|
|
التاريخ: تموز ٣١, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
لبنان يدخل مرحلة الإقفال التام لاحتواء الوباء |
دياب يتراجع عن انتقاده لودريان ومدير الأمن العام يملأ الفراغ في «غياب» الحكومة |
بيروت: «الشرق الأوسط»
يدخل لبنان صباح عيد الأضحى يومه الثاني من الإقفال التام والتشدّد بالإجراءات الوقائية، إثر الارتفاع غير المسبوق بعدد إصابات «كوفيد - 19» التي وصلت منذ يومين إلى 182 في أعلى حصيلة منذ تفشي الوباء، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 4205 حالات.
ارتفاع عدد الإصابات فرض إجراءات خاصة على صلاة العيد، منها الوضوء في المنزل واعتماد فحص الحرارة قبل دخول المسجد بعد التعقيم، ووضع الكمامات والقفازات، وإحضار سجادة صلاة خاصة بكل فرد، فضلاً عن التباعد داخل المسجد أثناء الخطبة والصلاة، وعدم المصافحة باليد، ومنع حضور كبار السن والنساء والأطفال والمرضى. وعلى صعيد التشدّد بالإجراءات، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أنها سجّلت 275 محضر ضبط بتاريخ 29 يوليو (تموز) الحالي، نتيجة مخالفة قرار وزير الداخلية والبلديات موزعة على المناطق كافة. وأشارت إلى أن «المخالفات التي تمّ تسجيلها توزّعت بين عدم وضع الكمامة، ومخالفة قرار التعبئة فيما خص النراجيل والتقارب الاجتماعي، إضافة إلى عدم الالتزام بتدابير الوقاية وتخفيف القدرة الاستيعابية لنسبة 50 في المائة»
من جهة أخرى، وبعد الانتقادات التي برزت مؤخراً بسبب الأخطاء التي حصلت في نتائج فحوص «بي سي آر» وتزوير بعضها، شدّد وزير الصحة العامة حمد حسن على «أن أي تجاوز أو ارتكاب من هذا النوع سيؤدي إلى مصادرة جهاز (بي سي آر) واستخدامه في مختبر آخر، إضافة إلى اتخاذ تدابير مسلكية»، محذراً من أي «تجاوزات تحصل مع بعض السوريين الذين يتهافتون بأعداد كبيرة لإجراء الفحوصات قبل مغادرتهم إلى بلادهم، إذ تبين أن ثمة من يؤمن لهم نتيجة وهمية سريعة دون إجراء الفحص المخبري لقاء مبلغ مالي».
ورأى حسن خلال اجتماعه مع أصحاب المختبرات التي تجري فحوصات «بي سي آر» أن «ارتكاب البعض هذه الأخطاء غير مبرر» ويجب ألا «يضيع جهد المختبرات في لبنان والتي تميز بالحرفية والمهنية».
وتوقف حسن عند الوفيات التي حصلت في الأيام الأخيرة، فشدد على «وجوب إلزام المؤسسات الاستشفائية بإسعاف المريض قبل الاستفسار عن جهته الضامنة، وأياً كانت هذه الجهة»، لافتاً إلى «وجوب التنسيق بين الأجهزة الضامنة كافة؛ خصوصاً أن نسبة الطبابة على نفقة وزارة الصحة العامة ازدادت بسبب الوضع الاقتصادي، من 15 إلى 20 في المائة، كما أن شركات التأمين تتهرب من تغطية المصابين بـ(كورونا)، وهناك كثيرون الذين لم يجددوا تأمينهم».
وأعلن حسن بعد اجتماع مع الجهات الضامنة المدنية والعسكرية أنه «تبين حتى الآن نتيجة التفتيش الذي قامت به وزارة الصحة، وجود أمكنة شاغرة في بعض المستشفيات التي رفضت استقبال المريض عبد الله الحلاني الذي توفي قبل بضعة أيام»، مشيراً إلى أنه «اتفق مع وزيرة العدل على اتخاذ إجراء مباشر وتسمية مدير المستشفى الذي يرفض استقبال مريض أو يخبئ وجود أسرة شاغرة في مستشفاه».
