التاريخ: حزيران ١, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
رئيس مفوضية الانتخابات الليبية: الخلافات قد تؤخر الاقتراع
عبر رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السائح، عن قلقه من احتمال تأخر الموعد المقرر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بسبب الأجواء السياسية الحالية في البلاد.

وتحدث السائح، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن ضرورة التوافق بين الأفرقاء السياسيين حول العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن المفوضية ليس لها علاقة بمن يترشح من الليبيين على منصب رئيس البلاد، لكنها معنية بتوفر شروط الترشح التي تتوافق مع قانون الانتخابات.

وعبر السائح عن قلقه من الأجواء السياسية راهناً، وتأثيرها على موعد إجراء الانتخابات المقرر في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مرجعاً عدم التمكن من إنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده إلى «اختلاف وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين حول آلياتها».

وأشار إلى أن «فقدان الثقة بين الأفرقاء السياسيين ساهم بشكل كبير في عدم الخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها ليبيا منذ عام 2011»، لافتاً إلى أن «التدخل الأجنبي لعب دوراً كبيراً أيضاً في تعزيز هذه الأجواء، مما أوصل الأزمة الليبية إلى محطات لا تنبئ بخروج سريع آمن منها»، و«هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تأخر إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، ولكنها لا تلغيها».

وعلى مدار يومين من المداولات الساخنة، نهاية الأسبوع الماضي، انتهى الاجتماع الافتراضي لـ«ملتقى الحوار السياسي» دون الاتفاق على شيء ملموس يتعلق بـ«القاعدة الدستورية» للانتخابات التي سبق أن اقترحتها لجنته القانونية، لكنه أضاف خلافات جديدة حول الدستور، وآلية انتخاب الرئيس القادم، دفعت المبعوث الأممي لدى البلاد، يان كوبيش، إلى القول مساء أول من أمس إن «كثيراً من المداخلات طرحت قضايا، كما لو كانت تحاول إيجاد حلول لجميع المشكلات المتراكمة في ليبيا خلال العقد الماضي».

ورداً على تساؤل حول  مخاطر انتشار السلاح، ووجود تشكيلات عسكرية خارج إطار القانون، وتأثير ذلك على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية، قال السائح: «التحدي والتهديد الأبرز لسلامة الاستحقاق المرتقب يتمثل في عدم وجود قانون انتخاب عادل (…) لو وجد لدينا قانون انتخابي واضح لا يهمش بعض فئات المجتمع الليبي تحت أي تسمية، فإن ذلك يضمن تأمين 70 في المائة من العملية الانتخابية، وما تبقى سوف تتولى الأجهزة الأمنية تأمينه بشكل سهل، وبالتالي ستنحصر الخروقات في أعمال فردية لا تؤثر بشكل مباشر على نتائج العملية الانتخابية».

ورأى السائح أن «التوافق السياسي بين الأفرقاء، بما يضمن الاتفاق على آلية الانتخابات، من شأنه أن يؤثر إيجاباً على تنفيذها والقبول بمخرجاتها، ويدفع بمبدأ التغيير السلمي، وبالتالي سيقع من يعملون على تخريب الانتخابات في دائرة الضوء، محلياً ودولياً».

ورداً على جهود المفوضية في توفير الأجواء الملائمة للشخصيات التي قد تترشح على منصب رئيس البلاد، من شرق أو غرب ليبيا، أو التابعين للنظام السابق، قال السائح: «المفوضية ليس لها علاقة بمن يترشح، وإنما تتمسك بشروط الترشح التي جاء بها القانون، فمن لا تنطبق عليه الشروط لا يمكن قبوله، بغض النظر عن الخلفية السياسية والمجتمعية لهذا المترشح».

ولفت إلى أن «الدعاية الانتخابية للمرشحين جميعها ستحكمها اللوائح والإجراءات التي تضعها المفوضية، في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام المتنوعة التي ستمنح المترشحين الفرصة للوصول إلى ناخبيهم بطريق أكثر أماناً وفاعلية»، ولكنه اتهم أطرافاً لم يسمها بـ«عرقلة» الانتخابات، من خلال «التشكيك المبكر في مصداقيتها ونزاهتها عبر الحديث عن وجود أرقام وطنية مزورة»، موضحاً أن «ما يتم ترديده مجرد شائعات تهدف إلى جذب القرار السياسي إلى الوراء».

وتطرق السائح للجدل القانوني الراهن حول عملية انتخاب الرئيس بين تيار يؤيد انتخابه بشكل مباشر من الشعب، وآخر يفضل  اختياره من قبل البرلمان، وقال: «الفيصل هنا هي صلاحيات الرئيس، فإذا كانت موسعة، فنرى أن هذا الرئيس يجب أن ينتخب من الشعب مباشرة. أما إذا كانت محدودة رمزية، فإنه لا بأس من انتخابه من قبل البرلمان الجديد، فالأمر يتعلق بالصلاحيات، وليس بطريق الانتخاب». واستكمل: «توجد حالياً في قاعدة بيانات المفوضية (2.5 مليون ناخب)، ونهدف إلى رفع هذا العدد إلى (3 ملايين) في أول عملية تحديث لسجل الناخبين» .

وعلى الرغم من تدني نسب المشاركة في انتخابات مجالس بعض البلديات الليبية التي جرت مؤخراً، يتوقع السائح إقبالاً كبيراً ومشاركة واسعة من الليبيين بنسبة مشاركة تتجاوز 50 في المائة. 

وكان الليبيون قد خاضوا أول استحقاق انتخابي لهم بعد 42 عاماً من حكم الرئيس الراحل معمر القذافي في يوليو (تموز) عام 2012، حيث انتخبوا أعضاء «المؤتمر الوطني العام». وفي يونيو (حزيران) 2014، انتخبوا مجدداً أعضاء مجلس النواب الحالي.

ورأى السائح أن الديمقراطية عملية تراكمية، وليس هناك شعب في العالم وُجد ديمقراطياً، بل إنه مر بكثير من التجارب، وقدم كثيراً من التضحيات لكي يرسخ حكم يقوم على التداول السلمي للسلطة، مستدركاً: «الليبيون ما زالوا حديثي عهد بالتجربة الديمقراطية، ولكنهم وضعوا أقدامهم على الطريق الحضاري الصحيح لبناء الدولة، ولا شك في أن عملية البناء سوف تأخذ وقتاً طويلاً».