| | التاريخ: تموز ٤, ٢٠٢٠ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | الجزائر تبحث عن هدنة مع المتظاهرين لـ«تمرير» التعديل الدستوري | الافراج عن أبرز وجوه «الحراك الشعبي» وأويحيى يراكم 39 سنة سجن | الجزائر: بوعلام غمراسة
قررت السلطة الجديدة في الجزائر التخلي، على ما يبدو، عن سياسة التشدد مع نشطاء الحراك، الذين يعارضون الرئيس عبد المجيد، ويرفضون الاعتراف بشرعيته، وذلك بعد إطلاق سراح أربعة من أبرز الناشطين، بموجب قرارات قضائية.
وكانت قنوات تلفزيونية مؤيدة لتبون قد ذكرت بأنه سيصدِر عفواً رئاسياً عن عدد كبير من سجناء الرأي، وعددهم سبعون، بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال في الخامس من يوليو (تموز).
وقال محامون يدافعون عن ناشطين بالحراك لـ«الشرق الأوسط»، إن أربعة منهم فقط تم إطلاق سراحهم بصيغة إفراج مؤقت، وليس عفواً رئاسياً، الذي من بين شروطه أن يكون المسجون قد صدر بحقه حكم قضائي نهائي، ولم يقدم أي طعن لدى الهيئات القضائية. ويتعلق الأمر بالمناضل السياسي البارز كريم طابو، والناشطة الطبيبة أميرة بوراوي، والناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش. وستتم محاكمتهم في سبتمبر (أيلول) المقبل، حسب المحامين عينهم، بتهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على التظاهر من دون رخصة». وعبر ناشطون سياسيون عن تحفظهم على العفو الرئاسي، ورأوا أنه غطاء سياسي لإنهاء سجن الستة، فهم سجناء رأي أخطأت السلطة بحقهم، وكان ينبغي أن تعترف بخطئها فتلغي الأحكام القضائية التي صدرت ضدهم، حسبهم. والعفو، ضمن هذا المفهوم، يمنح للمساجين الذين ارتكبوا جرماً.
وقرأ مراقبون الإفراج عن طابو وبوراوي وبلعربي وحميطوش، ولو من دون إسقاط المتابعة عنهم، رسالة تهدئة من جانب السلطة إلى المتظاهرين، خصمها العنيد، مفادها أنها تملك حسن نية لـ«تطبيع» العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ أكثر من عام، والتي ازدادت حدة في فترة تعليق المظاهرات، بسبب حملة اعتقال مكثفة طالت عشرات الأشخاص، واستدعاءات أمنية للمئات بسبب منشورات لهم في شبكة التواصل الاجتماعي، عدتها السلطات مسيئة لها.
وقال «محامي الحراك» عبد الغني بادي، إن «تهمة الإساءة لرئيس الجمهورية الموجهة للمتظاهرين، حطمت الرقم القياسي مقارنة بفترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة».
وبحسب المراقبين أنفسهم، فإن الإفراج عن الأربعة يعكس رغبة من السلطة في «شراء سلم الحراك» لتمرير مشروع التعديل الدستوري عبر الاستفتاء الشعبي، في هدوء. كما أنها مقبلة على مرحلة صعبة، تتمثل في تسيير الكلفة الاقتصادية لأزمة «كورونا». زيادة على أزمة شح الموارد المالية الخطيرة، وهي في حاجة إلى استقرار سياسي يتيح لها مواجهة المشاكل، بينما يترقب مئات آلاف المتظاهرين العودة إلى الشارع بعد انحسار الوباء. وبحسب ردود أفعالهم على قرارات الإفراج المؤقت، فقد تقدمت السلطة نحوهم بـ«نصف خطوة» لا تكتمل، حسبهم، إلا بإطلاق سراح كل المعتقلين، ووقف الضغط عليهم والتهديد باعتقالهم، إن لم يتوقفوا عن معارضتها.
وكتب أستاذ علم الاجتماع السياسي، نوري إدريس، حول التطورات الأخيرة في ملف معتقلي الحراك «لا تفوت السلطة أي فرصة لتستعرض بشكل مستفز هيمنتها على الدولة والمجتمع، وعدم استعدادها للخضوع لأي قيد، كان قضائياً أو دستورياً أو أخلاقياً. فسجن المواطنين وكيل تهم خطيرة لهم، ثم العفو عنهم بشكل مزاجي، أدوات استعراض، وتذكير الناس بوقوع كل المؤسسات بين أيدي السلطة، والهدف من ذلك هو دفعهم لليأس والاستسلام، والبحث عن من يحميهم من تعسفها بشكل فردي، بدل الانخراط في مشروع جماعي لتقييدها وتقنينها ومأسستها».
الافراج عن أبرز وجوه «الحراك الشعبي»
تبون يعلن استعادة بلاده رفات 24 مقاوماً ضد الاستعمار
الجمعة 03 يوليو 2020
الجزائر: «الشرق الأوسط»
قرّر القضاء الجزائري أمس الإفراج عن المعارض كريم طابو، أحد رموز الحراك البارزين، و ثلاثة ناشطين آخرين, ما قد يكون مؤشرا لقرارات أخرى مماثلة بخصوص موقوفين آخرين عشية ذكرى الاستقلال. وقال المحامي عبد الغني بادي لوكالة الصحافة الفرنسية: «قُبل طلب الإفراج المؤقت، وسيغادر كريم طابو السجن».
