|
|
التاريخ: أيلول ١٥, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
باسيل يقدم أوراق اعتماده لأميركا بإعلانه استعداده التمايز عن «حزب الله» |
«حزب الله» باقٍ في سوريا... رغم تأكيدات باسيل |
بيروت: محمد شقير
توقفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أمام المواقف التي أعلنها أخيراً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وقالت إنه أراد تمرير رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية يُبدي فيها استعداده لتحسين سلوكه على قاعدة تمايزه عن حليفه «حزب الله» في أمور عدة ذات الصلة المباشرة بالملفين الداخلي والخارجي في محاولة منه لتعويم نفسه في الشارع المسيحي المأزوم الذي لم يتردد في تلقُّف المبادرة الفرنسية التي يتعامل معها على أنها الوحيدة القادرة على إعادة إعمار ما دمّره الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت.
- فرصة مواتية
ولفتت إلى أن باسيل انتهز الفرصة المواتية التي فتحت الباب أمام تشكيل حكومة جديدة، وبادر إلى تقديم أوراق اعتماده إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي انطلاقاً من رغبته بألا تنسحب عليه الأحكام الدولية التي تستهدف «حزب الله»، وبالتالي أراد للمرة الأولى وبهذا الوضوح أن يرسم لنفسه مسافة عن حليفه المفروضة عليه عقوبات أميركية.
وعزت المصادر السياسية استعداد باسيل لإطلاق إشارات يُفهم منها ابتعاده سياسيا عن «حزب الله» إلى أن الأبواب باتت موصدة في وجه طموحاته الرئاسية بسبب التصاقه به، وبالتالي لم يعد أمامه سوى الالتفات إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لعل هذه الالتفاتة تؤدي إلى تلميع صورته مجدداً في محاولة لإدراج اسمه على لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، خصوصاً أنه لا قدرة لديه لتصحيح علاقاته بعدد من الدول العربية.
وأكدت أن باسيل يراهن حالياً على تحقيق فك اشتباكه بالكنيسة المارونية وعلى رأسها البطريرك بشارة الراعي، وهذا ما برز برفضه مبدأ المثالثة وبانفتاحه على دعوة الأخير لحياد لبنان الناشط وعدم تأييده بأن تبقى وزارة المال من الحصة الشيعية في الحكومة، إضافة إلى انتقاده للزيارة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) للبنان.
وسألت المصادر نفسها عن الأسباب التي أملت على باسيل من دون أن يلقى الضوء الأخضر من «حزب الله» التطرّق إلى عزم حليفه على الانسحاب تدريجياً من سوريا وأيضاً عن إغفاله للعقوبات الأميركية المفروضة على الوزير السابق يوسف فنيانوس (تيار المردة) والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل الذي هو حليف حليفه أي «حزب الله» ويتواصل معه باستمرار؟
كما سألت عن الحيادية التي تناول فيها وجود القوات الدولية «يونيفيل» في الجنوب باعتبار أنها مطلب الجنوبيين لتطبيق القرار الدولي 1701 إضافة إلى عرضه لواقع الحال المترتب على دخول هذه القوات إلى الأملاك الخاصة من دون أن يتبنّى موقف «حزب الله» في هذا الخصوص؟
- رسائل هنية
وانتقد باسيل تفلُّت الساحة اللبنانية للذين يودّون استخدامها لتوجيه الرسائل، في إشارة إلى التهديدات التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وغيره من الذين يزورون لبنان لهذه الغاية ما اضطر مصدر في «قوى 14 آذار» سابقاً إلى التعليق على مواقفه المستجدة بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه يستحضر مواقفنا التي سبق له وانتقدها مراعاة منه لحلفائه في محور الممانعة.
