|
|
التاريخ: آب ٦, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
توقعات بإعلان حكومة «كفاءات مستقلة» في تونس |
أحزاب تطالب بتشكيل حكومة جديدة من دون «النهضة» |
تونس: المنجي السعيداني
طالبت عدة كتل برلمانية هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، بتحديد شكل الحكومة الجديدة التي يعمل على تشكيلها، بعد لقاءاتها معه في قصر الضيافة بقرطاج، والإفصاح عن شكلها ولونها، وتحديد إن كانت عبارة عن حكومة كفاءات مستقلة تتكون من خارج الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، تمشياً مع مطلب ممثلي الأحزاب الصغيرة غير الممثلة في البرلمان، أم أنها ستكون حكومة مصغرة تراعي الظرف الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، كما دعا إلى ذلك نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، أم حكومة ذات تجربة سياسية كما يريدها النواب المستقلون.
وحتى حدود يوم أمس، لم يعلن المشيشي عن شكل الحكومة التي ستتشكل على أنقاض حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة منذ 15 من يوليو (تموز) الماضي؛ لكن بعض المراقبين توقعوا أن يعلن المشيشي عن حكومة كفاءات مستقلة من خارج الأحزاب والكتل البرلمانية، وهو ما سيضع الأحزاب بين خيارين حاسمين: إما قبول ما يقدمه المشيشي والمصادقة عليه، وإما رفضه وتحمل التبعات المتعددة، وما سيترتب عنها من أزمات يتأثر بها المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضاً. لكن بعض المحللين يرون - استناداً على اللقاءات التي عقدها المشيشي مع خبراء في الاقتصاد والمالية - أن الحكومة المقبلة قد تكون حكومة تكنوقراط، لا تعتمد بالضرورة على النتائج التي حققتها الأحزاب السياسية في انتخابات 2019.
وفي هذا السياق، أكد حسان العيادي، المحلل السياسي التونسي، أن معظم الأحزاب السياسية بدأت تستشعر أنها باتت «محشورة في الزاوية» على حد تعبيره، وهذا يشمل حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، اللذين باتا يدركان أنهما في وضع صعب، بعد أن دفعا بشدة إلى أن تكون حكومة المشيشي من المتحزبين، مع التشديد على عدم إشراك حركة «النهضة» في الحكومة.
في غضون ذلك، قالت مصادر سياسية إن إشراك الأحزاب التونسية في الحكومة المقبلة لن يخرج عن تقييم الرئيس قيس سعيد لأداء هذه الأحزاب، ومختلف مكونات الطبقة السياسية؛ مؤكدة أن المشيشي عين من قبل الرئيس سعيد لترسيخ نظرته نفسها للأحزاب التي يرى أن «زمنها ولى وانتهى»، وأنها من بين أهم أسباب تأزم المشهد السياسي في تونس، ولذلك استعمل في مراسلاته قبل تحديد لقاءات التشاور حول تشكيل الحكومة عبارة «الكتل وممثليها»، عوض الأحزاب السياسية.
وفي حالة اعتماد المشيشي هذا الخيار، فإن الأحزاب السياسية ستجد نفسها - حسب بعض المراقبين - مخيرة بين منح الثقة لحكومة لا تمثيلية لها فيها، ولا قدرة لاحقة لها على فرض أي خيار عليها، أو التصويت ضدها ومنح رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، تعيد تشكيل المشهد البرلماني والسياسي برمته.
والتقى رئيس الحكومة المكلف أمس عدداً من أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) غير المنتمين إلى كتل برلمانية. وضمت القائمة الصافي سعيد ومبروك كورشيد، وياسين العياري وفيصل التبيني ومنجي الرحوي، الذي قال بعد لقائه المشيشي إنه عرض «تغيير المنوال الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة النظر في السياسة المالية، وفي علاقات تونس بشركائها»؛ مضيفاً أن رئيس الحكومة المكلف «يوجد في وضع صعب بين الاختيار بين حكومة أحزاب وما يخلفه هذا القرار من أزمات، أو حكومة كفاءات مستقلة ذات تجربة سياسية قد تساعد على الخروج من المأزق».
في السياق ذاته، دعا الرحوي الأحزاب التي شاركت في مختلف الحكومات السابقة، وعلى رأسها حركة «النهضة»، إلى الاعتراف بفشلها في حل الملفات العالقة. وقال إن عليها أن تبتعد عن كل أشكال الضغط من أجل المشاركة في الحكومة المقبلة.
