التاريخ: تموز ١٤, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
رئيس تونس يرفض تحرّك «النهضة» لإطاحة رئيس الحكومة
خلافات الأحزاب تهدد بانشقاقات في البرلمان وتحركات لإزاحة الغنوشي من رئاسته
تونس: «الشرق الأوسط»
رفض رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيّد أمس (الاثنين)، إجراء مشاورات سياسية مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لتغيير الحكومة الحالية التي يرأسها إلياس الفخفاخ، وذلك تزامناً مع تخلي «حركة النهضة»، الشريك الأكبر في الائتلاف الحكومي، عن الفخفاخ وعزمها مباشرة تحرك سياسي لتغيير الحكومة، بحجة التورط المحتمل للفخفاخ في شبهة «تضارب مصالح».

وقال الرئيس سعيّد، أثناء لقائه الفخفاخ ورئيس اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي أمس: «إذا استقال رئيس الحكومة أو تم توجيه لائحة لوم ضده، في ذلك الوقت يمكن لرئيس الجمهورية القيام بمشاورات، أما دون ذلك فلا وجود لمشاورات على الإطلاق». وأضاف الرئيس التونسي: «لن أقبل بالتشاور مع أي كان ما دام الوضع القانوني على حاله».

وجاء هذا الموقف الرئاسي تزامناً مع تخلي «النهضة» عن دعمها حكومة الفخفاخ بدعوى وجود شبهة «تضارب مصالح» ضده لامتلاكه أسهماً في مؤسسات لها تعاملات مع الدولة. وتحقق لجنة برلمانية في هذه الشبهة، ولم تصدر بعد نتائجها النهائية.

وبخلاف «النهضة»، لم تعلن باقي الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، ذات التمثيل الأقل في البرلمان، موقفها رسمياً بشأن مستقبل حكومة الفخفاخ التي تسلمت مهامها في فبراير (شباط) الماضي.

وكان الرئيس سعيّد هو من اختار الفخفاخ لتكوين حكومة بعد فشل مرشح الحزب الفائز في الانتخابات في نيل ثقة البرلمان للحكومة الأولى المقترحة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويشترط الدستور التونسي تقديم لائحة لوم من قبل ثلث نواب البرلمان على الأقل (73 نائباً)، قبل عرضها للتصويت في جلسة عامة بعد 15 يوماً. ويتعين الحصول على الأغلبية المطلقة (109 أصوات) لسحب الثقة من الحكومة.

وكان رئيس مجلس شورى حركة «النهضة» عبد الكريم الهاروني قال أمس (الاثنين)، إن المجلس كلف رئيس الحركة راشد الغنوشي، وهو أيضاً رئيس البرلمان، بدء مشاورات مع رئيس الجمهورية والأحزاب والمنظمات الوطنية من أجل «مشهد حكومي بديل». وقال الهاروني، في مؤتمر صحافي أعقب أعمال مجلس الشورى: «النهضة لن تقبل أي شبهة فساد في الحكومة وفي المشهد البديل». ولم يحدد مجلس شورى «النهضة» تاريخ بدء المشاورات. كما لم يستبعد الهاروني الذهاب إلى انتخابات مبكرة مع تعديلات للقانون الانتخابي. وتابع الهاروني أن مجلس شورى الحركة سيظل في حالة انعقاد حتى التوصل إلى حل للخروج من الأزمة.

وصرح مسؤولون من «النهضة» لوكالة «رويترز» بأن الحكومة فقدت مصداقيتها بسبب شبهات تضارب مصالح تلاحق الفخفاخ، وأن «النهضة» تريد حكومة جديدة قوية. وقال عماد الخميري القيادي بالنهضة للوكالة، إن الحزب يعتقد أن هذه الحكومة فقدت المصداقية بسبب شبهة تضارب المصالح لرئيس الحكومة.

ويتزامن الجدل بشأن مصير حكومة الفخفاخ مع التحضير لعريضة داخل البرلمان من أجل سحب الثقة من رئيسه الغنوشي. وتشارك في العريضة أحزاب من الحكومة. وقال سياسيون الأحد، إن خمسة أحزاب على الأقل ستبدأ إجراءات لسحب الثقة من الغنوشي، في خطوة ستمثل إحراجاً شديداً للحزب، وقد تقود لأزمة سياسية حادة في البلاد.