وليس بعيداً من عدم دقة نتائج فحوص «بي سي آر»، طالب عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب زياد الحواط في بيان «وزير الصحة بإرسال فريق اختصاصي إلى بلدة حصارات (جبيل) لإجراء الفحوصات لكل من خالط مصابة في البلدة والتدقيق في النتائج قبل إصدارها، بعد الفحوصات غير الدقيقة التي أجريت في قرى لبنانية وبعض قرى قضاء جبيل، وتسببت بهلع لدى الأهالي جراء النتائج المغلوطة»، مؤكداً أن «الوضع الصحي يستوجب أعلى درجات المسؤولية، وينبغي وضع حد للنتائج المغلوطة».
وعلى خطّ تفشي الوباء، طلب وزير الطاقة والمياه ريمون غجر، وبعد إصابة أحد المستشارين في الوزارة بفيروس كورونا، من جميع الموظفين والمستشارين في الطابق الذي فيه مكتب المستشار، وليس فقط من خالطوه، «ضرورة إجراء فحوص (بي سي آر) للتأكد من سلامة الجميع». وفي السياق، أعلنت بلدية مجدليون تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في البلدة، وهو موظف في إحدى الهيئات العامة في بيروت، مؤكدة أنها اتخذت «جميع التدابير اللازمة من تعقيم المبنى، وتنفيذ الحجر وإبلاغ المعنيين»، وأنه «تم خضوع جميع عائلة المصاب لفحص (بي سي آر) في الجامعة الأميركية في بيروت».
وفي عكار، ارتفع عدد المصابين بفيروس «كورونا» المستجد إلى 35 إصابة مع تسجيل 8 إصابات جديدة أمس، وفق تقرير غرفة إدارة الكوارث في المحافظة ما رفع عدد المصابين المسجلين منذ 17 مارس (آذار) الماضي إلى 121 إصابة، وأعلن محافظ بيروت القاضي مروان عبود في بيان «وقف استقبال المواطنين في مراكز البلدية حفاظاً على سلامة الموظفين والمواطنين من عدوى (كورونا)».
دياب يتراجع عن انتقاده لودريان ويلطف الأجواء مع فرنسا
حاول رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب «تلطيف الأجواء» مع الفرنسيين، بعد الانتقادات العنيفة التي وجهها مطلع الأسبوع لوزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، معتبرا آنذاك أن الوزير الفرنسي «لديه معلومات مغلوطة» عن الوضع اللبناني.
وأعلن دياب أمس أنه «يتم درس عرض فرنسا تقديم مساعدة تقنية على المستوى المالي» منوها بالعلاقات اللبنانية الفرنسية العميقة والمتجذرة في التاريخ وفي القيم المشتركة.
وخلال استقباله وفدا من السفارة الفرنسية في بيروت ضم القائمة بأعمال السفارة سالينا غرونيت كاتالانو، أعرب دياب عن «تطلع لبنان إلى تعزيز علاقات التعاون بين البلدين على الصعيد الثنائي وعلى الصعيد الدولي ولا سيما في إطار المنظمات الدولية»، مؤكدا أن «زيارة الوزير لورديان تأتي في سياق تلك العلاقة التاريخية التي تجمع بين البلدين».
من جهتها جددت القائمة بأعمال السفارة الفرنسية اهتمام بلادها بمساعدة لبنان وتقديم الدعم له وفقا لبيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة اللبنانية.
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام على الانتقادات القاسية التي وجهها دياب إلى زيارة لودريان إلى بيروت معتبرا أنها «لا تحمل جديداً» وأنّ الوزير الفرنسي لديه «نقص في المعلومات» عن حجم الإصلاحات التي قامت بها الحكومة.
مدير الأمن العام يملأ الفراغ في «غياب» الحكومة
بيروت: محمد شقير
يقول قطب سياسي لم يتردد في توفير الدعم لحكومة الرئيس حسان دياب إن المشكلة تكمن في أن رئيسها «لا يزال يتصرّف كأنه يعيش في كوكب آخر، ويرفض أن يقارب المشكلات من كثب ويتدخل في الوقت المناسب لمنع البلد من السقوط في الهاوية»، ويؤكد، كما ينقل عنه زواره، أن «الرهان على الحكومة لم يكن في محله بعد أن أثبتت عجزها عن التصدّي لشكاوى اللبنانيين وهمومهم».
