|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٣٠, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
لبنان يبدأ تخفيف إجراءات الإغلاق و«اكتئاب جماعي» |
تقرير دولي يصف حياة اللبنانيين بـ«الأسوأ» |
بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»
يبدأ لبنان اعتباراً من اليوم (الاثنين) تخفيف إجراءات الإغلاق التي فُرضت قبل أسبوعين بعد تزايد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، وذلك في محاولة لإنعاش اقتصاده المترنح في فترة الأعياد، وفق ما أفاد مسؤولون.
وقال وزير الصحة حمد حسن للصحافيين إن البلاد ستعتمد «الفتح التدريجي بدءاً من غد الاثنين»، لإفساح المجال أمام الناس للتنفس اقتصادياً، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف أن المطاعم ستفتح أبوابها بنسبة إشغال تبلغ 50 في المائة، لكن الحانات والنوادي الليلية ستبقى مغلقة وحفلات الزفاف محظورة، فيما يبدأ حظر التجول الليلي من الساعة 23:00 بدلاً من 17:00 حتى الخامسة صباحاً.
وتابع حسن بعد اجتماع لجنة «كورونا» اللبنانية أن المدارس أيضاً ستعيد فتح أبوابها، لكن مع اعتماد التعليم المدمج بحيث يعطى قسم من الدروس من بعد.
وحذر وزير الصحة من أن «خطر» ارتفاع الإصابات لا يزال موجوداً ونتائج الإقفال ستظهر في الأسبوع المقبل، آملاً أن تكون أقل خطورة.
ولفت إلى أنه قبل الإقفال «كانت نسبة إشغال أسرة العناية الفائقة لكورونا ما بين الـ80 والـ90 في المائة، لكن اليوم وصلنا إلى الـ65 و70 في المائة».
وأشار إلى أن «علينا أن نسمح للناس بالعودة الاقتصادية التدريجية، وبعد أسبوع سنقيم مؤشرات التفشي والاستجابة».
ومنذ فبراير (شباط)، سجلت البلاد أكثر من 125 ألف إصابة، بينها ألف حالة وفاة.
وكان لبنان الذي يبلغ عدد سكانه نحو ستة ملايين نسمة يسجل ما يقرب من 11 ألف إصابة بفيروس «كورونا» أسبوعياً قبل منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لأرقام وزارة الصحة.
ونجح أول إغلاق عام تم فرضه على مستوى البلاد في مارس (آذار) بكبح انتشار الفيروس، قبل أن تُرفع القيود تدريجياً مع بداية الصيف.
لكن عدد الحالات ارتفع في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) الذي أودى بأكثر من 200 شخص وجرح 6500 على الأقل.
وأدى الانفجار والوباء إلى تفاقم التوترات في البلاد التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث.
«اكتئاب جماعي» لدى اللبنانيين... وأدوية الأعصاب مفقودة
تقرير دولي يصف حياتهم بـ«الأسوأ»
الأحد 29 نوفمبر 2020
بيروت: إيناس شري
«يعيش اللبناني أسوأ حياة في العالم»، خلاصة توصّل إليها مؤشّر «غالوب» العالمي مؤخراً، لافتاً إلى أنّ 4 في المائة فقط من اللبنانيين قيّموا حياتهم بشكل إيجابي، بما يكفي لاعتبارها «مزدهرة»، وهي أسوأ نتيجة في سجل «غالوب» لأي بلد.
لا تبدو هذه النتيجة صادمة لأي مواطن لبناني، حتى ولو كانت تعتمد على تقويم قامت به «غالوب» عام 2019، إذ إنّ الأزمات في لبنان بدأت العام الماضي، واستفحلت هذا العام، لا سيّما بعد وباء «كورونا»، وانفجار المرفأ الذين زادا معاناة حياة اللبناني اليوميّة.
وليس غريباً مع كلّ هذه الضغوطات أن تكون أدويّة الأعصاب والمهدئات من أول الأدوية التي انقطعت من السوق اللبنانيّة، بعد الحديث عن إمكانيّة رفع الدعم عن الدواء، إذ تهافت اللبنانيون إلى شراء هذه الأدوية، وتخزينها تماماً، كما فعلوا مع أدوية السرطان والأمراض المزمنة، حسب ما يوضح نقيب الصيادلة غسّان الأمين، لافتاً في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ نسبة استهلاك أدوية الأعصاب ارتفع من عام 2015 إلى العام الحالي بنسبة 20 في المائة. ازدياد استهلاك أدوية الأعصاب أمر مفهوم على الصعيد النفسي، كما تؤكد الاختصاصية في علم النفس العيادي رانيا البوبو، لافتة في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ المواطن اللبناني «ملّ البحث عن حلول وفقد الأمل في إيجادها، فلجأ إلى المسكّن النفسي ليوقف قدرته على الانفعال، بدلاً من البحث عن العلاج، وذلك ربما مرتبط باعتباره أنّ الغد مجهول».
