|
|
التاريخ: حزيران ١٢, ٢٠٢١ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
انطلاق «تشريعيات» الجزائر اليوم وسط أجواء من التوتر والاعتقالات |
المعارضة تقرر مقاطعة الاستحقاق و«العنصرية» ضد مرشحات تثير جدلاً |
الجزائر: بوعلام غمراسة
تفتح مكاتب الانتخاب بالجزائر اليوم أبوابها لاستقبال حوالي 23 مليون ناخب، سيختارون 407 نواب في استحقاقات تشريعية غير عادية، ميزها عشية انطلاقها اعتقال وجوه بارزة في المجتمع، عرفوا برفضهم الشديد للانتخابات. فيما تعهد الرئيس عبد المجيد تبون بـ«إنهاء سياسة الحصص»، التي كانت تعد قبل أي انتخاب في السابق، وتمنح حسبه لأحزاب ومرشحين مستقلين خارج إرادة الناخبين.
ويتنافس على الأصوات 28 حزبا بـ646 لائحة مرشحين، إضافة إلى 837 لائحة مستقلين. ولأول مرة في تاريخ الانتخابات التشريعية يتفوق المستقلون على المترشحين الحزبيين من حيث العدد، ويعكس ذلك إرادة من جانب السلطات العليا، التي شجعت نشطاء تنظيمات المجتمع المدني والشباب غير المنخرط في أحزاب، على الالتحاق بكثرة بمقاعد البرلمان، والذين قال تبون عنهم إنه يعتزم أن يجعل منهم «ركيزة أساسية» في حكمه.
ويشارك «الإسلاميون» بقوة في المعترك الانتخابي، تمثلهم أربعة أحزاب هي «حركة مجتمع السلم»، و«جبهة العدالة والتنمية» (معارضتان)، و«حركة البناء الوطني» و«حركة النهضة» (مواليتان للسلطة). كما انخرط في ديناميكية الانتخابات أحزاب تؤيد سياسة الرئيس تبون، لكنها من مشارب سياسية أخرى، أهمها «جيل جديد» (ليبرالي)، و«جبهة المستقبل» (تيار محافظ).
ويغيب عن الموعد «جبهة القوى الاشتراكية»، و«حزب العمال»، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وهي أحزاب معارضة اعتبرت الانتخابات «عديمة المصداقية»، وقال قادتها إنهم يضمون أصواتهم إلى صوت الحراك بخصوص رفض الاستحقاق. كما بررت غيابها بـ«جو التوتر الذي يميز الانتخابات بسبب كثافة الاعتقالات، وتكميم الإعلام وإغلاقه على المعارضة».
وتشرف على تسيير العملية الانتخابية «سلطة وطنية مستقلة للانتخابات»، تم استحداثها بقانون عضوي عشية انتخابات الرئاسة 2019، وتكفلت باستفتاء تعديل الدستور العام الماضي أيضا. وعمليا فإن الجهة التي تسير الانتخاب، ماديا وبشريا، هي وزارة الداخلية، لهذا ترى المعارضة أن «سلطة الانتخابات» التي يرأسها وزير العدل السابق محمد شرفي، «وجدت للديكور وحسب».
ويرجح بأن منطقة القبائل بشرق العاصمة ستقاطع الاستحقاق بشكل واسع، كما كان الحال في كل الاستحقاقات السابقة، وذلك لوجود قناعة لدى سكانها بأن «النظام يخدم أجنداته الخاصة بواسطة الانتخابات». وقد تم في «تشريعيات» 2002 حرق مكاتب انتخاب بمحافظة تيزي وزو، كبرى ولايات القبائل الأمازيغية. وقد واجهت كل الأحزاب صعوبات كبيرة في إيجاد مرشحين لها من هذه المنطقة، التي تعارض النظام منذ الاستقلال، رغم إدراج لغة سكانها الأمازيغية في الدستور كلغة وطنية ورسمية، مثل اللغة العربية.
