فى الدول الديمقراطية حقاً لأنها لا تعرف إلا مظاهرات معارضة. فأنصار السلطة وأتباعها لا يتظاهرون لدعمها أصلا لأن نزولهم إلى الشارع لتأييدها يشكك فى شرعيتها ويثير التساؤل عن جدارتها. فالمفترض أن السلطة، سواء كانت رئيسا أو حكومة، لا تحتاج إلى وجود أنصارها فى الشارع إلا إذا لم يكن لديها ثقة فى شعبيتها أو فى سلامة الانتخابات التى أتاحت لها أن تكون سلطة. فالمعارضة هى التى تحتاج إلى الشارع لتعبر عن احتجاجها على سياسات معينة تريد أن تنبّه المواطنين إلى ما فيها من أخطاء أو أخطار من وجهة نظرها.

 

ولا ينزل أنصار السلطة إلى الشارع إلا فى النظم الاستبدادية والتسلطية التى تزعم أنها تعبير أبدى عن الإرادة الشعبية. ولا تسمح هذه النظم بوجود معارضة أصلا لكى تنزل إلى الشارع أو لا تنزل.

ولكننا إزاء حالة استثنائية لا علاقة لها بالديمقراطية، حيث تستخدم السلطة أنصارها لترهيب معارضيها ومحاولة تغطية إخفاقها. وتتيح هذه الحالة إجراء مقارنة بين مظاهرات المعارضة و«الموالاة». فشعارات المعارضة تنطوى على إبداع وتتميز بالابتكار، بعكس شعارات أنصار السلطة التى تخلو من مثل ذلك الإبداع ويكثر فيها التعرض للأشخاص سبا وشتما ويبدو بعضها على الأقل مفزعا بحق.

 

ويمكن التمييز بين أربع مجموعات رئيسية من الشعارات الثورية التى رفعها شباب القوى الوطنية الديمقراطية فى مظاهراتهم الأخيرة. أولاها شعارات رُفعت فى ثورة ٢٥ يناير، وأخرى تاريخية تُرفع من وقت إلى آخر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى. ومنها مثلا «يا أهالينا.. انضموا لينا» و «ارحل.. ارحل» و«يانجيب حقهم يانموت زيهم» و«مش هنمشى هو يمشى» و«هما ياكلوا حمام وفراخ.. واحنا الفول دوخنا وداخ».

 

وهناك مجموعة ثانية من الشعارات تعبر عن حالة ثورية جديدة تشكلت منذ أحداث ماسبيرو ومحمد محمود العام الماضى، لكنها متواصلة مع ثورة ٢٥ يناير، منها مثلا «اشهد يا تحرير.. احنا راجعين مش خايفين» و«فى كل مكان ثورة ع الطغيان.. ثورة ثورة عالإخوان» و«ارفع كل رايات النصر.. إحنا شباب تحرير مصر» و«لا بنخاف ولا بنطاطى.. إحنا كرهنا الصوت الواطى» و«إحنا الشعب المصرى الحر.. ضد القهر وضد الظلم» و«مينا مات وجيكا مات.. ما كفياك يا شعب سكات».

 

ويمكن أن نلاحظ أيضا مجموعة ثالثة من الشعارات تنطوى على هجوم ضد السلطة وأتباعها وتتميز فى أغلبيتها الساحقة بالإبداع والابتعاد عن التجاوز، ولا تتعرض للأشخاص بألفاظ غير لائقة إلا أقل القليل منها. وهى كثيرة مثل «مش هايحكمنا ديكتاتور تانى.. حزب وطنى أو إخوانى» و«يا بلدى ثورى ثورى.. مش عايزين إعلان دستورى» و«حلّق حوش حلّق حوش.. مشروع النهضة طلع فنكوش» و«يا تجار الأديان.. لا احنا إيران ولا لبنان» و«جوه المطبخ الإخوانى.. سلقوا دستور الغريانى» و«سلمية سلمية.. مش هانبقى زى البلطجية» و«مش هنسيبك يا فرعون.. تبقى فوق ٩٠ مليون» وغيرها كثير.

 

أما المجموعة الرابعة من الشعارات فهى التى تعبر عن رؤية مؤداها عدم وجود فرق بين مرسى ومبارك، منها مثلا «افرح افرح يا مبارك .. مرسى كمِّل مشوارك» و«يا مبارك نام واتهنا.. انت وراك أولاد البنا» و« يا مصرى انزل من دارك.. دا مرسى هو مبارك».

 

وتتسم هذه الشعارات وغيرها الكثير بقدرة على الابتكار، كما أنها تعبر عن عقول مبدعة بخلاف تلك التى رُفعت فى مظاهرات «الإخوان» والقوى المؤيدة لهم. فبعضها نمطى فى صورة عبارات تحمل معنى التأييد الذى يختلط بالخضوع مثل «يا بديع يا بديع.. انت تأمر واحنا نطيع» و«الشعب يؤيد قرارات الرئيس». أما الكثير منها فهو يبدو مفزعا مثل «إضرب إضرب طلع نار.. محمد مرسى خد القرار» و«لا إله إلا الله.. القضاة أعداء الله» و«إدينا يا مرسى إشارة.. حانجيبهملك فى شكارة» و«.. يا جبان .. يا عميل الأمريكان» و«يا قضاة الدستورية.. انتو فاقدين الشرعية» وغيرها كثير مما لا يصح تكراره ولم يكن لائقاً ترديده أصلا.