|
|
التاريخ: تشرين الثاني ١٤, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الحكومة التونسية في مواجهة توسع المطالبات بالتنمية الجهوية |
أحزاب تتهم الحكومة بالتستر على «خروقات» رئاسيات 2019 |
تونس: المنجي السعيداني
تواجه حكومة هشام المشيشي في تونس، موجة من الاحتجاجات الاجتماعية التي أعقبت توقيع الاتفاق النهائي مع المحتجين في «اعتصام الكامور» بولاية تطاوين (جنوب شرقي البلاد)، إذ سارعت ولايات (محافظات) عدة إلى المطالبة بالحصول على الامتيازات نفسها التي حصلت عليها تطاوين. ومنحت حكومة المشيشي هذه الولاية نحو 300 مليون دينار تونسي (نحو 109 ملايين دولار) ستوظف في عدد من مشاريع التنمية والتشغيل.
وشهدت مناطق في القيروان والكاف وسليانة وتوزر وقابس وباجة، في الأيام الماضية، تحركات تطالب بضرورة تنفيذ مبدأ «التمييز الإيجابي» الذي جاء به دستور 2014 لفائدة المناطق التي تسجل مؤشرات متدنية على مستوى التنمية والتشغيل. كما عبرت ولايات عدة عن استيائها عندما خص رئيس الحكومة بالذكر ولايات قفصة وقبلي وجندوبة والقصرين وسيدي بوزيد، دون غيرها، ضمن المناطق التي سيعتمد خلالها سبيل الحوار لتنفيذ مجموعة من مشاريع التنمية، وهو ما جعل الحكومة تستدرك في بيان أكدت من خلاله أن حديث المشيشي عن حاجة الجهات للتنمية، وذكره لبعض الولايات، كان على سبيل الذكر لا الحصر. وكان تصريح المشيشي قد أدى إلى إثارة سكان بقية الولايات التي لم يذكرها رئيس الحكومة، حيث اعتبر المعترضون كلامه بمثابة إقصاء لولاياتهم من عمليات التنمية المتنوعة والبرامج الحكومية.
وفي هذا الشأن، أصدر الاتحاد الجهوي للشغل (نقابة العمال) بولاية الكاف بياناً اعتبر فيه أن برمجة مجموعة من المجالس الوزارية المصغرة في عدد من الجهات دون غيرها، واستثناء منطقة الكاف، تُعد «تكريساً لمبدأ التفرقة بين الجهات وضرباً لمقومات وحدة الدولة وانتهاكاً صارخاً للدستور وتأجيجاً لحالة الفوضى والاحتقان الاجتماعي».
كما طالب نواب في البرلمان عن منطقة القيروان (وسط)، وهي من أفقر الولايات التونسية، بعقد اجتماع عاجل مع هشام المشيشي، لتوضيح حقيقة إقصاء منطقتهم من مشاريع التنمية والتشغيل، فيما عبر نواب منطقة سليانة بدورهم عن استيائهم من عدم ذكر الولاية ضمن المناطق ذات الأولوية على مستوى التدخلات الحكومية المستقبلية.
من ناحيته، أعلن السيد السبوعي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان، عن قرب تنظيم مجموعة من الإضرابات والاحتجاجات لتحقيق اتفاق مماثل لما حصل في الكامور لفائدة الجهة، وهو تقريباً الموقف نفسه الذي اتخذه الاتحاد الجهوي للشغل في توزر (جنوب تونس)، حيث دعا إلى التأهب لمجموعة من «النضالات المطالبة بتحسين مستوى المعيشة وخلق فرص عمل للعاطلين».
وفي الوقت ذاته، طالب الاتحاد الجهوي للشغل بكل من باجة وقابس بنصيبهما من التنمية في ظل مؤشرات التنمية الضعيفة والارتفاع المهول لأعداد العاطلين عن العمل، خصوصاً منهم أصحاب الشهادات الجامعية.
في غضون ذلك، التقى الرئيس التونسي قيس سعيد، رئيس الحكومة هشام المشيشي، يوم الخميس، وبحثا في تطورات الوضع الصحي في مختلف جهات البلاد والوضعين الاجتماعي والاقتصادي بشكل عام. وتناول اللقاء كذلك مشروع قانون المالية التعديلي، ومشروع قانون المالية للسنة المقبلة. وشدد رئيس الجمهورية على أهمية إيجاد حلول جذرية للمشكلات المطروحة، داعياً إلى اعتماد «مقاربة جديدة تقطع مع المقاربات السابقة التي أثبت التاريخ فشلها» في معالجة هذه الأوضاع.
أحزاب تتهم الحكومة بالتستر على «خروقات» رئاسيات 2019
تقرير دائرة المحاسبات أكد استخدام بعض المرشحين «المال الفاسد والتمويل الأجنبي»
الخميس 12 نوفمبر 2020
تونس: المنجي السعيداني
أعلنت مجموعة من الأحزاب والشخصيات التونسية عزمها مقاضاة كل من يثبت تورطه في المخالفات القانونية التي شابت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت سنة 2019. وطالبت في بيان تنوير الرأي العام بكل المعطيات التي وردت في تقرير دائرة المحاسبات حول هذه الانتخابات، والذي أكد وجود خروقات فادحة شابت العملية الانتخابية برمتها.