ويأتي سعي هذه الأحزاب لسحب الثقة من الغنوشي بسبب ما وصفته بأنه إدارة سيئة للبرلمان وخروقات وتجاوز للصلاحيات وسط خلافات بين أغلب عناصر الائتلاف الحاكم الهش. وفي المقابل، ستمثل إجراءات سحب الثقة من الغنوشي كرئيس للبرلمان أكبر إحراج للنهضة منذ 2013 حينما وافقت آنذاك على التخلي عن الحكم تحت ضغط احتجاجات معارضيها لصالح حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات جديدة.

وقال المتحدث باسم حزب التيار الديمقراطي محمد عمار الأحد، إن أربع كتل برلمانية اتفقت على بدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان بسبب خروقات عديدة في الإدارة وقرارات أحادية بخصوص تركيبة لجان برلمانية.

وتمثل هذه الكتل أحزاب «تحيا تونس» و«التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، وهي أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم، إضافة إلى كتل الإصلاح الوطني، في إشارة أخرى إلى أن عمر الائتلاف الحكومي الهش لن يطول كثيراً.

ويقود «الحزب الدستوري الحر» ورئيسته عبير موسي وهي من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي منذ أسابيع جهوداً لسحب الثقة من الغنوشي، متهمين إياه بأنه يخدم أجندة تنظيم الإخوان المسلمين وحلفاء في الخارج من بينهم تركيا وقطر.

ورفض الغنوشي مراراً الاتهامات، ويقول إنه من الأجدر الاهتمام بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة للتونسيين بدل هذه الصراعات. ويعتصم نواب «الحزب الدستوري الحر» في مقر البرلمان، مطالبين بسحب الثقة من الغنوشي.

تحركات في البرلمان لإزاحة الغنوشي من رئاسته
تونس: «الشرق الأوسط»
كشف مصدر برلماني أن كتلاً برلمانية، لها وزنها، بدأت تتحضر للشروع في إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان، وزعيم حركة «النهضة» في تونس، راشد الغنوشي، بعد تكرار تجاوزاته وفشله في إدارة المؤسسة التشريعية الأولى بالبلاد، وتحوله إلى مصدر توتر وخلافات داخلها. وأوضح المصدر لقناتي «العربية نت» و«الحدث»، أن «الكتلة الديمقراطية» التي لها 40 مقعداً في البرلمان، وكتلة «تحيا تونس» 14 مقعداً، وكتل الإصلاح الوطني 15 مقعداً، والكتلة الوطنية 9 مقاعد، اتفقوا على جمع التوقيعات الضرورية لتقديم لائحة من أجل سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، مؤكدين أنهم سيعلنون عنها رسمياً، (الاثنين)، وذلك «بعد ما طفح الكيل من ممارسات وتحركات الغنوشي المشبوهة وقفزه على صلاحيات رئيس الجمهورية، ومحاولته لعب دور خارجي لتنفيذ أجندة تنظيم (الإخوان) في الداخل، وكذلك لوجود تداخل بين نشاطه الحزبي ومسؤولياته البرلمانية»، بحسب تعبيره.

وأشار المصدر إلى أن دائرة تجاوزات الغنوشي توسعت، وباتت تضيق الخناق عليه، وتهدّد مستقبله السياسي، بعد أقل من عام على انتخابه لقيادة برلمان تونس، وهي فترة خضع خلالها إلى جلستين للمساءلة حول تحركاته الخارجية في محيط الدول الداعمة والموالية لتنظيم «الإخوان» ومحاولاته الزجّ بالبلاد في لعبة المحاور، وتعمقت خلالها الأزمة السياسية، وتوسعت دائرة الخلافات الحزبية والصراعات.

من جانبها، أكدت رئيسة كتلة «الدستوري الحر»، عبير موسى، أمس (الأحد)، أن تحرير تونس مما أسمته «أخطبوط الإخوان» يبدأ بسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، مشيرة إلى «وجود مشاورات بين الكتل النيابية في هذا الإطار». وقالت موسى، في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك»، إن «أجمل هدية نقدمها للتونسيين في عيد الجمهورية يوم 25 يوليو (تموز) المقبل هي ألا يكون راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان»، وذلك عن طريق سحب الثقة منه.

يُذكر أن مشاورات انطلقت، الجمعة، بين عدد من الكتل النيابية، لتدارس إمكانية سحب الثقة من رئيس البرلمان التونسي، وذلك عبر جمع تواقيع عدد من النواب على عريضة، تقدمت بها كتلة الدستوري الحر، قبل المرور إلى جلسة عامة للتصويت عليها، بأغلبية 109 أصوات، من أصل 217 صوتاً. وكانت موسى قالت يوم الجمعة: «نحن ننتظر من النواب التوقيع على عريضة سحب الثقة من رئيس البرلمان»، الذي وصفته «بزعيم (الإخوان) والداعم الرئيسي للإرهاب»، بحسب تعبيرها.

