التاريخ: تشرين الثاني ٢٨, ٢٠١٠
 
أردن ما بعد الانتخابات

الجمعة, 26 نوفمبر 2010
مهند مبيضين *


«الانتخابات ستجرى وفق القانون»، جملة لطالما ترددت في مؤتمرات حكومة سمير الرفاعي التي سبقت ورافقت عملية الاتنخابات التي جاءت بالبرلمان السادس عشر، وهي جملة وإن كانت تشير لعقلية جديدة في الطبقة السياسية التي تدير الدولة، إلا أن مهمة الحكومة في الانتخابات الاخيرة لم تكن مع القانون او تكريسه، فـ «جملة انتخابات وفق القانون» كانت برأي البعض الدرع الواقية التي ستحاول الحكومة التمترس بها بعد اجراء الانتخابات، وفتح الباب للحسابات التي بات عدد من المخفقون في الوصول للبرلمان إثاراتها، مؤكدين على أن القانون الذي دعت الحكومة الناس إلى الانتخاب بمقتضاه مزقهم وفتتهم.


مشكلة الحكومات في الأردن لا تكمن فقط في تطبيق القانون، في مجتمع ذي بنى تقليدية وحسب، بل في جملة تحولات بنيوية لمجتمع بات يشهد خلال عامين عنفاً اجتماعياًَ فشلت اجراءات ودراسات الحكومات بالحد منه، لكن تحدي حكومة الرفاعي جاء في تحملها لردود فعل سلبية ظهرت بعد الانتخابات نتيجة القانون الذي جاءت به الحكومة وينسب إلى والد رئيس الحكومة سمير الرفاعي، وهو قانون يجب ان لا يبقى، فإما أن يعدل أو يعاد النظر برمته من جانب مجلس النواب.


مع كل ما حصل وما رافق عملية الانتخابات الأردنية إلا أن الحكومة استطاعت ان تمرر الانتخابات بشهادات مراقبين اجانب بأنها أفضل من الانخابات التي سبقتها العام 2007، وكانت الحكومة قد اطفت معاركها قبل الانتخابات وبخاصة مع المعلمين ومع الإعلام وأجبرت وزير البيئة حين انتقد الإعلام الرسمي على تقديم الاستقالة في محاولة لامتصاص اي غضب اعلامي. لكن السؤال الذي يطفو في سجالات الأردنيين اليوم هو ماذا بعد الانتخابات النيابية؟


كل التوقعات تدور حول سيناريو واحد يعقب عطلة عيد الأضحى، وهو تكليف سمير الرفاعي بإعادة تشكيل الحكومة بدخول عناصر جديدة، تكون قادرة على مواجهة مجلس نواب جديد كل نائب فيه يعد ذاته رأساً. وبالتالي الحكومة ستدخل برلماناً ليس لها معه تحالفات مسبقة مع اعضائه، وهو ما يرجح حصول صفقات سياسية لنواب مؤثرين كي يمرروا للحكومة الثقة، ويتطلب اقلاع الحكومة بأمان تغيير بقية وزراء الأزمات.


وبموازاة مهمة «إعادة التشكيل» لحكومة سمير الرفاعي والتي لن تكون سهلة قطعاً، ترجح مصادر مطلعة احداث تغيير في رئاسة الديوان الملكي وبعض المواقع المحيطة بها، وهذا التغير سيتيح وجود فريق قادر على فتح خطوط اتصال مع مجلس النواب السادس عشر، كون الحكومة في ظل عدم وجود مصلحة لها مع أي طرف من النواب لن تكون قادرة على تأمين ثقة مناسبة لها، ولن تقوى على تمرير بعض القوانين الموقته الصعبة المتعلقة بالضريبة والضمان الاجتماعي والعمل والتعليم العالي الذي بات مضطرباً في الآونة الأخيرة جراء تعدد القوانين الناظمة له وعدم استقرار تشريعاته.
* كاتب أردني