وحمل البيان توقيع كل من «حركة تونس إلى الأمام»، و«حزب العمال»، و«الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي»، و«حزب القطب» و«التيار الشعبي»، إضافة إلى «اتحاد القوى الشبابية»، و«حركة البعث» و«الاتحاد العام لطلبة تونس»، و«اللجنة الوطنية لمناضلي اليسار»، علاوة على مجموعة من المستقلين، وهي في معظمها أحزاب وشخصيات يسارية معارضة.
واعتبرت هذه الأطراف السياسية، غير الممثل معظمها في البرلمان، أن تلك الانتخابات «لم تستند إلى شرعية الاختيار الشعبي الحر، بقدر ما استندت إلى سلطة المال الفاسد، والتمويل الأجنبي، وتدخل مؤسسات ولوبيات خارجية، ومؤسسات الأخبار الزائفة، والتزييف للتأثير على النتائج الانتخابية»؛ منتقدة بشدة صمت منظومة الحكم الحالية والنيابة العامة حيال تقرير دائرة المحاسبات، بما يؤكد – حسبها - «تورط المنظومة الحالية، ومحاولتها التستر على الجريمة الانتخابية التي تظهر نتائجها وأهدافها ما وصلت إليه البلاد من فساد»؛ مذكرة بأن تقارير سابقة كشفت بدورها عن مصادر الأموال الضخمة التي صرفت في الانتخابات السابقة، والمنتفعين بها.
يذكر أن فضيلة القرقوري التي تشغل منصب رئيسة دائرة بمحكمة المحاسبات التونسية، أكدت أن المحكمة رصدت خلال عملها الرقابي على الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، والانتخابات التشريعية لسنة 2019، عديداً من الاختلالات التي شابت الحسابات المالية للمترشحين، وشرعية الموارد، ومجالات إنفاقها، وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل، واستعمال مال مشبوه، وغير مصرح به في الحملات الانتخابية، وعدم احترام أحكام قانون الأحزاب.
وأضافت القرقوري في مؤتمر صحافي، عقدته أول من أمس، أن الإخلالات المرصودة «تؤدي بالضرورة إلى حرمان القائمة، أو المترشح المخل بالقوانين، من منحة استرجاع المصاريف الانتخابية كلياً أو جزئياً، وهو ما ستقوم به مختلف هيئات المحكمة».
على صعيد غير متصل، أكد محسن الدالي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، رفض الدعوى القضائية المستعجلة التي رفعها حزب «الدستوري الحر» المعارض ضد «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، فرع تونس، بهدف وقف أنشطته في تونس، وقال إن القضاء قرر رفض هذا الطلب؛ لكنه سمح لممثلي «الدستوري الحر» بالاستئناف في غضون 20 يوماً من تاريخ الإعلام بالحكم الابتدائي.
واتهمت عبير موسي، رئيسة «الدستوري الحر»، فرع «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» في تونس، بتنظيم أنشطة مشبوهة بجامعة «الزيتونة» في العاصمة التونسية، وهددت بالدخول في اعتصام أمام مقر هذا الاتحاد للتنديد بالحكم القضائي الذي اعتبرته «ظالماً ومجانباً للواقع».
وقالت موسي إن حزبها سيواصل خوض معركته في البرلمان بهدف «فضح الأجندات الخطيرة التي تسعى إلى التغطية على النشاط المشبوه لـ(الاتحاد)، وإظهار من يتمسك بكشف الحقيقة في صورة عدو للإسلام»، على حد تعبيرها.
وتنتقد موسي بشدة تزعم ممثلي الإسلام السياسي المشهد في تونس، وعلى رأسهم حركة «النهضة» (إسلامية)، وتتهمهم بتلقي دعم معنوي ومادي من تنظيم «الإخوان»، وترفض التعامل معهم وتعترض على الدخول في حكومة يشارك فيها التيار الإسلامي.
وحاولت موسي نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، سحب الثقة من راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة «النهضة»، بتهمة خدمة أجندات قطر وتركيا، من خلال إبرام اتفاقيات تجارية ومالية مشبوهة، غير أن محاولتها باءت بالفشل، بسبب عدم توفر الأغلبية المطلقة، المقدرة بـ109 أصوات من إجمالي 217 صوتاً في البرلمان؛ حيث لم تحقق سوى 97 صوتاً. وفي المقابل، ترفض قيادات حركة «النهضة» وبقية ممثلي الإسلام السياسي هذه الاتهامات، وتقول إنها تفتقر إلى الحجة والدليل، وتؤكد على طابعها المدني، والقبول بالتداول السلمي للسلطة، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع للوصول إلى الحكم. |
|