التاريخ: أيار ٢١, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
انطلاق حملة انتخابات البرلمان الجزائري وسط فتور شعبي
الجزائر: بوعلام غمراسة- انطلقت، أمس، في الجزائر حملة انتخابات البرلمان، المقررة في 12 من الشهر المقبل، وسط فتور شعبي وجدل أثاره قرار السلطات صرف منحة من المال العام للمترشحين المستقلين، الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة. وبدا من خلال الملصقات أن شعار «التغيير» هو القاسم المشترك بين غالبية المتنافسين، ضمن 1483 لائحة ترشيح. ولاقى قرار تقديم مساعدة مالية (قيمتها 1700 دولار بالعملة المحلية) للمترشحين الشباب انتقاداً شديداً من طرف منافسيهم الحزبيين، الذين رأوا في ذلك تمييزاً بين المترشحين، بينما يفترض، بحسبهم، أن تكون السلطات على نفس المسافة بينهم.

وكان مرشحو الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» أكثرهم رفضاً لهذا المسعى، حسبما أظهرته ردود أفعالهم بحساباتهم بالمنصات الرقمية، خاصة «فيسبوك»، الذي يعد الفضاء الأكثر استعمالاً في الدعاية الانتخابية لكل المترشحين تقريباً، قبل بدايتها رسمياً.

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد تعهد خلال حملة «رئاسية 2019» بمساعدة مالية للشباب، قصد تشجيعهم على الترشح للانتخابات البرلمانية. وتأتي «منحة ترشيحات الشباب»، مع اشتداد الضائقة المالية للخزانة العامة، بفعل تراجع مداخيل المحروقات، وضغط أزمة «كوفيد 19»، التي تسببت في إغلاق عشرات المؤسسات الصغيرة، وإحالة 500 ألف عامل على البطالة، بحسب إحصاءات الحكومة. فيما تشهد البلاد حالياً موجة إضرابات ومطالبات برفع الأجور.

ويخوض معترك الحملة 28 حزباً بـ646 لائحة ترشيح، و837 مترشحاً مستقلاً، مع وجود لافت للإسلاميين في السباق، يتقدمهم حزب «مجتمع السلم»، وناشطون إسلاميون ليس لهم انتماء حزبي، لكنهم يعولون على الولاءات القبلية، والروابط القوية بين العائلات والأطر الدينية في المناطق المحافظة. وسيدوم التنافس على كسب 23 مليون صوت ثلاثة أسابيع، يخضع خلالها المترشحون لشروط صارمة، تضمنها قانون الانتخابات، منها ردع أي هجوم ضد الخصم فيه سب، أو دعوة إلى العنف أو ميز عنصري، أو «استغلال للدين والرموز الوطنية» أثناء الحملة.

وعلى عكس كل المواعيد الانتخابية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تشارك الأحزاب التي كانت محسوبة على السلطة باحتشام، بعد أن رفض الفريق الذي خلف بوتفليقة في الحكم الاستعانة بخدماتها لتجسيد مشروعاته السياسية. ويتعلق الأمر بـ«جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، صاحبي الأغلبية في البرلمان المنحل في فبراير (شباط) الماضي.

كما تشارك في الحملة أحزاب صغيرة، أعلنت ولاءها للرئيس تبون بعد وصوله إلى الحكم، أبرزها «جيل جديد» و«جبهة المستقبل»، و«جبهة الجزائر الجديدة» و«فجر جديد»، مع غياب لافت لأحزاب المعارضة اليسارية واللائيكية المعارضة، وأهمها «جبهة القوى الاشتراكية» و«حزب العمال»، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية».

وبدت حملة الدعاية لبرامج ووعود المترشحين فاترة في يومها الأول، ميزها إقبال محتشم على التجمعات التي عقدها قادة الأحزاب، والمرشحون البارزون في لوائح المستقلين، الذين خاض بعضهم «مغامرة» اللقاء المباشر مع الناخبين في المقاهي والأحياء الشعبية، في ظل رفض شعبي نسبي للاستحقاق وتذمر من غلاء المعيشة، وتحفظ على أداء النواب، الذين رسمت لهم صورة في المخيال الجماعي، مفادها أنهم باحثون عن أجور مرتفعة، ومكاسب مادية يوفرها البرلمان، الذي يعد جسراً لربط علاقات شخصية مع المسؤولين الحكوميين.

واللافت أن الحملة انطلقت بشكل مكثف في شبكة التواصل الاجتماعي، حيث نشر المترشحون صورهم، وبثوا فيديوهات حول وعودهم وبرامجهم وسيرهم الذاتية. وهذه الطريقة تجنبهم احتمال مواجهة غير مرغوب فيها مع الناخبين في الميدان. كما أن الأماكن المخصصة للدعاية الانتخابية، غابت عنها الملصقات في المدن الكبيرة، أمس، فيما لوحظ على المنشورات الإشهارية ببعض المناطق المحافظة، كمدن الجنوب الكبير، أسماء نساء مرفقة بمراكزهن الاجتماعية من دون صور. وهذه «الخصوصية» مألوفة لدى الأحزاب الإسلامية في جميع الاستحقاقات بهذه المناطق.

وأقر قانون الانتخاب المعدل، مؤخراً، مناصفة بين الرجل والمرأة في لوائح الترشيحات، ما طرح إشكالاً للأحزاب بسبب صعوبة البحث عن مترشحات خارج المدن الكبيرة.