التاريخ: تشرين الأول ١٩, ٢٠١٢
المصدر: جريدة الحياة
 
أين تمثيل النساء؟ - غالية قباني
لا تزال السياسة لعبة ذكورية بامتياز على رغم انتفاضات الربيع العربي التي أرادت إسقاط النظام القائم بكل رموزه، بما في ذلك هيمنة متوسطي الأعمار من الرجال، إلا أن المشهد السياسي المستجد يستبعد الشباب والنساء بحجة غياب الخبرة في العمل السياسي، لكن ما يحدث هو إبقاء تلك الفئات من دون خبرة، ليدور الحراك السياسي في الحلقة المفرغة إياها، وتبقى المقاعد محجوزة للرجال فقط. وأقرب مثل على هذه الوضعية هو الإعلان عن تجمعات ومجالس معارضة سورية عبر الإعلام، حيث يمكن ملاحظة كيف يهيمن على الصورة بياض شيب يتوج رؤوس المعارضين من الرجال المتوسطي الأعمار، لتقول الصورة إنهم هم من سيقودون البلاد إلى مرحلتها الجديدة، تماماً كما حدث في العقود الأخيرة، مع الإشارة إلى أن استثناء بشار الأسد قبل سنوات كان لضرورات وراثية وليس لهدف تجديدي. الصورة لا علاقة لها بالحراك الثوري الفعلي في التظاهرات والمواقف الاحتجاجية، حيث الفاعلون شباب بالدرجة الأولى وبينهم نساء بدرجة كبيرة.
 
ما يثير الانتباه إلى أن مجمل الفاعلين في الحراك السياسي في دول الربيع العربي، لم يستوعبوا الدرس جيداً من هذا الغضب الربيعي، استلمه جانب كبير منهم كهدية جاهزة يبني عليها مشروعه السياسي أو فرصته السياسية الجديدة، من غير أن ينظر في تفاصيل الأساس الذي يقف عليه الآن للقفز إلى مرحلة جديدة. هذا التجاهل هو ما أسميه «البقعة العمياء»، تلك الزاوية التي يتحدثون عنها في شروط قيادة السيارات ويطلبون من السائق التلفت إلى الخلف للتأكد منها لأن المرآة لن تعكسها. وهذا ما يحدث في قيادة المجتمعات الجديدة: الحكومة التونسية بامرأة واحدة لوزارة المرأة، في رسالة يفهم منها أن النساء لا يصلحن لقيادة شؤون أخرى. في اليمن يتصدر الرجال المشهد وبامتياز ليبدو الصراع بين بقايا القاعدة والحكم الجديد بينهم، وتتراجع توكل كورمان وصويحباتها إلى الظل مكتفيات بتكريم جائزة نوبل لهن العام الماضي.
 
وتذكرنا الناشطة بشرى المقطري أن المرأة اليمنية كان هدفها إسقاط النظام بكل مكوناته وإقامة دولة مدنية، إلا أن هذه الأهداف لم تتحقق، وبعد عام ونصف العام اكتشفت المرأة أنها استخدمت «ورقة» سياسية فقط. أما في مصر فلا حضور نسائي مميز في الحكومة باستثناء وزيرة واحدة للشؤون الاجتماعية، على رغم أن النساء كن حاضرات بقوة في ميدان التحرير وفي الحراك السابق واللاحق. وأما في ليبيا فهن حاضرات في الجمعية الوطنية لكن ليس في المشهد القيادي السياسي. في كل تلك البلدان نساء مفوهات واعيات فاجأننا بوعيهن، من اليمن إلى ليبيا.
 
لا يختص الإسلاميون بتجاهل المرأة وقد علق أحد قادة الإخوان السوريين عندما عاتبته بأنهم لم يرشحوا نساء للمجلس الوطني، بقوله: «نحن مقصرون، لكنا لسنا المقصرين الوحيدين في هذا المجال»... وفي هذا معه كل الحق، لا داخل المجلس الوطني فقط بل في مجال المعارضة السورية الآن. حيث تستدعى بعض النساء في شكل عام لملء خانة المرأة، ولإثبات ديموقراطية المجموعة في حال التقى رموزها مع مسؤولين في العالم المتقدم. 

 
* كاتبة سورية