وجه هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، تذكيراً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، طالب فيه باستعجال تحديد موعد لأداء اليمين الدستورية لأعضاء الحكومة الجدد، الذين حصلوا على ثقة البرلمان، مشيراً إلى دقة وحساسية الوضع الأمني والصحي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه البلاد، الذي لم يعد يتحمل المزيد من التعطيل في سير مؤسسات الدولة، حسب تعبيره.
وكان المشيشي قد وجه مراسلة أولى إلى سعيد لتحديد موعد أداء اليمين الدستورية. غير أن رئيس الجمهورية لم يرد على مراسلته، وهو ما أكد وجود أزمة كبيرة بين المؤسسات الدستورية، وخلاف حاد بين رأسي السلطة التنفيذية.
وصادق البرلمان التونسي في جلسة 26 يناير (كانون الثاني) الماضي على منح الثقة لـ11 وزيراً ضمن التعديل الذي أجراه رئيس الحكومة، لكن الرئيس سعيد رفض الموافقة على هذا التعديل، وتمسك بموقفه الرافض للإشراف على موكب أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه، بدعوى وجود شبهات فساد وتضارب مصالح تحوم حول أربعة وزراء من بين الأسماء الواردة ضمن التعديل.
في غضون ذلك، تواصل عدة أطراف سياسية، وعلى رأسها التحالف البرلماني الثلاثي، الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية، الضغط من أجل موافقة رئاسة الجمهورية على التعديل الوزاري، عبر دعوة باقي الوزراء إلى القصر، الذين لا تحوم حولهم «شبهات فساد» لأداء اليمين الدستورية، وإصدار أوامر رئاسية بتسميتهم حتى لا يتمكنوا من تولي حقائبهم الوزارية.
وتهدد بالذهاب إلى حلول أحادية، وفي مقدمتها تجاوز أداء «اليمين الدستورية» في إطار ما يعرف بـ«الإجراء المستحيل»، وتدعو إلى تنازل الرئيسين عن «مواقفهما المتصلبة» بهدف إيجاد حل للأزمة الدستورية المستفحلة.
ومن المنتظر أن تستنجد معظم الأطراف السياسية بقيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) للتوسط للوصول إلى حل ينهي الأزمة، وسط اقتراحات تطالب بالاستغناء عن الوزراء، الذين رفضهم الرئيس سعيد، ويتم بالتالي إنهاء الأزمة الدستورية، في انتظار أن يحسم القضاء أمره في الوزراء المشتبه بهم، وهو حل ترفض الرئاسة أن تكشف عن إجابتها عنه.
وبهذا الخصوص، أكدت مصادر سياسية مقربة من رئاسة الجمهورية، أن انسحاب الوزراء الأربعة الجدد المشتبه بهم، لن يغير من موقف سعيّد، ولن يحل أزمة تعطل أداء اليمين الدستورية. مبرزة أن رئيس الجمهورية يعتبر أن إجراءات التعديل الوزاري، التي اتبعها المشيشي «مخالفة لأحكام الدستور التونسي، ولا تنطبق مع مضمون الفصل 92 من الدستور، وهو ما يجعله يرفض كلياً قبول هذا التحوير».
على صعيد متصل، أعلن اتحاد الشغل (نقابة العمال) أنه وقع اتفاقاً مع الحكومة يتعلق بتفعيل نحو 50 اتفاقية مبرمة في القطاع العام، ويمتد مفعولها المالي لسنتي 2021 و2022، وهو ما سيجعل نقابة العمال تتجه لإقرار هدنة مطولة خلال المرحلة المقبلة.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق من شأنه أن يحيد القيادات النقابية، ويخفف من تحالفها غير المعلن مع التيارات اليسارية المعارضة، وكذلك قربها من الرئيس سعيد، وسعيها لفتح أبواب الحوار السياسي الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية.
في المقابل، دعا صلاح الدين السالمي، القيادي النقابي، إلى عدم تفويت البنوك الحكومية، ومحاولة إصلاح وضعياتها وتوازناتها المالية، معتبراً أن وزير المالية مطالب بمراجعة هذا الخيار، ومؤكداً أن «اتحاد الشغل» لن يقبل عمليات تفويت الدولة في مساهماتها بالبنوك العمومية، وبالتالي التفويت فيها للقطاع الخاص، وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي.
|