التاريخ: شباط ٩, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السودان: حكومة محاصصة حزبية من 26 وزيراً
أعلن رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، تشكيل ثاني حكومة له، منذ إطاحة نظام الرئيس المعزول عمر البشير، من 25 وزارة، وأرجأ تشكيل الوزارة الـ26 لمزيد من المشاورات، وذلك بعد عام ونصف عام على تكوين أول وزارة منذ انتصار الثورة الشعبية في أبريل (نيسان) 2019.

وتتوزع حصص الوزارات الجديدة بين تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يمثل المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، وشركاء السلام من الموقعين على «إعلان الحرية» وحزب الأمة القومي، 17 وزارة للحرية والتغيير، و7 وزارات لحركات الكفاح المسلح و«شركاء السلام»، ووزارتين يختارهما المكون العسكري في الحكومة الانتقالية.

ونصت الوثيقة الدستورية، التي تكونت بموجبها حكومة حمدوك الأولى، على حكومة كفاءات مستقلة، ثم عدلت بعد توقيع اتفاق سلام جوبا لتصبح حكومة كفاءات، ولتسمح لشركاء السلام بالمشاركة، ما فتح الباب أمام تكوين حكومة محاصصة حزبية، توزعت بين عدة أحزاب.

وأصدر رئيس الوزراء أمس مرسوماً عيّن بموجبه 25 وزيراً، وأرجأ تعيين وزير التربية والتعليم لمزيد من التشاور، وذلك بحسب الترشيحات التي قدمها «مجلس شركاء الانتقال»، والذي رشح عن كل وزارة 3 أشخاص، اختار رئيس الوزراء أحدهم.

وأبقى المرسوم على عدد من الوزراء في الوزارة السابقة، وهم وزير الري ياسر عباس، ووزير العدل نصر الدين عبد الباري، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح.
وكان حمدوك قد أصدر مرسوماً أول من أمس، أقال به وزراء حكومته السابقة، وأبقى عليهم مكلفين لحين اكتمال عملية التسليم والتسلم مع الوزراء الذين سيخلفونهم.

وانتقل وزير الحكم الاتحادي السابق يوسف آدم الضي لوزارة الشباب والرياضة، بينما يعد كل من وزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ووزير المالية والاقتصاد جبريل إبراهيم، ووزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، ووزير الصناعة إبراهيم الشيخ، أبرز القادمين الجدد للوزارة.

وأثنى رئيس الوزراء على حكومته السابقة، ووصفها بالالتزام الصارم بقيم الثورة، وبالتفاني ونكران الذات برغم الصعاب والتحديات، التي واجهتها خلال عام من التأسيس، وقال: «أنجزنا الكثير وتبقى الكثير».
وعدّ حمدوك انفتاح السودان على العالم الخارجي، وفك عزلته الاقتصادية بعد 30 عاماً من الحصار، وتوقيع المرحلة الأولى من تحقيق السلام، والشروع بجدية في مخاطبة احتياجات المرحلة الثانية من السلام، والتي ينتظر أن تشارك فيها الحركات غير الموقعة على اتفاق جوبا، أهم إنجازات الحكومة السابقة.

وأضاف حمدوك موضحاً: «يظل حذف السودان من قائمة الإرهاب واحداً من أهم إنجازات الحكومة المتنحية... وقد عملنا على رؤية وطنية لمعالجة قضايا الاقتصاد، لكنها واجهت كثيراً من التحديات والمشكلات، بجانب تعديل القوانين المقيدة للحريات، واسترداد الأموال المنهوبة، وتشكيل هياكل الحكم الانتقالي في المركز والأقاليم».

كما أوضح حمدوك أن تشكيل الحكومة الجديدة جاء بناء على توافق سياسي، وخلاصة مناقشات امتدت شهوراً، حددت بوصلتها الأساسية في الحفاظ على البلاد من الانهيار، وقال بهذا الخصوص إن «دولاً كثيرة في محيطنا انهارت بعد الثورات، أما نحن فقد قدمنا ما أسميه النموذج السوداني، الذي استجاب برغم مشكلاته، للمحافظة على السودان من الانهيار»، مضيفاً: «كلنا إصرار وثقة بأن تسير البلاد إلى الأمام بالتشكيل الحكومي الجديد».

في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء القوى المشاركة في الحكومة الجديدة لتحمل المسؤولية في معالجة الأزمات، والتوافق حول برنامج قصير المدى سيتم توقيعه خلال هذا الأسبوع، وقال في هذا السياق: «لقد علمتنا تجربة العام الماضي أننا بحاجة للتركيز على برنامج قصير ممكن التنفيذ، يعالج الاقتصاد برؤية موحدة، ويسهم في إكمال تنفيذ اتفاق السلام، وإكمال المرحلة الثانية منه، وبناء علاقات خارجية متوازنة، وتحقيق العدالة الانتقالية، واسترداد حقوق الضحايا، وإصلاح جهاز الدولة».

وجدد حمدوك التأكيد على مصفوفة إكمال هياكل السلطة الانتقالية، قائلاً: «لقد اتفقنا على تعيين الولاة في 15 فبراير (شباط) الحالي، وتشكيل المفوضيات والمجلس التشريعي الانتقالي في 25 من ذات الشهر»، موضحاً أن تشكيل الحكومة الجديدة اعتمد معايير التأهيل العلمي والخبرة، والالتزام والوعي السياسي والاستقامة.

وزاد التشكيل الجديد عدد الوزارات من 20 وزارة إلى 26 وزارة، وقال حمدوك بخصوص هذه الزيادة إن رفع عدد الوزرات نتج عن تقسيم عدد من الوزارات لأكثر من واحدة، مثل التجارة والصناعة والبترول والمعادن والاستثمار، والعمل والتنمية، بما يتيح المجال للتركيز على إصلاح الاقتصاد، والتركيز على الاستثمار، بما يسهم في معالجة المشكلة الاقتصادية.

وتعهد حمدوك بتخطي الصعوبات الاقتصادية، بقوله: «أعددنا برنامجاً اقتصادياً قصيراً يحقق أشياء كثيرة، وعلى رأسها معالجة ديون السودان، التي تتزايد أعباؤها باضطراد لتصل 70 مليار دولار، وفتح المجال أمام الاستثمارات، واستثمار القروض والمنح والمعونات في تطوير القطاعات الإنتاجية، واستثمار 300 مليون دولار في قطاع البترول، وسط توقعات بمضاعفة إنتاجه».

وفيما يتعلق بتطبيع علاقات السودان مع إسرائيل، جدد حمدوك موقفه السابق بأن القضية برمتها متروكة للمجلس التشريعي، الانتقالي ليقرر فيها، بقوله: «موقفنا في موضوع التطبيع كان ولا يزال هو أن قضية التطبيع سوف يحسمها المجلس التشريعي، وعندما يقول رأيه فيها سيكون ملزماً». موضحا أن حكومته «حسمت قضية علاقة الدين والدولة، وقطعت فيها مشواراً طويلاً، ويمكننا القول إننا استطعنا حسم علاقة الدين بالدولة، بما يساهم في استكمال حلقات المرحلة الثانية من السلام، مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور».