التاريخ: آذار ٢٢, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
دعوات إلى حل البرلمان العراقي عشية الانتخابات
مطلقوها يخشون حكومة بلا رقابة {إذا حل قبل الاقتراع بـ60 يوماً}
بعد أيام قلائل من التصويت على تعديل قانون المحكمة الاتحادية، حيث بات الطريق سالكاً أمام إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها (العاشر من الشهر العاشر من هذا العام)، بدأت ترتفع أصوات أعضاء البرلمان بشأن آلية حل المجلس النيابي. ففي العراق وطبقا للمادة 64 من الدستور العراقي فإن رئيس الجمهورية يصدر مرسوما لإجراء الانتخابات خلال مدة 60 يوما بعد نهاية الدورة البرلمانية وأمدها 4 سنوات تقويمية، وهو ما يعني دستوريا أيضا أن البرلمان يحل نفسه قبل شهرين من إجراء الانتخابات.

انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 فرضت استحقاقات جديدة تمثلت بإسقاط الحكومة السابقة (حكومة عادل عبد المهدي) وتغيير قانون الانتخابات المعمول به في كل الدورات البرلمانية السابقة في العراق منذ أول دورة برلمانية عام 2006 إلى آخر دورة عام 2018، فضلا عن تغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتشكيل حكومة جديدة (حكومة مصطفى الكاظمي) التي أنيطت بها مهمة إجراء انتخابات مبكرة. هذه الحكومة أعلنت موعدا مبكرا لإجراء الانتخابات في الشهر السادس من هذا العام لكنه وبسبب استمرار الخلافات السياسية، بالإضافة إلى إشكاليات تنظيمية فقد جرى تأجيل الموعد إلى الشهر العاشر. وبما أن العقدة التي كان يمكن أن تحول دون إجراء الانتخابات في الموعد الجديد مع إمكانية استمرار الدورة البرلمانية إلى العام المقبل (الشهر الرابع من عام 2022) فإنه مع إقرار قانون المحكمة الاتحادية بالأغلبية رغم اعتراضات العديد من الكتل بسبب فقهاء القانون فإن الحجة الجديدة هي توقيت حل البرلمان.

وفيما يرى عدد كبير من أعضاء البرلمان من كتل مختلفة أن حل البرلمان هو صلاحية البرلمان نفسه وبالأغلبية المطلقة، فإن خبراء القانون يرون أن صلاحية تحديد موعد الانتخابات هي حق حصري لرئيس الجمهورية. وفي سياق هذا الجدل فإن هناك من يرى أن كل هذه المحاولات الخاصة بحل البرلمان قبل يوم واحد من الانتخابات إنما تهدف ليس فقط إلى سلب الحق الحصري لرئيس الجمهورية بقدر ما تعني كذلك مسعى للالتفاف على محاولات إجراء الانتخابات وتأجيلها إلى موعدها الدوري العام المقبل، وذلك بافتعال مشكلة حل البرلمان قبل يوم واحد أو قبل 60 يوماً نتيجة أزمة الثقة بين الحكومة والبرلمان.

الحكومة وبعد حل البرلمان تتحول إلى مجرد حكومة تصريف أعمال لحين إجراء الانتخابات، ويرى أعضاء البرلمان المعترضين أنه في حال حل البرلمان نفسه لن يبقى هناك من يراقب الحكومة، وبالتالي يمكنها تأجيل الانتخابات تحت أي ذريعة وتستمر في عملها من دون برلمان.

ويرى نائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي أن الدعوات لحل البرلمان عشية الانتخابات «هي ليست أكثر من كلمة حق يراد بها باطل». ويضيف الأعرجي في تغريدة له على موقع «تويتر» أن «ما دس في الطلب من كلمات ومصطلحات وتواريخ ستُحول المشكلة إلى أزمة توصِلنا إلى المجهول».

النائب في البرلمان باسم خشان يقول من جهته إن «حديث الكتل السياسية عن حل البرلمان دعاية انتخابية، ليس الا. في الحقيقة هم لا يريدون حل البرلمان، بل إكمال دورته الحالية، حتى يبقى نفوذهم لمدة أطول». ويضيف خشان أن «جميع القوى السياسية، وليس الأغلبية، لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة، وحديثهم عن دعم المبكرة هو أيضا يأتي ضمن الدعاية الانتخابية لهم أمام جمهورهم والشارع العراقي الغاضب، ولهذا لا نتوقع أن تكون هناك انتخابات برلمانية مبكرة، ولن نرى حل البرلمان إلا بانتهاء دورته الحالية».

ويدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.

إلى ذلك، يقول فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «حق تحديد موعد الانتخابات يملكه بموجب الدستور العراقي وبالذات المادة 64 رئيس الجمهورية وهو حق حصري لا ينازعه فيه أحد»، مبينا أن «الدعوة التي يصدر بموجبها رئيس الجمهورية مرسوما جمهوريا هي تحديد موعد إجراء الانتخابات العامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوما بعد حل البرلمان نفسه». وأضاف علاء الدين أنه «بموجب هذه الدعوة فإن مجلس الوزراء يعد بحكم المستقيل ويواصل مهمة تصريف الأعمال اليومية فقط». وأوضح علاء الدين أن «الدعوة للانتخابات وإصدار مرسوم جمهوري يحدد الموعد مطلق في الدستور ولم يرد وجود شرط واقف أو فاسخ، وعليه ليس بإمكان رئيس الجمهورية إصدار مرسوم تحديد موعد الانتخابات ما لم يتحقق الشرط وهو حل البرلمان لنفسه»، مبينا أن «ما يجري من إصدار قرار برلماني مشروط على إجراء الانتخابات ترهيم للواقع السياسي الحالي وينبع من عدم وجود الثقة بين الأطراف السياسية، وبالإمكان التراجع عن القرار البرلماني إذا سنحت الفرصة، وعليه فإن القرار لن يكون باتا وملزما لأي جهة ويبقى إجراء الانتخابات من عدمه مرتهنا بالواقع السياسي في شهر أكتوبر 2021».