التاريخ: تشرين الثاني ٧, ٢٠١٢
المصدر: موقع المصري اليوم
فلنبدأ بوزير الإعلام - ضياء رشوان
بجميع المعايير يعد الوضع السياسى الحالى فى مصر وضعاً استثنائياً بصورة لا جدال فيها. وهناك دون شك أسباب ومبررات كثيرة لخلق هذا الوضع الاستثنائى واستمراره حتى الآن، معظمها مرتبط بالتحولات التى تشهدها البلاد من نظام مبارك الساقط إلى نظام الثورة قيد التشييد. إلا أن بقاء هذه الأوضاع الاستثنائية لا يعد مبرراً لعدم السعى لمحاولة التعامل معها بصور تمنع من تضاعف آثارها الجانبية السلبية، التى قد تضر بشدة بعملية بناء النظام السياسى الثورى الجديد، بل بأهداف ونتائج الثورة نفسها.
 
ومن أمثلة هذه الأوضاع الاستثنائية أن لدينا الآن حكومة قام السيد رئيس الجمهورية بتشكيلها وفقاً لما رآه محققاً لبرنامجه السياسى ولما يعتقد أنه مصلحة البلاد، إلا أن هذه الحكومة خلافاً لقواعد النظم الديمقراطية المستقرة ليس هناك من يراقبها أو يسائلها، نظراً لعدم وجود سلطة تشريعية فى البلاد حالياً. وقد مر على تشكيل هذه الحكومة أكثر من ثلاثة أشهر وأمامها حتى تتغير بعد انتخاب البرلمان الجديد ما لا يقل عن ستة أشهر أخرى، سوف تستمر خلالها دون رقابة أو مساءلة برلمانية أو شعبية. فهل يمكن تصور أن تترك هذه الحكومة، أو أى حكومة أخرى، كل هذه المدة وبعد هذه الثورة دون رقيب أو حسيب، خاصة أنها سوف تتخذ قرارات وتنفذ سياسات جوهرية قد تمس الأوضاع الأساسية فى البلاد، ومنها عقد اتفاقية خطيرة لقرض كبير لمصر مع صندوق النقد الدولى؟
 
الإجابة بسيطة وواضحة ومباشرة وهى أنه لا يمكن تصور هذا، بل لا يمكن قبول استمراره على حاله الراهن. والحل أيضاً بسيط وواضح ومباشر لقيام رقابة شعبية على عمل الحكومة خلال تلك الفترة الطويلة التى سوف تستمر فيها فى إدارة شؤون البلاد، بل الأخطر منها خلال المرحلة الانتقالية الحالية. فعلى رئيس الحكومة أن يقدم فى مؤتمر صحفى وسياسى، شهرياً، حصيلة عمل حكومته، على ألا يقتصر حضور هذا المؤتمر أو السؤال فيه على رجال الإعلام، بل أن يكون من حق ممثلى جميع القوى السياسية والحزبية حضوره ومناقشة رئيس الوزراء فيما يعلنه خلاله. كذلك فعلى الوزراء الذين يتولون بعض الوزارات المهمة والرئيسية بالنسبة لمصالح المصريين ومستقبلهم أن يقدموا حصاداً شهرياً واضحاً ومفصلاً لعملهم وقراراتهم، خاصة لما يتخذونه من سياسات أو إجراءات تتضمن تغييرات رئيسية فى هذه الوزارات، بالطريقة نفسها المشار إليها سابقاً.
 
وفى هذا السياق، ولكى نطبق هذه المقترحات بصورة عملية، فإن زميلنا العزيز الأستاذ صلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام، المنتمى لجماعة «الإخوان المسلمون»، المسؤول اليوم عن الجهاز الإعلامى المرئى والمسموع، المفترض أنه ملك للشعب كله وليس لجماعة أو لحزب بعينه، قام ـ ولا يزال ـ بإجراء تغييرات كبرى داخله سواء فى السياسات أو القيادات. ونتيجة لعدم إعلان الوزير عن أى تفاصيل حول هذه التغييرات، فإن الأقاويل والشائعات تنتشر حول أنها تستهدف «أخونة» هذا الجهاز القومى المملوك للمصريين جميعاً وليس لجماعة الإخوان. والمطلوب اليوم لكى نعيد التأكد من ملكية الشعب لهذا الجهاز الإعلامى، ومن أن وزير الإعلام لا يسعى لأخونته، أن يعلن لنا – نحن المصريين – فى بيان واضح مفصل عما قام به ويقوم به وسيقوم به من تغييرات داخله، وأن يتم هذا فى مؤتمر صحفى – سياسى يحق لجميع حاضريه مناقشته فيما سوف يطرحه فيه.
 
أما إذا امتنع وزير الإعلام عن الإعلان عما فعل ويفعل فى جهازنا الإعلامى القومى، فلن يكون أمامنا سوى أمرين: الأول أن نصدق الأقاويل والشائعات السارية حول «أخونة» هذا الجهاز، والثانى أن يتحرك المجتمع بقواه السياسية والحزبية والاجتماعية بكل ما يملك من وسائل احتجاج ورفض ومقاومة، لكى يكون هو المراقب والمحاسب لكل أعمال السلطة التنفيذية التى «تستفرد» بحكم البلاد، دون رقابة برلمانية، بحيث يوقف تغولها على حقوقه ومكتسباته أو «أخونتها» للدولة المصرية التى هى ملك لكل المصريين.