|
|
التاريخ: أيار ١٢, ٢٠٢١ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الأمم المتحدة تبدي «قلقاً متزايداً» بشأن حقوق الإنسان في الجزائر |
الإبراهيمي يطرح مبادرة تشمل تأجيل الانتخابات |
الجزائر: بوعلام غمراسة
بينما عبرت المحافظة السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، عن «قلق متزايد» إزاء أوضاع الحقوق والحريات في الجزائر، اعتقلت قوات الأمن أمس بعاصمة البلاد ستة صحافيين، من بينهم مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، أثناء المظاهرة الأسبوعية لطلاب الجامعات التي منعتها بالقوة. وقال المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أمس بجنيف، روبير كولفيل خلال مؤتمر صحافي دوري، إن الأمم المتحدة «قلقة بشكل متزايد» للوضع في الجزائر، حيث «لا يزال العديد من الحقوق الأساسية، مثل الحق في حرية الرأي، والتجمع السلمي تتعرض للاعتداء». بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح كولفيل أنه منذ استئناف مسيرات الحراك الأسبوعية، المعارضة للنظام في الجزائر في 13 من فبراير (شباط) الماضي، تلقت الأمم المتحدة تقارير «عن استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين، فضلاً عن استمرار الاعتقالات». وناشد السلطات الجزائرية «الكف عن استخدام العنف لتفريق المظاهرات السلمية، ووضع حد للاعتقالات التعسفية واحتجاز الأشخاص، الذين مارسوا حقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي».
كما أوضح المتحدث أنه «في أربع مناسبات في (أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين، مُنعت المسيرات الطلابية، كما واصلت السلطات منع الوصول إلى نقاط التجمع في المظاهرات. وأكد كولفيل أنه «على مدى الشهرين الماضيين، استمرت الملاحقات القضائية ضد النشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان والطلاب والصحافيين والمدونين والمواطنين العاديين». مشيرا إلى مقاضاة نشطاء الحراك «على أساس قوانين فضفاضة للغاية، حتى بعد الإعلان عن عفو رئاسي في فبراير من هذا العام»، وجدد دعوته للسلطات إلى إجراء تحقيقات «سريعة ونزيهة وفعالة في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان (...)، وضمان حصول الضحايا على تعويضات».
في سياق ذلك، قال ناشطون أمس إن الشرطة اعتقلت الصحافي درارني، الذي غادر السجن في فبراير الماضي بعد 11 أشهر من الحبس الاحتياطي. كما اعتقل الصحافيون مصطفى بسطامي من صحيفة «الخبر»، وسامي خروم من صحيفة «الوطن»، وفريال بوعزيز من الموقع الإخباري «إنترليني»، وحكيم حميش من موقع «طريق نيوز». واستعملت قوات الأمن القوة لتفريق الطلاب المتظاهرين لحظة تجمعهم بـ«ساحة الشهداء» في العاصمة، حيث اعتقلت العديد منهم. وقال مروان رزيق، وهو طالب بكلية اللغات كان مع زملائه بالمظاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «لا نفهم صراحة سبب هذه الحدة في التعامل مع طلاب سلميين، يرفعون شعارات سياسية ليس فيها عنف، ولا أي شيء يجرمه القانون. ألم يذكر رئيس الدولة أن المظاهرات لا تزعجه؟». وأكد صحافيون بولايتي تيزي وزو وبجاية (منطقة القبائل شرق العاصمة)، أن قوات الأمن منعت مظاهرة للطلاب على غير العادة، ذلك أن الشرطة لا تتصدى للناشطين في هذين المحافظتين عندما ينظمون عادة احتجاجا في الشارع. ويقول مراقبون إن «الغِلظة» التي لوحظت في الأسابيع الماضية أثناء التعاطي مع الاحتجاجات، تعكس إرادة الحكومة في إنهائها قبل حملة انتخابات البرلمان التي تنطلق الأسبوع المقبل.
وتركت وزارة الداخلية انطباعا قويا بأنها لن تسمح للحراك بتنظيم مظاهراته أيام الجمعة. فقد حذرت الأحد من «الانحرافات والاختلالات الخطيرة المصاحبة للمسيرات الأسبوعية». وفرضت على المتظاهرين إيداع طلب لديها للسماح لهم بتنظيم مظاهرة، يتضمن أسماء مؤطريها مع تحديد مسارها وشعاراتها.
الجزائر تريد فسخ عقود مع شركات قريبة من {لوبيات معادية}
الثلاثاء 11 مايو 2021
بدأت الحكومة الجزائرية بمراجعة كل العقود والصفقات، التي تمت بين شركات القطاع العمومي، وشركاء أجانب خلال السنين الأخيرة، بهدف التأكد مما إذا كان «الطرف الآخر» معارضا لسياسات الدولة ومصالحها، بحسب المفهوم الذي أطلق على المسعى. وجاء ذلك بعد أن أمرت الرئاسة بإلغاء اتفاقات اقتصادية وتجارية مع «كيانات» مصنفة «معادية للجزائر».
