| | التاريخ: كانون الأول ٣, ٢٠١٢ | المصدر: جريدة الحياة | | «إخوان» الأردن والنظام: نهاية التهدئة - مهند مبيضين |
احتلت أحداث الأردن بعد رفع الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية أخيراً صدر النشرات الإخبارية العربية، فحالما صدر القرار أوعزت قيادات الإخوان إلى شبابها للتحرك نحو منطقة دوار الداخلية لتنفيذ اعتصام ليلي موسع، تضامن معه شباب الجماعة في كل المحافظات. والغريب أن بعض شباب الإخوان حين سئلوا عن تفاصيل موقف الحكومة المالي، لم يجيبوا بشيء، وأظهروا على إحدى الفضائيات المحلية الأردنية عدم معرفتهم بالسبب وتفصيلاته، ما أظهر تحركهم بأنه جرى وفق الأوامر العليا للشيوخ. وقد نتجت عن ذلك التحرك أعمال شغب وخسائر في الممتلكات العامة، ما أدى إلى اعتقالات شملت بعض المخربين وممارسي أعمال النهب، وقد يكون من بينهم مظلومون أو غير متهمين، وهو ما ظهر بعد ذلك، عندما افرج عن مجموعات ممن اعتقلوا. لكن ما لم يتوقعه شيوخ الإخوان، وقد تضامنت معهم قوى شبابية وحركات يسارية، أن يكون رد الفعل الشعبي بذلك الحجم الذي عبّر عنه الأردنيون، عندما وجدوا بعض القوى السياسية يذهب ليعتصم أمام الديوان الملكي الهاشمي ويهتف باسقاط النظام، وهو مشهد لم يعتده الأردنيون الذين وإن رفضوا قرار رفع الأسعار وسياسة الحكومات المتعاقبة ومدّ الفاسدين أيديهم إلى المال العام، وتمنع البعض عن المثول أمام القضاء وممارسة سياسة الهروب مثل المسؤول السابق عن شركة الفوسفات وهو صهر العائلة المالكة، فإنهم أبدوا تفهماً ورفضاً لكل ما جرى من احتجاج غير محدود السقوف والذي جهر به المحتجون بإسقاط النظام. ومع أن شيوخ الإخوان المسلمين تنصلوا من تبني الشعار، فإنهم عبّروا عن اعتزازهم بمن احتجوا ضد قرار رفع الدعم عن الأسعار في جلسة عامة لمجلسهم الأعلى للإصلاح، وسبق أن حذروا الحكومة من عواقب قرارها، إلا أنهم أيضا فشلوا في تحقيق إضراب تام وشامل في المدارس عبر نقابة المعلمين التي يسيطرون على مجلسها، وكذلك الحال في الجامعة الأردنية الأعرق أردنياً، فقد قام طلبة اتحادها بتوزيع مناشير تدعوا للإضراب وتعليق الدارسة، فكانت النتيجة العكس، إذ سجلت الأيام السابقة أعلى درجات الإنضباط للطلبة في الدراسة. ومع هذا، حققت الأحداث الأخيرة التي سيمت «هبة تشرين» تميناً بهبة نيسان (أبريل) 1989، التي أطاحت حكومة زيد الرفاعي آنذاك، تعاطفاً دولياً مع الأردن وتضامناص عربياً ملحوظاً، وبخاصة من دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تنظر بأهمية قصوى إلى استقرار الاردن، وهي داعم كبير له منذ مدة طويلة. كما أبدت البنوك الاردنية دعمها للحكومة، عن طريق تحمل كلفة الدعم المالي للموظفين العاملين فيها ممن تنطبق عليهم شروط الدعم التي حددتها الحكومة مقابل رفع الأسعار عن المشتقات النفطية لتخفيف العبء عن الموازنة العامة، وكذلك تسير المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي وبعض المؤسسات الخاصة في الاتجاه نفسه. ومع عودة الهدوء وتصاعد الرفض الشعبي المطلق لاستغلال جماعة الإخوان المسملين وأنصارها الظروف الاقتصادية، وانسحاب عدد من النقابات من حالة الإضراب التي تتبناها وتدعمها، فإن المطلوب أردنياً في بلد ما زالت فيه العشائر تعد ركيزة النظام الأولى، المضي بجدية اكثر نحو الإصلاح، عبر دمج المؤسسات المستقلة التي ارهقت الموزانة العامة بنحو بليوني دينار سنوياً، ومحاسبة الفاسدين مهما ارتفع مقامهم، وإصلاح أنظمة الإنفاق العام، وإعداد خطة تنموية لمحافظات الجنوب التي ترتفع فيها البطالة بشكل كبير، وإعادة النظر في رسوم التعدين، وتنفيذ ما طلبه عاهل الأردن من تشكيل لجنة جادة لمراجعة نهج الخصصة بشكل عام. أخيرا، صحيح أن شيوخ الإخوان، ليسو على مسافة واحدة من النــظام، وكذلك شبابهم المنقسم أيضاً بين اتجاهين هما الطلبة الاحرار والشباب الإسلامي، إلا أن الأحداث الأخيـرة ستكون فاصلة. وغياب الإخوان عن البرلمان المقبل إن أُجريت الانتخابات المقبلة، سيكون من أصعب الخيارات التي ذهبت إليها الجماعة، وهو ما يعني التصعيد في العلاقة وانتهاء سياسة الودّ المتبادل بينهم وبين النظام في حالة الأزمات السياسية. * كاتب أردني
| |
|