التاريخ: تشرين الثاني ٢٠, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
إسرائيل تكشف أسراراً عن التموضع الإيراني في سوريا
الغارات على دمشق تعمدت عدم إصابة مسؤولين إيرانيين
تل أبيب: «الشرق الأوسط»
كشف الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، مزيداً من أسرار التموضع الإيراني في سوريا، وقال إن إيران خفضت بعض الشيء من وجودها، ولكنها في المقابل زادت من نشاط أذرعها وميليشياتها. وقال إن «الحرس الثوري» الإيراني بنفسه يشرف على هذا النشاط، عبر «الوحدة 840».

وقال الناطق الإسرائيلي إن «الوحدة 840» التي تعتبر الذراع الخارجية لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، هي التي تتولى إدارة وتوجيه الميليشيات الإيرانية بالاشتراك مع «حزب الله» اللبناني. وأضاف أن «هذه الوحدة تعمل في أقصى شروط السرية، ومن مهامها تنفيذ عمليات تفجير ضد أهداف غربية، وتنفيذ اغتيالات ضد شخصيات إيرانية معارضة، ويبدو أنهم أضافوا مهمة جديدة لها، وهي تحويل الجولان إلى جبهة حرب تديرها الميليشيات الإيرانية ضد إسرائيل». وأكد أن هذه الوحدة تمكنت من التسلل عبر مقاتلين مختارين من الميليشيات، إلى الجنوب السوري، وراحت تجند مواطنين سوريين مقابل المال، لتنفيذ عمليات زرع الألغام والعبوات الناسفة، وإقامة بنية تحتية للنشاط العسكري ضد إسرائيل.

وعمم الناطق المذكور بياناً على وسائل الإعلام، شمل مجموعة من الصور وأشرطة الفيديو والخرائط التوضيحية التي تعطي تفاصيل جديدة عن النشاطات الإيرانية، والضربات التي وجهتها إليها إسرائيل في الغارات الأخيرة، فجر الأربعاء. ويتضح من الصورة كيف قامت فرقة من أربعة سوريين، من سكان منطقة الجنوب، بزرع 3 ألغام عند خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل، قبل 3 شهور، وكيف قامت بتصفيتهم بغارة من الجو. وتبين وثائق أخرى كيف اكتشفت ثلاثة ألغام أخرى، قبل ثلاثة أسابيع، وكيف نصبت كمائن ورصدت عودة هذه الميليشيات إلى العمل.

وبيَّنت الأشرطة الإسرائيلية كيف تم تدمير معسكر يستخدم كمقر قيادة لرئيس القوات الإيرانية في سوريا، بالقرب من مطار دمشق الدولي، ومقر آخر لقيادة الفرقة السابعة في منطقة جنوب هضبة الجولان، يوجه عناصر «فيلق القدس» من داخله، نشاطات ضد إسرائيل.

من جهة ثانية، ذكر المراسل العسكري لهيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان 11)، أمس، أن الجيش الإسرائيلي يعتقد بشكل متزايد أن بعض السوريين الذين تعاونوا مع الإيرانيين ووافقوا على خدمتهم في زرع الألغام، هم «سوريون ممن سبق أن تلقوا علاجاً في إسرائيل قبل عام 2018. وتم إرغامهم على التجنيد للعملية لأنهم خارج الشبهات، ولأنهم يعرفون الطرقات جيداً في المنطقة».

وأعرب مسؤول سابق في الجيش عن تقديره بأن الهدف من هذا النشر الاستثنائي، جاء لعدة أهداف، أهمها تمهيد الرأي العام لاحتمال تصعيد توتر بين الطرفين، الإسرائيلي والإيراني. فمع أن الجيش في إسرائيل مطمئن إلى أن إيران لن ترد على الهجمات الأخيرة، فإنه يتخذ إجراءات علنية لتوضيح موقفه وتوجيه التحذيرات، وأيضاً لتوضيح الموقف للرأي العام، بأن هجماته هي في إطار الدفاع عن النفس في وجه الهجمات الإيرانية المنظمة.

