|
|
التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجزائر: اعتقالات «غير مسبوقة» لناشطين تزامناً مع حملة الدستور |
الجزائر: بوعلام غمراسة
تشن قوات الأمن الجزائرية، منذ 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حملة اعتقالات غير مسبوقة وسط الناشطين السياسيين، تعكس، حسب متتبعين، خوفاً كبيرا من عودة الحراك، الذي توقف في مارس (آذار) الماضي بسبب تفشي وباء «كورونا»، لكن مع تراجع معدلات الإصابة بالفيروس، يبدي المتظاهرون رغبة قوية في الخروج من جديد إلى الشارع للمطالبة بـ«التغيير الجذري» الذي رفعوا شعاره أول مرة العام الماضي، وأيضاً للتعبير عن رفضهم تعديلات الدستور المقترحة.
وطالت الاعتقالات، الاثنين، أساتذة وطلاب الجامعات وصحافيين، وعدة ناشطين سياسيين في عدد من الولايات، بعضهم أفرج عنه في اليوم نفسه، بينما ظل كثيرون في الحجز تحت النظر بمراكز الشرطة والدرك. وجاءت الاعتقالات مكثفة في «5 أكتوبر»، الذي يرمز إلى «الربيع الجزائري»، الذي عاشته البلاد قبل 32 سنة، عندما احتج عشرات الآلاف ضد سوء المعيشة، مطالبين بالديمقراطية والحرية، وإنهاء نظام الحزب الواحد.
وكانت هذه الذكرى فرصة لنشطاء الحراك للتظاهر في المدن الكبيرة، كالعاصمة وقسنطينة وبجاية شرقاً، وتلمسان غرباً، غير أنهم واجهوا إصراراً كبيراً من قوات الأمن على منعهم من تنظيم الاحتجاج.
ويرى هؤلاء النشطاء أن انتخابات الرئاسة، التي جرت نهاية العام الماضي، وأفرزت عبد المجيد تبون رئيساً، لم تأت بالتغيير الذي كانوا يحلمون به، بحجة أن تبون من المسؤولين الذين اشتغلوا مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لسنوات طويلة، في حين هم يرغبون برؤية وجوه جديدة تعتلي الحكم. أما تبون، فيؤكد أنه «يسير في الاتجاه الذي يريده الحراك المبارك»، والدليل على ذلك، حسبه، أن بعض وزراء حكومته كانوا من المنخرطين في الحراك، مثل وزير الصناعة فرحات آيت علي، والوزير المكلف الصناعة السينمائية يوسف سحايري، ووزيرة الثقافة مليكة بن دودة. كما يقول إن الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل «سيحقق كل مطالب الحراك».
وغادر الصحافي البارز قاضي إحسان، أمس، مقر «فصيلة الأبحاث» التابعة للدرك بالعاصمة، بعد دقائق من دخوله إليه، معلناً أن المحققين الأمنيين ألغوا تحريات أولية كانت تخصه. كما ذكر طاقم تحرير الصحيفة الإلكترونية «ماغراب إيمارجان» (المغرب العربي الناشئ)، في بيان أول من أمس، أن مديرها قاضي إحسان تسلم استدعاء من جهاز الدرك يطلب منه الحضور للتحقيق. وأكد البيان أن الصحيفة الإلكترونية والراديو التابع لها «معطلان منذ أبريل (نيسان) الماضي، بسبب خطهما السياسي الذي لا يعجب الحكومة».
وكان وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، عمار بلحيمر، قد اتهم قاضي والشركاء في المؤسسة التي تتبعها «ماغراب إيمارجان»، بتلقي تمويل من الخارج، وهو ما تمنعه القوانين. لكن الصحافي نفى بشكل قاطع تسلم أموال من الخارج لفائدة مؤسسته. كما هاجم بلحيمر قاضي في الصحافة، بسبب مقال حاد كتبه ضد تبون في مارس الماضي، عرض فيه «حصيلة كارثية» عن المائة يوم الأولى له في الرئاسة. ورد تبون، ضمناً، عليه في مقابلة مع مجموعة من الصحافيين، ووصفه بـ«المتحامل عليه».
يذكر أنه يوجد في السجن حالياً مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، الصحافي خالد درارني، الذي أدانته محكمة الاستئناف بالعاصمة بالسجن لعامين مع التنفيذ، بتهمتي «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على مظاهرات من دون رخصة». كما أدانت محكمة قسنطينة (شرق) الصحافي والناشط عبد الكريم زغيلش بالسجن عامين بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية في منشور على (فيسبوك)».
ويقول غالبية الصحافيين إنهم يواجهون ظرفاً حالكاً منذ تنحي الرئيس بوتفليقة، مشيرين إلى أن «الجزائر الجديدة التي تتغنى بها السلطة لا تعدو أن تكون سجناً كبيراً».
وقبل أسبوعين، أدانت محكمة في بجاية (250 كيلومتراً شرق العاصمة) الناشط السياسي الأمازيغي البارز خالد تازعارت والحبس لمدة عام مع التنفيذ، بتهمة «التحريض على الخروج إلى الشارع للاحتجاج». كما يقع تحت طائلة المتابعة القضائية مئات الأشخاص، من مختلف الأعمار؛ من بينهم نساء، بسبب منشورات لهم بشبكة التواصل الاجتماعي، عدّتها الحكومة «داعية لنشر الاضطراب والفوضى».