أحزاب تطالب بتشكيل حكومة جديدة من دون «النهضة»
«الدستوري الحر» قال إنه سيتفاعل إيجابياً مع الائتلاف الجديد «فقط في حال استبعاد الحركة منه»
الأربعاء 05 أغسطس 2020
تونس: المنجي السعيداني
فيما يواصل هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، مشاوراته مع ممثلي الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة جديدة، تسربت أخبار عن فحوى هذه اللقاءات، تؤكد رفض عدد من الأحزاب السياسية مشاركة حركة النهضة (إسلامية) في الائتلاف الحكومي الجديد، وخاصة من قبل حزبي التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، التي أكد رئيسها زهير المغزاوي أن الأطراف المعارضة للحركة يمكن أن تشكل حكومة جديدة دون «النهضة».
وتشمل قائمة الأحزاب المعارضة لعودة النهضة لتزعم المشهد السياسي التونسي، الحزب الدستوري الحر المعارض (يمتلك 17 مقعدا في البرلمان)، وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وهما اللذان يمتلكان كتلة برلمانية تتكون من 38 مقعدا. وقد تمكنت هذه الأطراف السياسية من إقناع عدد من نواب البرلمان، وجمع 97 صوتا خلال جلسة نزع الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي. غير أنها لم تتمكن من تحقيق الأغلبية المقدرة بـ109 أصوات، لكنها خلقت في المقابل نواة معارضة جديدة قد تزداد صلابتها في حال الاتفاق على استبعاد حركة النهضة من تشكيل الحكومة الجديدة.
في السياق ذاته، رفض الحزب الدستوري الحر، الذي يعد أهم الأحزاب الرافضة لوجود النهضة في المشهد السياسي، تلبية دعوة المشيشي للمشاركة في المشاورات الدائرة حاليا حول شكل الحكومة الجديدة، وعدد أعضائها والأطراف السياسية المستعدة للمشاركة فيها، وقال إنه غير معني بالتموقع في هذه الحكومة، وإنه سيتفاعل إيجابيا معها فقط في حال استبعاد حركة النهضة منها.
في المقابل، أكد نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان، أن حزبه سيتفاعل إيجابيا مع كل المقترحات التي تلبي انتظارات التونسيين. وقال بخصوص مواصلة العمل الحكومي مع الائتلاف الحاكم السابق، ممثلا خاصة في حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، رغم الاختلافات العميقة التي شقت صفوف هذا الائتلاف: «النهضة مستعدة للعمل مع كل الأحزاب السياسية، باستثناء من أعلن عن إقصاء نفسه». في إشارة إلى الحزب الدستوري الحر.
في غضون ذلك، قال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، خلال اجتماع عمالي عقد أمس بمدينة الحمامات (شمال شرقي)، إن المنظمة «تدعم مقترح تشكيل حكومة مصغرة، تعطي انطباعا للتونسيين بحدوث تقشف حكومي، تكون مكونة من كفاءات وطنية قادرة على إدارة المرحلة الاقتصادية والاجتماعية الحالية الصعبة»، على حد تقديره.
في غضون ذلك، يتوقع مراقبون أن تستند حركة النهضة (54 صوتا) على حزب قلب تونس (29 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (17 مقعدا) لتزعم ائتلاف حكومي جديد، وهذه الأطراف الثلاثة مجتمعة تشكل نحو مائة صوت في البرلمان، مما يجعلها قريبة جدا من الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات، الكفيلة بضمان منح الثقة للحكومة الجديدة.
وخلافا لدعوات مختلفة تطالب تشكيل حكومة مصغرة، أو حكومة كفاءات، يتمسك سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة»، الداعمة لتوجهات حركة النهضة، بتشكيل حكومة ذات تركيبة سياسية، تقوم على المحاصصة بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، وفقا لنتائج انتخابات 2019 رافضا حكومة الكفاءات التي دعت لها أطراف غير ممثلة في البرلمان، أو ذات ثقل برلماني محدود. واعتبر مخلوف أن اللقاء مع رئيس الحكومة المكلف كان إيجابيا بعد أن أظهر المشيشي انفتاحا على تصورات الائتلاف وآرائه المختلفة.
وبدأ رئيس الحكومة المكلف سلسلة مشاورات منذ 27 من يوليو (تموز) الماضي، حيث عقد لقاءات مع الأمناء العامين لعدد من المنظمات الوطنية، ومع مسؤولين عن هياكل ومؤسسات اجتماعية، وفي مقدمتها «اتحاد الشغل» و«مجمع رجال الأعمال»، ونقابة الفلاحين، و«الاتحاد التونسي للمرأة»، و«نقابة الصحافيين»، و«رابطة حقوق الإنسان» و«هيئة مكافحة الفساد»، بالإضافة إلى خبراء في الشأن الاقتصادي والمالي، أمثال مروان العباسي محافظ البنك المركزي الحالي، وتوفيق بكار محافظ البنك الأسبق، فضلا عن وزراء في حكومة تصريف الأعمال وهم وزراء المالية، والشؤون الاجتماعية، والتنمية والتعاون الدولي والتجارة. |
|