ويؤكد القطب السياسي - بحسب زواره لـ«الشرق الأوسط» - أن أداء الحكومة لا يزال دون المستوى المطلوب، وأن «رئيسها أوقع نفسه في حجر سياسي بسبب إصراره على بعض المواقف التي أقحمته في مسلسل من الاشتباكات السياسية؛ بدأت مع حاكم (مصرف لبنان) رياض سلامة و(جمعية المصارف)، وانتهت مع المجلس النيابي على خلفية نزاعه المفتوح مع لجنة المال والموازنة النيابية حول توحيد مقاربة الخسائر المالية التي تؤخر تفعيل التفاوض مع صندوق النقد الدولي».
ويلفت إلى أن دياب سرعان مع وسّع دائرة اشتباكاته لتشمل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بدلاً من أن يُبقي على التواصل معه على أنه آخر وسيلة لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، ثم اتجهت حملته إلى الأجهزة الأمنية في تغريدة اضطر إلى سحبها لما انطوت عليه من اتهامات ظالمة لم تلقَ تجاوب أكثرية الوزراء.
ويرى القطب السياسي أن مشكلة دياب مع نفسه قبل الآخرين لغياب الرؤية الواضحة في توفير الحلول للمشكلات الحياتية والمعيشية، ويقول بأن الشأن السياسي «يكاد يغيب عن جلسات مجلس الوزراء ويحضر بصورة استثنائية من زاوية ملاحقته شبح (المؤامرة) التي ما زالت غير مرئية». ويسأل عن «الأسباب وراء تقصير الحكومة الذي أحدث فراغاً أتاح للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التدخّل لتدارك استمراره في ظل ارتباك الحكومة»، ويؤكد أن «الركون إلى حكومة من التكنوقراط لم يكن في محله لافتقاد من يشارك فيها إلى رؤية سياسية موحدة من جهة؛ ولغياب المبادرات لمحاكاة المزاج الشعبي من جهة ثانية».
ويرى أن الحكومة «لا تتعاطى الشأن السياسي، و(الإنجاز) الوحيد الذي حققته بقي محصوراً في تشكيل لجان وزارية بمؤازرة الفريق الاستشاري لدياب، مع أن هذه اللجان ما زالت تراوح في مكانها ولم تدفع اجتماعاتها باتجاه خفض الأزمات»، ويعزو السبب إلى أن «ما يعوز الحكومة افتقادها للحد الأدنى من اللاعبين السياسيين في مقابل وجود لاعب أوحد يتمثل في رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي ارتأى أن يتموضع على الضفة الأخرى ويتألم لما آلت إليه الأوضاع بسبب قصور الرؤية لدى الحكومة رغم أنه لم يلق التجاوب المطلوب لإخراجها من التخبُّط الذي يسيطر عليها».
وتشكل المهام التي يتولاّها اللواء إبراهيم محاولة لملء الفراغ الحكومي الناتج عن غياب الحكومة عن تحمل مسؤولياتها، وبالتالي فإن تحرّكه يحظى باهتمام أصحاب الشأن داخل الحكم والحكومة ولا يشكل حساسية للرئيس بري كما يدّعي البعض، خصوصاً أنهما على تواصل دائم.
فاللواء إبراهيم - كما تقول المصادر - «لم يتنطّح للعب هذا الدور وفي نيته مصادرة صلاحيات الوزراء، خصوصاً أولئك الذين أظهروا قصورهم في تأمين الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية، وبالتالي؛ فإن تحركه يحظى بتأييد حتى من قبل الذين لا يروق لهم القيام بهذا الدور بالنيابة عن الحكومة ورئيسها مستفيداً من شبكة علاقاته بكل الأطراف؛ أكانوا في الموالاة أم في المعارضة». |
|