الجزائر تبدأ اليوم حملة «مغازلة» الناخبين للتصويت في الاستفتاء
جمعية العلماء المسلمين: الدستور الجديد يهدد مستقبل الوطن
الأربعاء 07 أكتوبر 2020
الجزائر: بوعلام غمراسة - لندن: {الشرق الاوسط}
تبدأ السلطات الجزائرية، اليوم، بمساعدة الأجهزة السياسية والإعلامية، حملة كبيرة لاستمالة 23.5 مليون ناخب (عدد سكان الجزائر 44 مليوناً)، للدستور الجديد، الذي سيعرض على الاستفتاء في الأول من الشهر المقبل.
وظهر جلياً من خلال ترتيبات حملة الترويج للمشروع، أن كل وسائل الدولة متاحة لفائدة الأطراف السياسية المؤيدة له، بعكس المعارضة التي ترى في الدستور «أمراً واقعاً مفروضاً، زيادة على أنه لا يعكس مطالب الحراك الشعبي».
وصرح محمد شرفي، رئيس «السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات»، أمس، بأن «الرهان الكبير الذي ينتظرنا كهيئة تسهر على السير الحسن للاستحقاقات، هو إقناع أكبر عدد من المسجلين في اللائحة الانتخابية بالتوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، بغض النظر إن كانوا يؤيدون التعديل الدستوري أو يرفضونه. المهم أن يضعوا ورقة الانتخاب في الصندوق». مؤكداً أنه «أمام المشاركين في حملة الاستفتاء على الدستور فرصة إلى غاية 28 من الشهر الجاري لتشجيع الجزائريين على أداء حقهم، وهو واجبهم في الوقت ذاته».
وتنقسم الطبقة السياسية حيال الاستفتاء إلى فريقين كبيرين. فريق التصويت بـ«نعم»، وآخر يشجع على التصويت بـ«لا». الأول يضم الأحزاب التي كانت حتى وقت قريب داعمة لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، والذي أسقطه الحراك في 2019، وأهم هذه الأحزاب «جبهة التحرير الوطني»، التي تضم آلاف المنتخبين بالبلديات والولايات، ممن يمكن الاعتماد عليهم في حشد التأييد للدستور الجديد، زيادة على حزبي «التجمع الوطني الديمقراطي»، و«تجمع أمل الجزائر». واللافت أن قادة التشكيلات السياسية الثلاثة موجودون في السجن بتهم فساد مرتبطة بقربهم من الرئيس السابق وعائلته.
أما الفريق الثاني، فيتكون من «المعارضة الصلبة»، التي قاطعت انتخابات الرئاسة، والتي أفرزت نهاية العام الماضي عبد المجيد تبون رئيساً. ويتزعم مجموعة رافضي الدستور الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، الذي قال عن الذين سيصوتون إيجاباً على الدستور، إنهم «آثمون». ويدعمه في حملة رفض الدستور إسلاميو «حركة مجتمع السلم»، الذين يرون في المسعى «حرباً على هوية الجزائريين وثوابتهم»، على أساس أنه يضع العربية في الكفة نفسها مع لغات أخرى، ومنها الأمازيغية. كما يحتجون على «علمنة المدرسة» في الدستور.
كما يضم فريق معارضة الدستور، الحزب اللائيكي «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي برر موقفه بكون وثيقة التعديلات الدستور حافظت على كل الصلاحيات «المضخمة»، التي كانت للرئيس السابق. ويملك الحزب مناضلين كثراً بمنطقة القبائل الأمازيغية، التي يرجح متتبعون بأنها ستقاطع الاستفتاء بشكل واسع، كما فعلت في انتخابات الرئاسة، إذ لم تتعد نسبة التصويت فيها 2 في المائة. وتعد هذه المنطقة بمثابة «شوكة في حلق النظام»، لأن سكانها معارضون أزليون له.
بدورها، أعربت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عن تحفظها ومخاوفها بخصوص بعض المواد التي تضمنتها الوثيقة الدستورية المطروحة للاستفتاء الشعبي، واعتبرتها بـ«مثابة تهديد لمستقبل الوطن، يتحمل الجميع نتائجه بالسكوت والإغفال وعدم تقديم النصح». وقالت الجمعية في بيان صحافي، عقب اجتماع مكتبها الوطني، أول من أمس، إنها ترى في هذه المواد «بمثابة ألغام تمسّ بالهوية الوطنية، ومكانة الإسلام والغموض في موضوع حرية العبادة، وعدم ضبط ما يتعلق بالوحدة الوطنية، وأيضاً ما يتصل باللغة»، مشيرة إلى أن «موضوع تحييد المدرسة آيديولوجيا، يوحي بالعمل على إبعادها عن هويتها ووطنيتها، وهما الدعامتان الأساسيتان لبناء المواطن الصالح، وحماية الأسرة من كل الآفات».
وناشدت الجمعية رئيس الجمهورية بأن يأخذ بعين الاعتبار خطورة تلك المواد الملغمة، فيعمل على تقويمها، داعية الشعب الجزائري إلى أن يعي مسؤولية ما سيقدم عليه، فيقف مع الأنفع، والأجدى لمصلحة الوطن».
ودافع الرئيس تبون عن مشروعه في خطاب أول من أمس، قائلاً إنه «يحقق توازن السلطات، ويوسع هوامش الحرية للمواطنين، ويكرس حق المواطن في قضاء مستقل، ويقضي على كل أشكال الفوارق الاجتماعية والاقتصادية». علاوة على أنه «يعزز المساواة بين المواطنين، ويضمن أخلقة الحياة السياسية والعامة، ويوفر أدوات لمحاربة الفساد بكل أشكاله». |
|