التاريخ: آذار ١٢, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
وزير خارجية فرنسا ينتقد «تقاعس» المسؤولين اللبنانيين عن إنقاذ بلدهم
لو دريان: لا يزال هناك وقت... لكن غداً سيفوت الأوان
باريس: ميشال أبونجم- مرة جديدة تقرع باريس ناقوس الخطر وتحذر من انحدار لبنان نحو الهاوية. ومرة جديدة، يستخدم أعلى المسؤولين الفرنسيين لغة خشنة مع الطبقة السياسية اللبنانية لدفعها نحو التحرك والتوقف عن المناورات. وفي كل مناسبة، تعود فرنسا للتأكيد على أن مبادرتها لمساعدة لبنان ما زات قائمة ولكن يتعين على اللبنانيين التحرك.

وأمس، اقتنص وزير الخارجية جان إيف لو دريان فرصة المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد ظهراً في مقر الوزارة بمشاركة نظرائه من مصر والأردن وألمانيا ليقرّع المسؤولين اللبنانيين بعد أن خلع القفازات الدبلوماسية. وسبق للوزير الفرنسي أن حذر قبل أشهر من أن لبنان «ينهار». ولدى سؤاله عن تقويمه للوضع للبنان حالياً أجاب: «أتأرجح بين الحزن والغضب والقلق ولدي ميل إلى تصنيف السياسيين اللبنانيين أياً كانوا، على أنهم مسؤولون عن حجب مساعدة بلادهم وهي في حالة الخطر». وللتذكير، فإن هذا المبدأ يعد في القانون الفرنسي المتعلق بالأفراد بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون. وأضاف لودريان: «قد أميل للقول إن المسؤولين السياسيين اللبنانيين لا يساعدون بلداً يواجه مخاطر، جميعهم أياً كانوا»، واستنكر «تقاعس» الطبقة السياسية عن التصدي لخطر «انهيار» البلاد. وقال: «لقد التزموا جميعاً بالعمل على تشكيل حكومة شاملة وبتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك»، مذكراً بأن الرئيس إيمانويل ماكرون قام مرتين بزيارة لبنان في شهر أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول). وسبق لماكرون الذي طرح خطة إنقاذية للبنان عنوانها حكومة اختصاصيين وإصلاحات ضرورية وإعادة إعمار بيروت وما دمره تفجيرا المرفأ أن وصف الطبقة السياسية اللبنانية بـ«الخيانة الجماعية» لأنها قبلت بحضوره الخطة التي طرحها ثم انقلبت عليها سريعاً. وبعد سبعة أشهر ما زال لبنان من غير حكومة فيما الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية في أقصى حالات التردي.

وحذر لو دريان من أن انهيار لبنان «سيكون كارثة للبنانيين وللاجئين الفلسطينيين والسوريين ولكل المنطقة». وبنظره، ثمة فرصة ما زالت قائمة. وقال: «أعتقد أن الوقت لم يفت بعد، لكنه ضئيل جداً»، معيداً التأكيد على أن «الأمر متروك للسلطات اللبنانية لتتولى مصيرها وهي تعلم أن المجتمع الدولي ينظر بقلق... لا يزال هناك وقت للعمل اليوم، ولكن غداً سيفوت الأوان».

وكان بعض اللبنانيين يراهن على زيارة ثالثة لماكرون سبق أن أجلها بسبب إصابته بـ«كوفيد - 19». وأشارت مصادره إلى أنه ما زال عازماً على ذلك. ويري دبلوماسيون أن ماكرون لا يمكن أن يقامر بصورته وصورة بلاده ويقوم بزيارة ثالثة من غير توافر ضمانات لقدرته على تحقيق اختراق على الأقل من خلال تشكيل حكومة عجز حتى اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري عن إنجازها. وثمة إجماع في باريس يعزو الفشل في دفع المسؤولين اللبنانيين إلى السير بخطتها إلى غياب «الرافعة» التي من شأنها التأثير على الطبقة السياسية إن إغراء أو زجراً، فضلاً عن العقبات الخارجية إيرانياً وأميركياً التي منعتها من التقدم ورهان بعض اللبنانيين على حصول تغيرات خارجية من شأنها قلب المعادلات القائمة حالياً في لبنان وتغيير موازين القوى. وبعد أن كانت الأنظار متجهة نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن اللبنانيين يتطلعون اليوم لعملية لي الذراع القائمة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي.

وفي المؤتمر الصحافي نفسه، قال وزير الخارجية مصر سامح شكري إن بلاده «تتمسك بمصالح الشعب اللبناني وهي على تواصل مع كافة الأطراف ويتعين على السياسيين اللبنانيين الاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني»، مضيفاً أن القاهرة تأمل في تشكيل حكومة جديدة قريباً. وقال نظيره الأردني أيمن الصفدي إن بلاده «تتابع بقلق الصعوبات التي يعاني منها لبنان» وأنه توجه إلى بيروت مرتين للتعبير عن تضامن عمان مع الشعب اللبناني. ونبه الصفدي من أنه «لا يمكن أن نسمح بانهيارات إضافية في لبنان لأن ذلك سيشكل أزمة وتهديداً للاستقرار».