الغارات الإسرائيلية على دمشق تعمدت عدم إصابة مسؤولين إيرانيين
الخميس 19 نوفمبر 2020 
تل أبيب: نظير مجلي - لندن: {الشرق الأوسط}

ارتفعت حصيلة القصف الإسرائيلي في سوريا فجر الأربعاء إلى عشرة قتلى، بينهم ثلاثة ضباط سوريين يتبعون لسلاح الدفاع الجوي، والباقي ينتمون لجنسيات أجنبية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفيما أفيد في تل أبيب بأن الغارات تعمدت عدم إصابة مسؤولين إيرانيين، رأى مراقبون أن القصف دلالة على أن إسرائيل، ستواصل سياسة توجيه ضربات عبر الحدود رغم هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات. وبحسب المرصد، فإن من بين القتلى خمسة «يُرجّح أنهم من جنسيات إيرانية تابعين لفيلق القدس»، إضافة لمقاتلين اثنين لم تعرف جنسيتهما بعد يرجح أنهما من مقاتلين شيعة من لبنان أو العراق. ونفى قائد من تحالف لقوى إقليمية داعمة لدمشق، أن يكون من بين القتلى إيرانيون أو لبنانيون.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن المرصد، أن الضربات الجوية استهدفت موقعين عسكريين يتبعان سلاح الدفاع الجوي، أحدهما قرب مطار دمشق الدولي والثاني جنوب غربي دمشق. كما طال القصف «مستودعات ذخائر وأسلحة للميليشيات الموالية لإيران» في منطقة السيدة زينب والكسوة على أطراف دمشق. وقال قائد سابق بالجيش السوري لـ«رويترز»، إن الهجوم استهدف كذلك قاعدة لجماعة «حزب الله» الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران في سوريا، قرب الحدود اللبنانية إلى جانب قواعد في منطقة جنوب دمشق ومواقع أمامية في القطاع الذي تسيطر عليه سوريا من هضبة الجولان.

من جانبها، نقلت وكالة «سانا» الرسمية، عن مصدر عسكري، قوله إنّ «العدو الصهيوني قام بعدوان جوّي من اتجاه الجولان السوري المحتلّ على المنطقة الجنوبية وقد تصدّت له دفاعاتنا الجوية وأسقطت عدداً من الصواريخ»، مشيرة إلى أنّ «العدوان أسفر عن استشهاد ثلاثة عسكريين وجرح جندي، ووقوع بعض الخسائر المادية».

ولفت تحليل لـ«رويترز»، أن هجوم الأربعاء، أصاب نطاقا أوسع من المعتاد بكثير من الأهداف، وبدا الجيش الإسرائيلي أكثر إقداما على إعلان التفاصيل مما كان عليه في المرات السابقة، ما يشير إلى نية واضحة لتوجيه رسالة للرأي العام عن التدخل الإيراني في سوريا.

وفي تل أبيب، أكد مصدر إسرائيلي عسكري رفيع، أمس الأربعاء، أن الغارات التي نفذتها طائراته الحربية في ثمانية مواقع في سوريا، في الليلة الفائتة، تعمدت ألا تصيب أياً من القادة الإيرانيين الكبار الموجودين في حي خاص بهم قرب دمشق، وأنها اكتفت بإلقاء بعض الصواريخ الخفيفة بالقرب من بيوتهم، لتحذرهم من مغبة الاستمرار في تنفيذ مشروعهم للتموضع في البلاد بشكل عام وفي الجنوب السوري، على مقربة من خط فصل القوات مع إسرائيل بشكل خاص.

وقال المسؤول إن الجيش الإسرائيلي أقدم على هذه الغارات رداً على العمليات الحربية الإيرانية، ولكنه وضع لنفسه حدوداً بغرض الامتناع عن التصعيد، واكتفى هذه المرة بتوجيه رسالة تقول: «إننا نعرف من أنتم وأين توجدون وماذا تفعلون»، والتحذير من أن «إسرائيل لن تصبر على هذه العمليات إلى الأبد». وأضاف: «الجيش الإسرائيلي على علم بوجود ضباط إيرانيين في الثكنات وقت تنفيذ الهجوم؛ لكنه لم يستهدفهم أو يستهدف المناطق التي كانوا يوجدون فيها في المبنى».