وأفاد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» بأن القرار أدخل مسيري عدة شركات في دوامة، خاصة أنه قد يدفع بعضهم إلى التخلي عن صفقات أبرمت مع أجهزة وشركات أجنبية، ومجموعات اقتصادية تابعة لدول، بينها وبين الجزائر علاقات متوترة. وأكد ذات المصدر أن فسخ العقود سيترتب عنه أثر مالي كبير، وتعثر مشروعات واستثمارات مهمة، ستلحق ضررا، حسبه، بالاقتصاد الذي يعاني من أزمة خانقة منذ بداية تراجع مداخيل المحروقات عام 2015.
ووجه الرئيس عبد المجيد تبون «تعليماته» إلى رئيس الوزراء عبد العزيز جرَاد، (تملك «الشرق الأوسط» نسخة منها)، ذكر فيه أنه تسلم «العديد من التقارير التي تشير إلى مساس خطير بالأمن الوطني، ضالعة فيه مؤسسات اقتصادية وطنية عمومية وخاصة، أقامت علاقات تعاقدية مع كيانات أجنبية، دون مراعاة المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للبلاد».
وأعطى مثالا على ذلك بـ«الشركة الوطنية للتأمين»، و«الشركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين» العموميتين «اللتين أقامتا اتصالات مع مؤسسات مغربية». كما أشار إلى شركة الهاتف النقال «جيزي» (49 في المائة من رأس مالها أجنبي)، «التي أوكلت عملياتها الإشهارية لشركات قريبة من لوبيات أجنبية معادية للجزائر»، من دون ذكر ما هي «اللوبيات»، كما لم يسم «الكيانات». ومعروف أن العلاقات الجزائرية - المغربية شبه مقطوعة منذ 1994 بسبب خلافهما حول نزاع الصحراء.
ويرجح أن العقود محل جدل أبرمتها الشركات الثلاث في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). ويقول الفريق الذي يحكم البلاد حاليا إنه أطلق إجراءات إدارية وقضائية من أجل محو آثار تسيير الاقتصاد في المرحلة السابقة «بهدف الانتقال إلى جزائر جديدة».
وتحمل «التعليمات» تاريخ 23 أبريل (نيسان) الماضي، وتم تسريبها ليل الأحد على نطاق واسع، وفيها أكد الرئيس تبون أن التعاقد مع الجهات محل تحفظ «تتم من دون تشاور مسبق»، مؤكدا أنها «تؤدي لا محالة إلى وضع معطيات ومعلومات حساسة، تحت تصرف كيانات أجنبية، ما من شأنه المساس بالمصالح الحيوية لبلادنا وبأمنه».
وبحسب تبون، الذي يظهر توقيعه على «التعليمات»، فإن الأمر «تعلق في العديد من المرات بعقود، ترتب عنها تحويل عملة صعبة إلى الخارج، لأجل تأدية خدمات بالكاد توصف بمتوسطة التعقيد، بينما بإمكان المؤسسات الجزائرية التكفل بها بكل سهولة». ولفت إلى أن «الآثار السلبية لهذه الممارسات يبدو أنها آخذة في الانتشار»، وطالب مسيري الشركات العمومية بـ«وضع حد نهائي لهذا النوع من العلاقات في أجل أقصاه 10 أيام (المهلة انتهت في الثالث من الشهر الجاري، وفق تاريخ إرسال الوثيقة إلى رئيس الوزراء)، والتحلي مستقبلا بالمزيد من المسؤولية والحذر في العلاقات مع الشركاء الأجانب، مع الحرص في كل الظروف على الحفاظ على المصالح العليا للدولة».
وأضاف الرئيس موضحا أنه «أسدى تعليمات لوزير المالية بأن لا يسمح بتحويل أي أرباح تتعلق بعقود من هذا النوع نحو الخارج، وأنه يتعين فسخها في الحين»، مبرزا أن «أي إخلال بالامتثال لهذه التعليمة، سيتم اعتباره بمثابة الغدر والتواطؤ وبالتالي ردعه بشدة».
ويفهم من حدة كلام تبون أن القضية باتت مزعجة للسلطات بشكل كبير، إلى درجة اتهام «الخيانة» ضد مسؤول شركة حكومية، في حال أبرم عقدا مع شركة ملكا لدولة تعتبرها الحكومة «عدوا». ولم يسبق أن جرى الكشف عن القضايا التي تشكل مساسا بالأمن القومي، ولا تهديد المتورطين فيها (وفق مفهوم السلطات) بالعقاب، حيث تم معالجة الكثير منها في وقت سابق في سرية وكتمان.
الإبراهيمي يطرح مبادرة تشمل تأجيل الانتخابات
أحزاب تحتج على إقصاء مرشحيها للاستحقاق على أساس «تحفظات أمنية»
الاثنين 10 مايو 2021
أعلن وزير الخارجية الجزائري الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي أمس عن «مبادرة للخروج من الأزمة» التي تشهدها البلاد، تتضمن تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 من الشهر المقبل وتشكيل «حكومة وحدة وطنية»، وإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي وحل ما وصفه بـ«البوليس السياسي» في إشارة إلى جهاز الأمن الداخلي.