وتجري الانتخابات في ظروف غير طبيعية، خاصةً في العاصمة، حيث حظرت قوات الأمن مظاهرات الحراك الشعبي باستعمال القوة، منذ أربعة أسابيع، واعتقلت العشرات من النشطاء. فيما تشهد العاصمة منذ شهر تواجدا مكثفا لرجال الأمن، ما خلف انطباعا بأن حدث الانتخابات محفوف بالمخاطر. وكانت الحكومة أدخلت تعديلا على القانون الجنائي، ينص على إنزال عقوبة السجن 20 سنة، ضد أي شخص يمنع أي ناخب من التصويت، أو يخرب مكتب أو صندوق الانتخاب.
واتهم تبون المتظاهرين بـ«استفزاز رجال الأمن بهدف جرهم إلى استخدام القوة ضدهم». وقال عنهم إنهم «مخترقون» من طرف حركتين سياسيتين، صنفتهما الحكومة كتنظيمين إرهابين، هما «رشاد» الإسلامية التي يوجد قادتها في أوروبا، و«حركة استقلال منطقة القبائل»، التي ينتشر أنصارها بكثرة في ولايات القبائل. وقد طالت الاعتقالات في الأسابيع الماضية مناضلين سياسيين، وناشطين في جمعيات وصحافيين، وتجاوز عدد مساجين الحراك 200.
ومساء أول من أمس، اعتقلت قوات الأمن المناضل السياسي البارز كريم طابو، قرب بيته جنوبي العاصمة. كما اعتقلت الصحافي إحسان القاضي، مدير الصحيفة الإلكترونية «ماغراب إيمرجانت». وفي نفس التوقيت تقريبا، تم اعتقال الصحافي خالد درارني مراقب «مراسلون بلا حدود»، الذي قضى العام الماضي 11 شهرا في السجن، بتهم تتعلق بتغطياته احتجاجات الحراك، لكن أفرج عنه بعد أن أدانه القضاء بالسجن عامين، وتم استئناف الحكم.
كما جرى اعتقال ثلاثة نشطاء آخرين، بحسب «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين». ولا يعرف رسميا أسباب موجة الاعتقالات عشية الانتخابات، لكن يعرف عن هؤلاء المناضلين والصحافيين، انخراطهم في حملة رفض الانتخابات.
ودعا عدد كبير من الناشطين، أغلبهم محامون وصحافيون وأساتذة وطلاب بالجامعة، في بيان إلى مقاطعة الانتخاب، بحجة أن البلاد «تشهد حالة طوارئ غير معلنة، وحصارا خانقا لكل الساحات العمومية، ومنعا للمظاهرات السلمية الداعية لتغيير النظام، في حين يجري الترويج في قطاع من الإعلام لموعد يدخل حتما في سياق المواعيد التي يفرضها النظام لمنع الشعب من التغيير الحقيقي ومن بناء نظام ديمقراطي».
«العنصرية» ضد مرشحات تثير جدلاً في انتخابات البرلمان الجزائري
الجمعة 11 يونيو 2021
الجزائر: «الشرق الأوسط»
على الرغم من وجود عدة سيدات على قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية، تبقى المرأة الجزائرية بعيدة عن عملية صنع القرار، ومشاركتها أحيانا شكلية فقط.
وفشلت حملة الانتخابات التشريعية المبكرة في جذب اهتمام الجزائريين، لكن بعض التصريحات العنصرية ضد بعض المرشحات نجحت في إثارة الجدل، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أظهرت ملصقات قائمة انتخابية في ولاية المنيعة (وسط)، يتساوى فيها عدد المرشحين الرجال مع النساء كما ينص على ذلك القانون، وجوه الرجال فقط، مع إغفال صور النساء، وهو ما أثار استنكارا واسعا على الشبكات الاجتماعية. لكن هذه الممارسة ليست بجديدة على المجتمع الجزائري. ففي انتخابات المجلس الشعبي الوطني لعام 2017، تم نشر عدة قوائم دون صور النساء.