وكانت إسرائيل قد أقدمت على هذه الغارات، بعد 68 يوماً من الهدوء. وحتى الغارات الأخيرة قبل هذا الموعد، لم تعلن عن تبنيها علناً. ولكن الناطق بلسان جيشها أصدر بياناً رسمياً، أمس الأربعاء، تحدث فيه عن هذه الغارات بشكل صريح. وحسب هذا البيان فإن الطائرات استهدفت سبعة مواقع؛ لكن موقعاً ثامناً أضيف إليها لأن القوات السورية أطلقت صواريخ باتجاه الطائرات الإسرائيلية، فقصفت الطائرات بطاريات الصواريخ.

وجاء في البيان الإسرائيلي: «شنت طائرات حربية إسرائيلية الليلة غارات على أهداف عسكرية تابعة لـ(فيلق القدس) الإيراني وللجيش السوري؛ حيث تم استهداف مخازن ومقرات قيادة ومجمعات عسكرية، بالإضافة إلى بطاريات أرض- جو. وقد جاءت الغارات رداً على زرع حقل العبوات الناسفة بالقرب من السياج الحدودي مع سوريا، وداخل الأراضي الإسرائيلية، من قبل خلية سورية عملت بتوجيه إيراني». وأضاف البيان: «يشكل كشف حقل العبوات الناسفة أمس دليلاً إضافياً للتموضع الإيراني المتواصل في سوريا. ويحمِّل جيش الدفاع، النظام السوري، مسؤولية أي عمل ينطلق من أراضيه، وسيواصل التحرك وفق الحاجة لضرب التموضع الإيراني في سوريا الذي يشكل خطراً على الاستقرار الإقليمي. ويبقى جيش الدفاع في حالة تأهب للتعامل مع أي سيناريو».

وخلص البيان إلى أن سلسلة الغارات الجوية التي شنها في سوريا فجر الأربعاء، هدفها توجيه رسالة إلى إيران للانسحاب من البلاد، وبالتحديد من المنطقة الحدودية، في أعقاب محاولة هجوم تم إحباطها في هضبة الجولان هذا الأسبوع.

وفي وقت لاحق، قدم أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تفصيلاً عن الغارات وأهدافها، فقال: «لقد قمنا باستهداف المواقع الإيرانية والسورية، بعد كشف ثلاث عبوات ناسفة قوية تم زرعها في منطقة جنوب هضبة الجولان على حدودنا؛ حيث تم زرعها كما يبدو من قبل سوريين يقيمون في القرى المجاورة للحدود الإسرائيلية بتوجيه إيراني. لقد استهدفنا 8 أماكن داخل سوريا، أبرزها: معسكر لقيادة إيرانية يُستخدم كمقر قيادة رئيس للقوات الإيرانية بالقرب من مطار دمشق الدولي. وموقع سري يستخدم لاستضافة شخصيات وبعثات إيرانية رفيعة المستوى جنوب شرقي دمشق، ويستخدم لمكوث مسؤولين في (فيلق القدس). ومقر قيادة الفرقة السابعة في منطقة جنوب هضبة الجولان، والتي يوجه من داخلها عناصر (فيلق القدس) نشاطات إرهابية ضد إسرائيل. وبطاريات صواريخ أرض- جو متقدمة، بعد أن أطلقت النار على طائراتنا الليلة الماضية».

وقال رئيس دائرة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، هايداي زيلبرمان، إن «هذه الغارات جاءت لنقل رسالتين واضحتين: أولاً، لن نسمح بمواصلة التموضع الإيراني في سوريا عامة وعلى حدودنا على وجه الخصوص، وثانياً، لن نسمح للنظام السوري بأن يغض الطرف عن هذا التموضع». وأضاف أن «إسرائيل حاولت توجيه رسالة مماثلة لإيران وسوريا في أغسطس (آب) الماضي، بعد محاولة سابقة لزرع عبوات ناسفة على الحدود، ولكن من الواضح أن الرسالة لم تصل». وفي رد على سؤال إن كانت إسرائيل تتوقع رداً إيرانياً عليها، أجاب زيلبرمان بأن الجيش مستعد لاحتمال قيام إيران أو سوريا بالرد، مع وضع «القبة الحديدية» وأنظمة الدفاع الجوي الأخرى في حالة تأهب قصوى.