التاريخ: آذار ٣٠, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السودان: «جرائم ضد الإنسانية» تطارد قتلة «ثوار عطبرة»
الخرطوم: أحمد يونس- بدأت في مدينة عطبرة شمال السودان أول محاكمة من نوعها، والتي يواجه فيها خمسة متهمين، يتبعون جهاز الأمن والمخابرات، تهم القتل العمد، وجرائم ضد الإنسانية، والاشتراك الجنائي، على خلفية قتل متظاهرين بالرصاص في المدينة، التي اشتعلت منها شرارة الثورة التي أطاحت حكم الإسلاميين.

وطالب النائب العام، تاج السر الحبر، في نص الاتهام الافتتاحي بتوجيه اتهامات بالقتل والجرح العمد، والاشتراك الجنائي والجرائم ضد الإنسانية ضد منسوبي جهاز الأمن والمخابرات الوطني، حمدي بدر الدين النور، وهاشم الطيب محمد الأمين، ووائل محمد كمال أحمد، ومحمد صالح علي عمر.

واشتعلت شرارة الثورة، التي أطاحت بالرئيس المعزول عمر البشير، ونظام الإسلاميين في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2018، بتظاهرات سلمية طالبت بتنحي البشير، لكن السلطات استخدمت العنف المفرط والرصاص لتفريقها، ما أدى لمقتل 3 شبان من بين المحتجين، وجرح العشرات، قبل أن تنتقل الثورة إلى مدن البلاد الأخرى، بما فيها العاصمة الخرطوم.

وقال النائب العام في جلسة المحكمة، التي عقدت بمدينة عطبرة أمس، إن النيابة استندت في توجيه الاتهامات على التقارير الطبية، التي أكدت أن الإصابات تركزت على منطقتي الرأس والصدر، وبإطلاق الرصاص مباشرة على المحتجين، مبرزاً أن «قوة هيئة العمليات»، التابعة لجهاز الأمن، وصلت إلى المدينة في اليوم نفسه لإجهاض بذرة الثورة، قبل أن تتمدد، وظلت في مسرح الأحداث بعد انسحاب الشرطة، وأنها ارتكبت «جرائم ضد الإنسانية»، إضافة إلى شهادات الشهود، الذين أكدوا إطلاق المجموعة للذخيرة الحية، وتقارير الطب الشرعي ومقاطع فيديو مصورة للأحداث.

وتعد اتهامات بـ«جرائم ضد الإنسانية»، التي وجهت للمتهمين، هي أول اتهامات من نوعها توجه لمتهمين في السودان. وفي هذا السياق، قال النائب العام إن الجرائم التى ارتكبها المتهمون الماثلون أمام المحكمة، «يمكن وصفها بامتياز بأنّها جرائم ضد الإنسانية»، مشدداً على أن «قانون الأمن الوطني لا يسمح لأي عضو بأي جهاز باستخدام القوة، ورجل الأمن الذي يتجاوز ما يفرضه القانون من قيود، سيتحول بشكل درامي إلى مرتزق مأجور، أو قاتل مأجور».

ووصف الحبر الجريمة بأنها «سلوك واسع النطاق وممنهج، شمل كل المواكب، واستندت على أوامر واضحة وصريحة بالقتل، ما يضع سلسلة القيادة التي صدرت عنها الأوامر، أو تجاهلت عنف منسوبيها، ضمن دائرة الاتهام هي الأخرى»، مضيفاً أن العالم أجمع «شهد سلمية المظاهرات، كما شهد القمع الوحشي، الذي تعرضت له جموع المتظاهرين السلميين في كل مدن السودان».

وتعهد النائب العام لأسر «الشهداء» بأن دماءهم لن تذهب هدراً، مهما كانت العقبات التي واجهت التحريات، «حتى لا يتكرر المشهد في بلادنا مرة أخرى».
ويواجه أفراد جهاز الأمن المتهمون تهماً تصل عقوبتها إلى الإعدام حال الإدانة.

في غضون ذلك، تشهد الخرطوم منذ يناير (كانون الثاني) الماضي محاكمة متعاقد مع جهاز الأمن، وميليشيات الأمن الشعبي، بتهمة اغتيال حسن محمد عمر، بإطلاق الرصاص عليه أثناء مشاركته في الاحتجاج، وإصابته في عنقه في أول مواكب الخرطوم في 25 ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وأيدت المحكمة العليا السودانية في فبراير (شباط) الماضي، أحكاماً بالإعدام ضد 29 من منسوبي جهاز الأمن، أدينوا بقتل وتعذيب المدرس أحمد الخير، إبان الثورة في مدينة «خشم القربة» شرق البلاد.
ولقي عشرات الشبان مصرعهم إبان الثورة السودانية، وأصيب المئات برصاص أجهزة الأمن، أثناء مشاركتهم في الاحتجاجات، التي أدت لعزل الرئيس عمر البشير، والتي يتهم فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بـ«ارتكاب انتهاكات جسيمة»، يجري التحقيق بشأنها، فيما يتمسك الثوار وذوو الضحايا بحقهم في القصاص من القتلة.