لذلك فإن باسيل ليس في وارد التفريط بالمبادرة الفرنسية لأنه سيصطدم - كما تقول المصادر السياسية - بموقف مسيحي رافض يعوّل على الدور الذي يلعبه الرئيس إيمانويل ماكرون لإعادة إعمار بيروت وتوفير الدعم المالي لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يدفع باتجاه ارتفاع منسوب هجرة اللبنانيين وعلى رأسهم المسيحيون إلى الخارج. واعتبرت المصادر أن رد الفعل المسيحي حيال إفشال المبادرة الفرنسية لن يتناغم مع رد فعل الشارع الشيعي ولا يمكن أن يلتقيا حول قواسم مشتركة، وقالت إن للثنائي الشيعي القدرة على شد عصب السواد الأعظم من الشيعة بذريعة أن هناك من يستهدفه بعدم إسناده وزارة المال إلى شخصية شيعية، لكنه يجد صعوبة في كسب تأييد الشارع المسيحي.
- ماكرون بالمرصاد
وعليه، فإن التمهُّل في تشكيل الحكومة الجديدة إفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات وبتوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف بتشكيلها السفير مصطفى أديب في اجتماعهما أمس لن يعيد الاتصالات إلى المربّع الأول لأن الرئيس ماكرون يقف بالمرصاد لمن يحاول إجهاض الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان، خصوصاً أن هدر هذه الفرصة سيوصد الأبواب أمام البحث عن بديل يتمتع بهذا الحجم من التأييد الخارجي لملء الفراغ الناجم عن سحب المبادرة الفرنسية من التداول.
وفي ضوء كل ذلك فإن قرار «الثنائي الشيعي» بعدم التدخُّل في عملية التأليف يبقى في إطار الاعتكاف وتوجيه الرسائل من دون أن يؤدي اعتراضه إلى صرف النظر عن تطبيق المداورة، إلا إذا قرر عون مراعاته مع أنه يدرك سلفاً أنه سيوقع نفسه في صدام مع الشارع المسيحي الذي يدعم مبادرة ماكرون انطلاقاً من أنها تعبّر عن المزاج الشعبي الذي يسوده حالياً وبات بأكثرية هيئاته المدنية وبقواه السياسية الرئيسة على خلاف مع رئيس الجمهورية وتياره السياسي.
«حزب الله» باقٍ في سوريا... رغم تأكيدات باسيل
يسيطر على الخط الحدودي مع لبنان
بيروت: بولا أسطيح
بدا لافتا ما أعلنه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وإن بدا من خارج السياق العام، أن «حزب الله» بدأ يفكّر بالعودة من سوريا، داعياً اللبنانيين إلى احتضان ودعم هذا القرار. فبالرغم مما تردد في الأيام والأسابيع الماضية عن تقليص «حزب الله» وجود عناصره في سوريا الذين يشاركون في الحرب فيها منذ عام 2013، لم يصدر أي شيء رسمي عن قيادة الحزب في هذا الخصوص، علما بأن أمينه العام حسن نصر الله أكد قبل 4 أشهر أن حزبه لن ينسحب من سوريا نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية.
وصوّب باسيل مؤخرا أكثر من مرة على قتال «حزب الله» خارج الحدود اللبنانية، معلنا عدم تأييده للموضوع، إلا أن إعلانه صراحة أول من أمس (الأحد) عن تفكير الحزب بالعودة إلى الداخل اللبناني استرعى انتباها محليا وخارجيا للبحث في خلفيات ما ورد على لسانه.
وفيما ترفض مصادر في «حزب الله» التعليق على الموضوع، قال مصدر قريب من الحزب إنه «لا يوجد شيء جدي وجديد يستدعي الإعلان عنه بخصوص الوجود في سوريا»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عمل الحزب هناك يندرج وبشكل أساسي في إطار تنفيذ المهمات، إذ تتجه مجموعات وأعداد إضافية من لبنان باتجاه الداخل السوري في حال كانت هناك مهمة ما يتوجب تنفيذها في منطقة ما». وأضاف المصدر «خلال العامين الماضيين تغيّرت كثيرا مهمات الحزب في سوريا مع تراجع العمليات القتالية، أما الانسحاب فمرتبط بانسحاب كل القوات الأجنبية المقاتلة، وهذا مفترض أن يحصل خلال عامين».