خلافات الأحزاب تهدد بانشقاقات في البرلمان 
السبت 11 يوليو 2020 
تونس: المنجي السعيداني

على أثر تقديم حركة «النهضة» التونسية (إسلامية) ثلاث لوائح إلى البرلمان، تقترح إدانة تمجيد الاستبداد، وطلب الاعتذار من ضحايا العهد البائد، ونشر قائمة شهداء وجرحى الثورة، وخلق التنمية وفرص التشغيل بشكل عادل في كل الجهات، رأى عدد من المراقبين أن حركة «النهضة»: «دخلت رسمياً حرب اللوائح بين الأحزاب الممثلة في البرلمان»، بهذه الخطوة، وقالوا إن مواقف الأحزاب السياسية المتباينة أصلاً ستحدث انشقاقات جديدة في المشهد البرلماني.

في هذا السياق، أكد أسامة الخليفي، رئيس كتلة حزب «قلب تونس» بالبرلمان، أن حزبه لن يوافق على تمرير اللوائح الثلاث التي تقدمت بها كتلة حركة «النهضة»، وذلك خلال اجتماع رؤساء الكتل بالبرلمان، واعتبر أن حزبه «غير معني بالمزايدات السياسية التي تفرزها اللوائح»، داعياً إلى النأي بالبرلمان عما اعتبره «مناكفات سياسية ومهرجان اللوائح التي لا تخدم مصالح التونسيين»، على حد تعبيره.

وأضاف الخليفي أن الموقف الذي اتخذته كتلته البرلمانية ينفي جذرياً ما تم تداوله حول وجود تحالف برلماني بين «قلب تونس» وحركة «النهضة» لمنع تصنيف «الإخوان» تنظيماً إرهابياً، بحسب المطلب الذي تقدم به «الحزب الدستوري الحر» المعارض، برئاسة عبير موسي.

في السياق ذاته، قال ناجي العباسي، المحلل السياسي التونسي، إن حركة «النهضة» قدمت مشروع لائحة لإدانة تمجيد الاستبداد، وطلب الاعتذار من ضحايا العهد البائد، وهي تعلم مسبقاً أنها تستهدف من ورائها عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» التي عُرفت بدفاعها عن حقبة بن علي.

وتنص الفقرة التاسعة من الفصل 148 من الدستور التونسي، على أن تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها، والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين، أو بوجود عفو سابق أو بحجية اتصال القضاء، أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن، وهو ما يعني إمكانية العودة لإدانة بعض رموز النظام السابق.

يذكر أن عبير موسي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد مكلف بالشباب والمرأة في حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل، وهو ما يؤكد انخراطها في المسؤولية عما وقع من انتهاكات لحقوق الإنسان في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وكانت منظمات حقوقية تونسية ودولية قد أشارت إلى تضرر آلاف التونسيين المؤيدين لحركة «النهضة» من السجون والمنافي والتهجير القسري خلال فترة حكم بن علي التي امتدت على طول 23 سنة (من 1987 إلى 2011).

في غضون ذلك، من المنتظر أن تقدم نتائج لجنة التحقيق حول تضارب المصالح، المتعلقة بشركة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، تقريرها خلال مؤتمر صحافي بعد ثلاثة أسابيع. وفي هذا السياق، قرر رئيس الحكومة الاجتماع بأحزاب الائتلاف الحاكم من أجل مناقشة فحوى الاتهامات الموجهة إليه، خلال الأيام القليلة المقبلة، وتوضيح الأمر، مع الدعوة للتضامن ومواصلة العمل لمصلحة تونس، وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر جراء تغيير الحكومات؛ مؤكداً أنه لن يتنحى عن منصبه، رغم مطالبة لجنة التحقيق البرلمانية بالتخلي عن منصبه إلى حين الانتهاء من التحقيق.

من ناحية أخرى، أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي بالعاصمة التونسية، أمراً بسجن متهمين اثنين في قضية فساد مالي في «الخطوط الجوية التونسية» (حكومية)، كما تم إطلاق سراح 5 متهمين آخرين.

وكانت النيابة العامة التونسية قد أصدرت يوم الأربعاء الماضي قراراً بالاحتفاظ بـ7 من المشتبه بهم يعملون في «شركة الخطوط التونسية»، من بينهم إطارات سابقة وحالية، قبل أن تعود وتطلق سراحهم في انتظار استكمال التحريات.