اتهم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أطرافاً سياسية بالعمل على عرقلة مساعي حكومته في ملفين مهمين، وهما: استعادة هيبة الدولة، ومكافحة الفساد. الكاظمي، في حوار متلفز مع عدد من القنوات الفضائية العربية، قال إن «استعادة الدولة تعني وجود أطراف متضررة، وبكل تأكيد من يتضرر يحاول أن يقاوم للحظة الأخيرة». وأضاف: «اتخذنا سياسة الصبر والحسم، وإعادة الثقة للأجهزة الأمنية، لإيقاف هذه الجماعات، وقمنا بإجراءات مهمة جداً، وقد نجحنا بها»، مبيناً أنه «لا مجال لأي طرف يريد أن يكون خارج إطار الدولة، وهذا يحتاج إلى الوقت والصبر».
وحول الانتشار العسكري المسلح الذي قام به فصيل مسلح يطلق على نفسه اسم «ربع الله» يوم الخميس الماضي في العاصمة بغداد، تعهد الكاظمي بـمنع تكرار ذلك، مشيراً إلى أن «هناك محاولة، أو سوء تقدير من بعضهم، للاستحواذ على السلطة، وتصفير بعض نشطاء المجتمع المدني، وهذا الوضع أنتج حكومة مطلوباً منها، باتفاق مع الكتل السياسية والقوى الشعبية، أن تؤسس لانتخابات نزيهة مبكرة عادلة، وتقوم بواجبها بتوفير هذه الظروف والوضع الأمني الضامن لانتخابات نزيهة ووضع اقتصادي يحمي ويوفر الظروف للانتخابات».
وتابع: «جئنا بهذه الظروف وبعضهم يراهن على فشل هذه الحكومة، أو محاولة إعاقة أي عمل، واتخذنا قرارات جريئة بتوفير بيئة، وتقديم مجموعات إصلاحات تبدأ بالورقة البيضاء، وهي ورقة إصلاح إداري اقتصادي في مؤسسات الدولة العراقية». وبين الكاظمي أن «العراق لم يتعرض إلى عملية تحديث بنظامه منذ عقود طويلة، وهذه أول مرة هناك ورقة إصلاح تقدم فيها إصلاحات الجانب الإداري والاقتصادي».
واتهم الكاظمي أطرافاً لم يسمها بالسعي إلى عرقلة عمل لجنة مكافحة الفساد، مبيناً أن «لجنة مكافحة الفساد تتعرض إلى اتهامات بالتجاوزات على المسؤولين المعتقلين بتهم الفساد».
وحول مفهوم «المشرق الجديد» الذي يتبناه، والذي أثار حفيظة كثير من الجهات، لا سيما القريبة من إيران، فقد دافع رئيس الوزراء عن إمكانية أن يكون هناك مشرق جديد نواته العراق والأردن ومصر، وذلك بالتزامن مع تحضيرات عقد قمة بين البلدان الثلاث ببغداد، تأجلت بسبب حادثة القطار في مصر. وقال إن «السياسة أدخلت العراق في دوامات سنين طويلة»، مضيفاً: «اليوم، عندما تكون المصالح الاقتصادية هي العنصر الرئيس في استراتيجية التعاون، تقل المشكلات».
وبشأن ملف القوات الأجنبية في العراق، قال الكاظمي إن «العراق ليس بحاجة إلى وجود قوات أجنبية على الأرض»، مبيناً أن «البلاد بحاجة إلى دعم دولي، واستمرار طيران التحالف بتوجيه الضربات الجوية ضد أوكار عناصر (داعش)، وهناك حاجة للتنسيق الأمني والطيران الجوي». وأوضح أن «القوات الأمنية نفذت عملية في مناطق جبلية بمحافظة كركوك، نُفذت خلالها أكثر من 300 ضربة جوية، وقتل فيها عدد كبير من عناصر (داعش)».
وحول العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، أكد الكاظمي أن «العلاقة بين واشنطن وبغداد يجب أن تتحول إلى مصلحة أميركية - عراقية في مجالات الاقتصاد والأمن والثقافة والصحة والمجالات الأخرى». وحول تأكيد الكاظمي عدم الحاجة إلى الوجود الأجنبي في العراق، يقول مستشاره، الدكتور حسين علاوي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية عملت خلال الفترة الماضية على الحوار الاستراتيجي مع الأميركيين، ونجحت في إعادة جدولة المستشارين الذين عملوا في بعثة التحالف الدولي لمطاردة (داعش)»، مبيناً أنهم «قاموا بأدوار مهمة على صعيد الإسناد الجوي والأسلحة وتبادل المعلومات الاستخبارية، الأمر الذي أدى إلى هزيمة التنظيم الإرهابي الذي تحول إلى فلول تحتاج إلى مطاردة ضمن آليات أخرى، وهو ما جعل الحكومة العراقية تجري مفاوضات مع الجانب الأميركي بشأن إعادة انتشار هؤلاء المستشارين، حيث يعمل الآن نحو 2500 مستشار أميركي، بعد أن كانوا أكثر من 5 آلاف مستشار».
وأضاف علاوي أن «الحوار لا يزال جارياً بشأن الأعداد المتبقية، حيث تتولى وزارة الخارجية استكمال جوانب هذا الحوار بمراحله المختلفة». وبين أن «العراق يتطلع نحو بناء علاقات مع أميركا باتجاه الانتقال من الأفق العسكري والأمني إلى ما عداه من جوانب أخرى، مثل الاقتصاد والتنمية والاستثمار، وهو ما يعطي حيوية لاتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تتضمن 6 أبواب في ميادين مختلفة تعمل الحكومة العراقية على توسيع مجالاتها وميادينها».
وفيما يتعلق بمفهوم «المشرق الجديد» الذي يتبناه الكاظمي، يقول علاوي إن «هذا المشروع مهم، فهو اقتصادي سياسي أمني، يهدف إلى تعزيز مختلف المجالات في ميدان التكنولوجيا والاقتصاد والأمن، وتقديم الخدمات العامة، وهو ما سوف يعزز فضاءً جديداً للسياسة الخارجية العراقية، ويمنحها ميزة تنافسية، لا سيما للموارد العراقية المعروفة، مثل النفط والغاز، بالإضافة إلى تحسين قدرة العراق في المشاريع المشتركة مع الدول الأخرى، وفي المقدمة منها الأردن ومصر»، مبيناً أن «المشرق الجديد إذا كان قد بدأ بثلاث دول، فإنه بالإمكان مستقبلاً انضمام دول أخرى له، انطلاقاً من المبادئ التي يتضمنها».
وكان يفترض أن تستضيف بغداد، أمس، القمة الثلاثية العراقية - المصرية - الأردنية، لكنها تأجلت إلى إشعار آخر بسبب حادث القطار في مصر. إلى ذلك، أكد كل من الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أهمية عقد القمة في أقرب وقت. وقال المكتب الإعلامي للكاظمي إن رئيس الوزراء تلقى اتصالاً هاتفياً من الملك عبد الله، و«جرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن بحث سبل تعزيز التعاون بين بغداد وعمان على مختلف الصعد والمستويات».
وأكد الجانبان «أهمية انعقاد القمة الثلاثية العراقية - الأردنية - المصرية في وقت قريب جداً، والتطلع إلى تطوير علاقات التعاون، بما يحقق المصالح المشتركة».
|