- وطن تحوّل إلى سجن
إذا كانت نسبة اللبنانيين الذين شعروا بالحزن، تضاعفت حسب «غالوب» من عام 2018 إلى عام 2019، لتبلغ 43 في المائة، مترافقة مع ارتفاع القلق ليصل إلى نسبة 40 في المائة، والضغط إلى 61 في المائة، فإنّه يمكن الحديث حالياً عن «اضطراب ما بعد الصدمة على مستوى جماعي يعيشه اللبنانيون»، حسب البوبو، «فالكل في لبنان يعيش حال الخوف والقلق والفراغ واجترار للأفكار السوداوية طوال الوقت»، الأمر الذي «يجعل اللبنانيين يعيشون نوعاً من الاكتئاب الجماعي يعبرون عنه بحياتهم اليومية وبعلاقاتهم مع الآخرين، لا سيّما مع الأسرة، ومن هنا قد نشهد ارتفاعاً في حالات العنف الأسري، وبالجرائم التي قد تحصل لأسباب بسيطة مثل أحقيّة مرور، وحتى لتزايد الأفكار الانتحاريّة».
كانت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أشارت إلى الارتفاع الملحوظ في عدد الاتصالات الواردة على الخط الساخن للتبليغ عن شكاوى العنف الأسري بين فبراير (شباط) الماضي إلى أكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 51 في المائة.
وفيما خص الجرائم، ذكرت «الدولية للمعلومات» ارتفاع عدد القتلى خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2020 بنسبة 100 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019.
على صعيد الانتحار، لم يشهد لبنان ارتفاعاً في عدد الحالات، ولكنّ كان لافتاً على سبيل المثال حصول أربع حالات انتحار خلال يومين في شهر يوليو الماضي.
تتحدّث البوبو عن فقدان إحساس المواطن اللبناني بالأمان، وبوجود منظومة تحميه يُضاف إليه الشعور بالقيد والتكبيل، «كأن المواطن سجين في وطن كبير ممنوع عليه الخروج منه بسبب إجراءات مطارات العالم المرتبطة بـ(كورونا)، وعدم استقبال معظم دول العالم للبنانيين لأسباب تتعلّق بالوباء أو أخرى سياسيّة»، مضيفة أنّ الأصعب أنّ المواطن مكبّل داخل السجن مع سلطة تتحكّم بتفاصيل حياته تهدّده بأمنه الغذائي والصحي، ما يجعله يشعر بأنه مسلوب الإرادة، فيبحث عن أي أمل، ولو كان محفوفاً بالمخاطر تماماً، كما حال اللبنانيين الذين قرّروا الهجرة بحراً بطريقة غير شرعيّة عبر قوارب الموت.
ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد غادر لبنان نحو 30 مركباً في الفترة الممتدة بين يوليو (تموز) وأكتوبر الماضي، على متنها، بالإضافة للنازحين السوريين، أعداد كبيرة من اللبنانيين، خصوصاً من مدينة طرابلس (شمال لبنان وأفقر المدن على البحر المتوسط)، بعضهم اضطر لرمي أطفاله في البحر بعد وفاتهم لعدم تحملهم ظروف السفر الشاقة.
وفيما تشير البوبو إلى أن الكارثي في الوضع «اعتياد اللبناني هذه المشاهد اللا إنسانيّة والتأقلم بشكل سلبي ما يدلّ على تدهور الوضع النفسي للأشخاص» تشير إلى أنّ استمرار الوضع على حاله قد يؤدي إما إلى «ازدياد الأمراض النفسيّة، والاستسلام، أو انفجار جماعي على قاعدة لم يبق شيء يمكن الخوف على خسارته».
- خيبات وصدمات بالجملة
تراجع مؤشّر التجارب الإيجابيّة عند اللبنانيين، حسب «غالوب»، بشكل كبير، العام الماضي، وزادت التجارب السلبيّة، أما في العام الحالي، فالأمر لا يحتاج إلى تقارير، فيكفي الحديث عن تجربة انفجار المرفأ التي تركت خوفاً وتوتراً مستمرين، حسب ما يقول فراس أحد الشبّان الناجين من الانفجار. يوم الانفجار كان فراس في مكان قريب من المرفأ، وكان يصوّر سحب الدخان الناتجة عن الحريق الذي سبق الانفجار من شباك سيّارته، ليدوّي بعدها صوت لا ينساه حتى اليوم أدّى إلى تكسّر زجاج سيارته التي انزاحت لأمتار.
يروي فراس كيف يصاب وزوجته التي كانت برفقته بالسيارة يوم الانفجار بنوبات خوف عند سماع أي صوت، وكيف هرعت زوجته ركضاً منذ أيام بينما كانت تنزل الدرج خوفاً من حصول انفجار آخر، وذلك بمجرّد أنها تنبّهت أنّ الساعة السادسة، أي على بعد دقائق من التوقيت الذي وقع فيه الانفجار الأول. |
|