التاريخ: آذار ١٨, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الكاظمي يشدد على عدم استخدام {الذخيرة الحيّة} خلال الاحتجاجات المدنية و«مدونة قانونية» لاسترداد «الأموال المنهوبة»
جدد رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، أمس (الأربعاء)، موقف الحكومة بضرورة الالتزام بعدم استخدام الذخيرة الحيّة خلال تأمين الاحتجاجات المدنية، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.

وشدد الكاظمي خلال اجتماع للمجلس الوزاري للأمن الوطني على أهمية الحفاظ على الأمن المجتمعي، وعدم إفساح المجال أمام محاولات التعدي على الممتلكات العامة والخاصة، وفي الوقت ذاته ضرورة الالتزام بعدم استخدام الذخيرة الحيّة خلال تأمين الاحتجاجات المدنية. وأشاد بدور القوات الأمنية في مواجهة العصابات الإرهابية والإجرامية، وجهودهم في فرض الأمن والاستقرار، وتأكيد الدعم الكامل لقوات الجيش والشرطة وجميع منتسبي الأجهزة الأمنية.

ووجه الكاظمي بالإسراع في تجهيز القوى الأمنية بالمعدّات المطلوبة لحفظ الأمن والنظام، بما يضمن انتظام سير الحياة العامة، ويمكّن الأجهزة الأمنية من القيام بواجباتها، بالشكل الذي يحفظ حياة المدنيين ولا يعرّضهم للخطر. كما وجه بضرورة وجود القادة الأمنيين ميدانياً خلال التظاهرات، والتركيز على حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.

وتم خلال الاجتماع الموافقة على مشروع انضمام العراق إلى فرقة العمل المشتركة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتخصصة بمكافحة الإرهاب. وناقش الاجتماع أيضاً التطورات الأمنية العامة في البلاد، و{الإجراءات المتخذة لرفع مستوى كفاءة الأجهزة الأمنية ومهنيتها، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، وبما يمكنها من مواجهة التحديات الأمنية الكبيرة}.

«مدونة قانونية» لاسترداد «الأموال المنهوبة»

أعلن الرئيس العراقي برهم صالح أن رئاسة الجمهورية بصدد وضع مدونة قانونية حول آليات استرداد «الأموال المنهوبة من العراق» التي يُقدّرها خبراء بنحو 250 مليار دولار في الفترة التي تلت سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003.

وقال صالح في لقاء متلفز، أمس (الأربعاء)، إن «رئاسة الجمهورية بصدد وضع مدوّنة قانونية تتناول آليات لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق، والموجودة في الخارج». وأضاف أن «ملف الفساد يعد خطيراً وضخماً وبحاجة إلى معالجات أوسع وأعمق»، مبيناً أنه «مع كل هذه التحديات كانت هناك إجراءات ومحاكم عملت على الحكم في قضايا مهمة بالفساد».

وتابع صالح أن «رئاسة الجمهورية بصدد وضع مدونة قانونية سنتداول بشأنها مع مجلس النواب، لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق، ربما ذهبت إلى عواصم واستثمارات في الخارج». وأشار إلى أن «هناك إجراءات مهمة» يتم اتخاذها، معتبراً أن «ضرب الفساد المالي يعد ركيزة أساسية لاستتباب الأمن ودونه لن يستتب الأمن». وتابع: «إننا مهتمون بأن تكون لدينا انتخابات نزيهة والمواطن العراقي يشعر بالطمأنينة بأن صوته مصان وقراره محترم ولا يتم التلاعب به من خلال التزوير والإجراءات الأخرى».

ويأتي إعلان صالح في خصوص وضع مدونة السلوك هذه في وقت يتواصل عمل لجنة عليا شكلت بأمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لمحاربة الفساد. وفيما أدان القضاء العراقي عدداً من المسؤولين المتهمين بالفساد المحالين على اللجنة وأصدر ضدهم عقوبات، إلا أن التحقيق لا يزال متواصلاً مع عدد آخر من المسؤولين في عدد من الوزارات والمؤسسات العراقية.

وبشأن المقصود بمدونة السلوك التي أعلن عنها صالح، يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون لـ«الشرق الأوسط» إن «مدوّنة السلوك هي مجموعة من النقاط والمعايير التي تتعلق بالسلوك المهني للجهات المعنية بهذا الأمر والتي تلزم نفسها بهذه المدونة». وحول الكيفية التي يمكن للعراق أن يتحرك بموجبها من أجل استرداد أمواله المنهوبة، يقول أنطون إن «المطلوب بذل جهود محلية ودولية على حد سواء في سبيل العمل على تهيئة الأرضية لاسترداد ما يمكن استرداده من تلك الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج بطريقة أو بأخرى، بما في ذلك استخدام علاقات العراق الدولية في هذا الشأن، فضلاً عن الإنتربول حيث إن العراق عضو في هذا الجهاز (الشرطة الدولية)».

وأوضح أنطون أن «الأموال المهربة إلى الخارج قسم منها يعود إلى فترة النظام العراقي السابق والقسم الآخر يعود إلى مرحلة ما بعد عام 2003». وفيما لا يُعرف حجم المبالغ التي تم تهريبها قبل سقوط نظام صدام حسين، إلا أن أنطون يقول إن «الأموال التي تم تهريبها بعد سقوط النظام السابق تقدر بنحو 250 مليار دولار رغم وجود أرقام أخرى قد تكون أعلى بكثير من هذا الرقم لكنها ربما تطرح من باب المبالغة». وبشأن ما إذا كان من الممكن استعادة هذه الأموال، يقول أنطون إن «من الصعب استعادة كل الأموال المهربة، لكن بالإمكان استعادة كميات كبيرة منها بطرق وأساليب مختلفة». وأوضح أن «هناك طرقاً وأساليب مختلفة لاستعادتها كأن تنشط السفارات العراقية في الخارج وفقاً لمدونة السلوك التي ستُعد بهذا الشأن، فضلاً عن إمكانية الاستعانة بدول أو شركات في دول يتم فيها حصر أكبر كمية من الأموال المهربة، وبالتالي توضع خطط مناسبة بهذا الشأن».

ومن بين ما يقترحه الخبير القانوني أنطون لاسترداد تلك الأموال أو قسم منها «الاتفاق مع شركات متخصصة مقابل نسبة من الأموال التي تُسترد، بالإضافة إلى اتباع أسلوب التجسس على المهربين بطرق غير منظورة، كما بالإمكان التفاوض مع اللصوص أنفسهم في بعض الأحيان» لإعادة ما نهبوه.

وطبقاً لتقديرات مسؤولين وخبراء فإن مجموع ما دخل خزينة الدولة العراقية بعد عام 2003 وحتى اليوم يزيد على التريليون و200 مليار دولار هي الأموال الناتجة عن صافي عائدات النفط العراقي المصدّر، فضلاً عن المنح والمساعدات المالية التي حصل عليها العراق من دول وشركات. وبرغم هذه الأموال الهائلة، فإن نسبة الفقر في البلاد لا تزال مرتفعة، فضلاً عن عدم إحداث تغيير حقيقي في البنى التحتية في عموم البلاد.