ونشر أعضاء سابقون بـ«حزب الوفاء»، الذي أسسه الإبراهيمي عام 1999 ورفضت السلطة منحه الترخيص بالنشاط، أمس مضمون المبادرة التي أعدها في الأصل أعضاء «التيار الوطني الجديد»، وهو تنظيم نشأ في الحراك ورفضت الداخلية منحه الترخيص كحزب سياسي. وقد تبنى الإبراهيمي المبادرة بعد أن عرضت عليه. ومما جاء فيها، أن أصحابها يطرحون «مقاربة سياسية تلبي المطالب المشروعة للشعب الجزائري، في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم وتدفع كل الهواجس الموجودة لدى كل الأطراف السياسية المدنية، وبالأخص المؤسسة العسكرية».
وأكدت الوثيقة أن «المطلوب اليوم ليس مجرد تبادل للآراء حول جوانب فنية وإجرائية بين السلطة والمعارضة، كما في الظروف العادية، وإنما حوار مسؤول قائم على الاستعداد للأخذ والعطاء دون أحكام مسبقة، وتقديم تنازلات من كل الأطراف لتحقيق التوافق الوطني الذي لا مفر منه».
واقترح أصحاب المسعى، 6 آليات لتفعيله بمثابة شروط لتحقيق التهدئة، هي «إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين دون شرط أو قيد»، و«انفتاح الإعلام على مختلف أطياف المشهد السياسي، ورفع كل أشكال المضايقات والأوامر الأمنية والسياسية التي تتنافى مع حرية الإعلام» و«فتح الفضاءات العامة لكل الجزائريين دون إقصاء»، و«وقف كل أشكال المتابعات القضائية ضد النشطاء السياسيين».
وتشدد الوثيقة على «التزام الجميع معارضة وسلطة، بوقف كل أشكال الهجمات الإعلامية المتبادلة والتزام خطاب إعلامي يراعي خصوصية المرحلة». كما تم اقتراح تأجيل الانتخابات التشريعية «إلى موعد تتفق عليه كل الأطراف السياسية».
وطالبت الوثيقة من السلطة دعوة الأحزاب لـ«حوار شامل ومسؤول وملزم، عبر ندوة وطنية دون إقصاء لأي طرف من الأطراف السياسية، تلعب فيه المؤسسة العسكرية دور الضامن لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والمسهل لعملية الانتقال الديمقراطي، باعتبارها حجر الزاوية لأي حل سياسي». وينتهي «الحوار»، حسب مقترحات الوثيقة، بتشكيل حكومة وحدة وطنية ومراجعة قوانين الانتخابات والأحزاب السياسية والإشهار العمومي، والقانون الخاص بـ«سلطة الانتخابات»، مع إلغاء كل القوانين السالبة للحريات العامة والفردية، و«حل البوليس السياسي».
كما يعود لـ«ندوة الحوار»، حسب الوثيقة، تحديد تاريخ جديد لانتخابات البرلمان، على أن يتولى البرلمان الجديد كتابة الدستور. كما أكدت على تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة «للدخول في عهدة رئاسية انتقالية، تعمل على إقامة دولة القانون وتمدين نظام الحكم مع انسحاب سلس ومتفق عليه للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية، وإطلاق إصلاحات اقتصادية جذرية».
ويأتي الإعلان عن المبادرة في أجواء متوترة، تتميز باعتقال ومتابعة عدد كبير من المتظاهرين، وإضرابات في قطاعات عديدة بسبب سوء المعيشة. وترى الحكومة أن استمرار المظاهرات المعارضة لها، واحتجاج حركات مطلبية، «مؤامرة تدبرها جهات خارجية بهدف ضرب استقرار البلاد».
في سياق ذي صلة، اجتمع رئيس «سلطة الانتخابات» محمد شرفي أمس بالعاصمة، مع قادة ستة أحزاب تحتج على إقصاء عدد كبير من مرشحيها للانتخابات، على أساس تحفظات أمنية. واستندت سلطة الانتخابات في إبعاد المترشحين، إلى فقرة بالمادة 200 من قانون الانتخابات، تتحدث عن رفض ملف الترشح إن كان صاحبه «معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة، وتأثيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين، وحسن سير العملية الانتخابية».
وترى الأحزاب الساخطة، أن الجهات الأمنية «تعسفت في استعمال النص القانوني». وقد تصرفت «سلطة الانتخابات» في لوائح الترشيحات بناء على تقارير الأمن الداخلي حول «سيرة وسلوك المترشحين». وطالبت الأحزاب الخمسة بتمكين المقصيين من محاضر الأمن التي تعاقبهم، حتى يمكنهم الطعن فيها لدى المحاكم. وأفادت مصادر تابعت اجتماع أمس، لـ«الشرق الأوسط» بأن شرفي لم يتعهد للغاضبين بإعادة اللوائح التي تم إسقاطها. ونقل عنه أنه «طبق القانون بكل استقلالية». |
|