وإضافة إلى ذلك أثارت تصريحات رئيس حزب جبهة الحكم الراشد، عيسى بلهادي، استنكارا واسعا بسبب تشبيه النساء على قائمة حزبه بـ«الفراولة الممتازة» للتغني بصفاتهن وكفاءتهن. وسرعان ما حوّل مستخدمو الإنترنت هذه التصريحات العنصرية ضد المرأة إلى موضوع للسخرية من السياسيين.
وأعاد هذا الجدل النقاش حول مكانة المرأة في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب في البرلمان). فمع أنها باتت أكثر حضوراً منذ عام 2012، إلا أنها تظل غائبة عن الأضواء مقارنة بالنواب من الرجال. علما بأن المرأة الجزائرية استفادت حتى الآن من إطار قانوني ملائم يسمح بدخولها المجالس المنتخبة، خاصة بعد أن أتاح التعديل الدستوري لسنة 2008 الاعتراف بحقوقهن السياسية، وإنشاء قانون 2012 حصصاً تمثيلية تتراوح ما بين 30 في المائة و40 في المائة وفقا للدوائر الانتخابية.
أما في قانون الانتخابات الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في مارس (آذار) الماضي، فقد أقرت المساواة التامة، حيث يفرض 50 في المائة من النساء على قوائم الانتخابات التشريعية أو المحلية.
ومع ذلك، لا يضمن هذا القانون حضورا أكبر للمرأة في المجلس المقبل لأنه يلغي نظام الحصص الإجبارية للمرشحات. لكن الأكيد هو أن هذه الإجراءات أدت إلى زيادة كبيرة في عدد النساء المنتخبات: من 7.7 في المائة من المقاعد في المجلس الشعبي الوطني عام 2007 (29 امرأة)، إلى 31.6 في المائة في العام 2012 (146 امرأة من أصل 462 نائبا). لكن في سنة 2017 سُجل انخفاض طفيف، حيث احتلت النساء 25.8 في المائة من المقاعد.
لكن الباحثة لويزة دريس آيت حمادوش، ترى أن الإشراك الواضح للمرأة هو «انتقائي». وكتبت في عام 2016 في مجلة إنسانيات الجزائرية للأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية أنهن «يحصلن على المزيد من الحقوق في السياسة، لكنهن يبقين غائبات عن مناصب صنع القرار»، أو داخل الهيئات القيادية للأحزاب أو الحكومة على سبيل المثال.
ووفقاً لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 2018، فإنه «من بين 32 منصباً من مواقع المسؤولية الموجودة داخل المجلس الشعبي الوطني، تشغل النساء 6.3 في المائة فقط»، ولا يرأسن أي كتلة نيابية، فيما يتركز عملهن بشكل أساسي في اللجان التي تتناول «الموضوعات المرتبطة تقليديا باهتمامات المرأة»، مثل الشؤون الاجتماعية والثقافية والصحة والتعليم.
ومن بين 36 منصباً في الحكومة الحالية، تشغل النساء ست حقائب فقط. وفي هذا السياق رأت حمادوش، أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أن السلطة الجزائرية تعتمد نظاما «ذكوريا وحصريا». موضحة أنها «تجمع بين المنطق الاستبدادي والأدوات الديمقراطية»، وتستند إلى «مطالب النساء لتعويض العجز الديمقراطي».
من جهتها، رحبت المحامية والناشطة من أجل حقوق المرأة، نادية آيت زاي، بالمساواة الواضحة في قوائم الانتخابات التشريعية لعام 2021، لكنها ذكرت أن هذا لا يضمن المساواة في النتائج. معربة عن أسفها لعدم نجاح النساء المنتخبات في تقديم مطالب لصالح حقوق المرأة، بقولها: «لم نر النساء الحاضرات في المجلس الشعبي الوطني يبرزن، أو يظهرن من خلال المواقف المؤيدة للمساواة والعدالة. لقد انصهرن في الجماعة». |
|