التاريخ: شباط ٢١, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
فقراء لبنان 2.7 مليون... والمساعدات 50 دولاراً للعائلة

بيروت: إيناس شري - عكست طريقة تعامل السلطات اللبنانية مع تنامي الاحتياجات الاجتماعية والمعيشية، وتوزيع المساعدات على العائلات الأكثر فقراً «تقصيراً في الاستجابة للاحتياجات الاجتماعية»، وأظهرت تباطؤاً في اتخاذ الإجراءات، وسط اتهامات سياسية لحكومة تصريف الأعمال بالتهرب من مسؤولياتها.

وشدد رئيس الحكومة حسان دياب، أمس، على «ضرورة اعتماد قاعدة بيانات موحدة شفافة لتوزيع أموال القرض على العائلات»، وذلك خلال اجتماع خصص لمتابعة مشاريع البنك الدولي، حضره المدير الإقليمي للبنك في دائرة الشرق الأوسط، ساروج كومارجاه.

ولا يصل المبلغ الذي يوزع حالياً على الأسر الأكثر فقراً (400 ألف ليرة) إلى الحد الأدنى للأجور المحدد بـ675 ألف ليرة، كما أن قيمته الفعلية لا تساوي 50 دولاراً، إضافة إلى أن عدد الأسر التي ستصلها هذه المساعدة (250 ألف أسرة) لا يغطي إلا نسبة قليلة جداً من عدد الأسر المحتاجة في لبنان، حيث العدد الإجمالي للفقراء أصبح يفوق 2.7 مليون شخص، حسب دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا).

وبينت الدراسة نفسها تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان، لتصل إلى 55 في المائة عام 2020، بعدما كانت 28 في المائة في 2019، وازدياد نسبة الذين يعيشون بالفقر المدقع من 8 إلى 23 في المائة خلال الفترة نفسها.

وخلافاً للمساعدة الدولية، اكتفت الحكومة برصد مبلغ صغير لعدد من الأسر التي عدتها من الأكثر فقراً، منذ الإقفال العام الأول في مارس (آذار) 2020. وانتهى البرنامج الوطني للتكافل الاجتماعي الذي وضعته وزارة الشؤون الاجتماعية في شهر أبريل (نيسان) الماضي، والذي كان بإشراف رئاسة الحكومة، بتوزيع 400 ألف ليرة (نحو 50 دولاراً حسب سعر صرف السوق، و260 دولاراً حسب السعر الرسمي) عبر الجيش اللبناني لـ200 ألف أسرة محتاجة (بعض الأسر حصل على المبلغ مرة واحدة، وبعضها مرتين، وبعضها 3 مرات)، انطلاقاً من بيانات تقدمت بها وزارات عدة، بينها وزارة الشؤون الاجتماعية.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، ومع دخول لبنان إقفالاً عاماً جديداً استمر شهراً كاملاً، أعطت وزارة المال توجيهاتها بدفع 75 مليار دولار، بصفتها سلفة خزينة للهيئة العليا للإغاثة، تنفيذاً للخطة الاجتماعية الهادفة إلى مساعدة الأسر التي ترزح تحت أوضاع معيشية حادة بسبب الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا، وهي التي بدأ الجيش بتوزيعها منذ أيام، ومن المقرر أن تستفيد منها 250 ألف أسرة.

ويرى عضو لجنة المال والموازنة النائب فيصل الصايغ أن هذه المساعدة لا يمكن عدها أكثر من «ترقيع»، معتبراً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن حكومة تصريف الأعمال لا تجتمع حتى للضرورة، ولا تريد أن تعمل «فهي عاتبة على الطريقة التي تم التعامل بها معها وتقديم استقالتها، فترى نفسها غير معنية، ولو كان الملف ضرورياً... وللأسف، المواطن يدفع الثمن».

ومن الملفات الأساسية التي يجب على الحكومة اتخاذ قرار فيها ملف ترشيد الدعم، في ظل تراجع احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية. ويقول الصايغ إن الحكومة «لا تريد أن تتحمل تبعات قرار ترشيد الدعم»، رغم «ضرورة الإسراع بهذا الأمر لأن 25 في المائة فقط من الدعم يذهب إلى المحتاجين فعلياً، فيما الباقي يذهب إما تهريباً إلى خارج لبنان أو لأشخاص لا يحتاجون إلى الدعم».

ويرى الصايغ أن الحل الوحيد المتاح حالياً كي لا نصل إلى الانفجار الاجتماعي هو «تشكيل حكومة، وتقديم تنازلات في هذا الصدد، لا سيما من رئيس الجمهورية ميشال عون»، مضيفاً أن الحل يكون عبر ثلاثة مفاتيح، هي «حكومة تتناسب مع المبادرة الفرنسية وتضع خطة اجتماعية واقتصادية تعيد لبنان إلى علاقاته الدولية والعربية، ووقف التهريب، وحل ملف الكهرباء».

وفي الإطار نفسه، يوضح عضو لجنة الشؤون الاجتماعية النيابية النائب فادي سعد أن حكومة تصريف الأعمال غير موجودة، وكأنها «لم تصدق أنها استقالت حتى تتهرب من مسؤولياتها»، فهي تتصرف و«كأن تصريف الأعمال يعني عدم العمل، رغم أنها مسؤولة عن المواطنين، لا سيما في الأزمات».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المستقيلة لم تتعاطَ بالشكل المطلوب منها، لا بالملف المالي ولا الاقتصادي، ولا حتى الصحي».

وإلى جانب هذه المساعدة المقدمة من الدولة، ينتظر فقراء لبنان الإفراج عن أموال قرض البنك الدولي، البالغة 246 مليون دولار، التي ستدعم 150 ألف أسرة من الأكثر فقراً، بالإضافة إلى نحو 87 ألف تلميذ في التعليم الرسمي، حتى يتمكنوا من إكمال دراستهم، إلا أن الأمر لا يزال يحتاج إلى إقرار قانون من مجلس النواب الذي طرح خلال اجتماع اللجان المشتركة مؤخراً أسئلة حول هذا القرض.

وفي هذا السياق، يوضح سعد أن هناك اتفاقاً بين النواب على ضرورة هذا القرض، إلا أن هناك علامات استفهام عدة حوله، منها تخصيص 18 مليون دولار مصاريف للعاملين، وهو مبلغ كبير، فضلاً عن عدم وضوح طريقة التوزيع، إذ إن هناك أكثر من مصدر للمعلومات حول الأسر المستفيدة، منها لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية والجيش اللبناني، موضحاً أن النواب بانتظار الإيضاحات من الجهات المعنية.