ويرفض الحزب تحديد موعد لانسحابه من سوريا، وربط نصر الله بوقت سابق الانسحاب بـ«طلب القيادة السورية». وقال في خطاب له: «ليست لدينا معركة بقاء في سوريا، وما يبقينا هو الواجب والقيادة السورية، ولكن في الوقت ذاته نقول إنه لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا أن نخرج من سوريا فإنه لن يستطيع، فهذا الأمر يحصل في حالة وحيدة وهي أن يكون بطلب من الحكومة السورية».
ونفى الحزب مع انطلاق الأحداث في سوريا في عام 2011 أكثر من مرة مشاركته بالقتال هناك، ومن ثم اعتمد سياسة للإعلان عن ذلك تدريجيا. فأشار في المراحل الأولى إلى أن مواطنين لبنانيين هم من يشاركون في المعارك دفاعا عن بلداتهم الواقعة على الحدود بين البلدين، ومن ثم انتقل لتأكيد مشاركة عناصر منه في هذه المعارك تحت عنوان «حماية القرى اللبنانية» الحدودية مع سوريا، لينتقل إلى تبرير القتال بحماية «المقامات المقدسة» لدى الشيعة، ليتم حسم الموضوع بالإعلان الواضح عن المشاركة في معركة القصير مايو (أيار) 2013. ويتكتم «حزب الله» منذ انطلاق المعارك في سوريا عن عدد مقاتليه هناك. وفيما ترجح بعض المصادر أن يكون بلغ في مرحلة من المراحل الـ5 آلاف، يعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أنه لم يتجاوز الـ3 آلاف، لافتا إلى أنه في السنوات الماضية تم سحب نحو ألف مقاتل، ليستقر عدد عناصر الحزب حاليا على ألفي عنصر. ويشير عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب يسيطر حاليا على كامل الشريط الحدودي مع لبنان أي من تلكلخ وصولا إلى شبعا، موضحا أن قوات النظام السوري تتولى النقاط الحدودية لكن وجود عناصر الحزب يتراوح ما بين مسافة 10 و25 كلم.
وردا على سؤال، يلفت عبد الرحمن إلى أن المهمة الحالية لـ«حزب الله» في سوريا هي تغطية عدم قدرة قوات النظام على السيطرة على كامل الأراضي السورية، معتبرا أنه «متى أتى القرار الإيراني بانسحاب (حزب الله) من سوريا فعندها فقط يتم الانسحاب، ونحن لا نرى أي إشارات في هذا الاتجاه حاليا خاصة في ظل سعي إيراني لتشييع وتجنيد المزيد من المقاتلين».
وكان نصر الله أعلن في يوليو (تموز) من عام 2020 عن أن حزبه قلص قواته في سوريا بسبب ما قال إنه خفوت حدة القتال على الأراضي السورية، لكنه عاد وأكد استمرار بقاء مقاتلين في كل الأماكن التي انتشروا فيها سابقاً.
ويتحدث رئيس «مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - إنجيما» رياض قهوجي عن معلومات عن عمليات انسحاب ينفذها «حزب الله» من سوريا وأن عدد عناصره هناك تقلص بنسبة 50 في المائة، واضعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ذلك في إطار تعامل الحزب مع المتغيرات والتطورات سواء في الداخل اللبناني أو على الصعيد الإقليمي والدولي والتي من المفترض أن تتضح مع صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأضاف «هناك جهود واضحة تبذل لتخفيف الاحتقان بين إسرائيل وإيران وبخاصة على الساحة السورية، ولذلك يجد الحزب مصلحة له بتخفيف وجوده هناك خاصة بعدما باتت قواعده مكشوفة على امتداد التراب السوري. |
|