وكان طابو الموقوف منذ 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، يقضي عقوبة بالسجن لمدة سنة واحدة بعد الحكم الصادر في حقه في 24 من مارس (آذار) بتهمة «المساس بوحدة الوطن». وخلال المحاكمة رفض طابو المثول أمام القاضي، دون حضور هيئة دفاعه المكونة من نحو مائتي محام متطوع. وبعد رفض طلبه، أصيب بارتفاع في الضغط ونقل إلى العيادة، ولم يحضر النطق بالحكم.
من جهته، قال المحامي والقاضي السابق عبد الله هبول: «كان يفترض أن يغادر كريم طابو السجن في 26 من مارس» الماضي بعد انقضاء فترة سجنه، وفقا للحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، الذي قضى بسجنه لمدة ستة أشهر نافذة وستة مع وقف التنفيذ، لكن محكمة الاستئناف حوّلت الحكم إلى سنة نافذة.
وكان رئيس حزب «جيل جديد» جيلالي سفيان قد أعلن في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي أن الرئيس عبد المجيد تبون تعهد بالإفراج عن كريم طابو مع ناشط سياسي آخر في الحراك سمير بلعربي. وأكدت الرئاسة الجزائرية الخبر، مشيرة إلى أن «طلب الإفراج سيتم وفق القانون، ومع احترام استقلالية القضاء». ورحبت المنظمات الحقوقية بقرار القضاء الجزائري. وكتب نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، على «تويتر»: «أخيرا كريم طابو حرّ، ارتياح كبير في انتظار البقية».
فيما كتبت منظمة العفو الدولية «خبر سارّ».
وكانت المنظمة الدولية قد طلبت، عبر حملة دولية، الإفراج الفوري واللامشروط عن طابو، وعن جميع الموقوفين بسبب مشاركتهم في الحراك الاحتجاجي ضد السلطة، الذي بدأ في فبراير (شباط) 2019 ونجح في الضغط، ما دفع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي في أبريل (نيسان) 2019، لكن الحراك تواصل للمطالبة برحيل كل رموز نظام بوتفليقة، ورفض الانتخابات الرئاسية التي أنت بتبون رئيسا. قبل أن تتراجع وتيرته مع بدء تفشي فيروس «كورونا» المستجد في الجزائر. بينما تكثفت حملة اعتقالات الناشطين ومحاكماتهم خلال هذه الفترة. ويوجد في السجن حالياً نحو 70 ناشطاً مناصرا للحراك، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن الموقوفين، وهي منظمة أسسها محامون وحقوقيون لدعم نشطاء الحراك.
واعتبر المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، الذي يحضر أغلب محاكمات نشطاء الحراك، قرار الإفراج عن طابو «مرحّبا به»، بقوله: «أنا مسرور له ولعائلته. وننتظر الإفراج عن جميع الموقوفين، لأن ذلك سيكون فعلا مؤشر تهدئة» من السلطة المتهمة بقمع الناشطين في الحراك.
وبمناسبة الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال، المصادف للخامس من يوليو (تموز) أصدر الرئيس تبون أول من أمس عفواً عن ستّة سجناء، بينهم ناشطون على صلة بالحراك. وبحسب اللجنة الوطنيّة للإفراج عن المعتقلين، فإنّ ثلاثة على الأقلّ من الأشخاص الستّة المشمولين بالعفو، كانوا قد سُجنوا لصلتهم بالحراك.
كما افرج أمس عن الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي التي حُكم عليها قبل عشرة أيام بالسجن لمدة سنة، والتي أدينت بستّ تهم، منها «إهانة رئيس الجمهورية»، و«التحريض على التجمهر»، و«التحريض على كسر الحجر الصحي»، المفروض لمواجهة وباء (كوفيد - 19). و«نشر منشورات كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، من شأنها المساس بالوحدة الوطنية والأمن العام».
من جهة ثانية، أعلن الرئيس الجزائري خلال حفل عسكري بمناسبة عيد الاستقلال، أمس، أن بلاده ستسترجع رفات 24 مقاوما ضد الاستعمار الفرنسي.
وقال تبون في خطاب أمام قادة الجيش: «بعد ساعات ستحط بمطار هواري بومدين طائرات عسكرية قادمة من فرنسا، وعلى متنها رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم... واحتفالات هذه السنة بعيد الاستقلال ستكون أيضا لحظة من اللحظات الحاسمة في تاريخ الأمة، فهي تتميّز باسترجاع رفات مجموعة منْ شهداء المقاومة الشعبية الأبطال الذين تصدوا لبدايات الاحتلال الفرنسي الغاشم في الفترة ما بين 1838 و1865».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهد خلال زيارة للجزائر في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بإعادة رفات الجزائريين الموجودة في متحف الإنسان في باريس.
أويحيى يراكم 39 سنة سجناً بتهم «فساد مالي»
عقوبات ثقيلة بحق رجل أعمال كبير وأشقائه الخمسة
الخميس 02 يوليو 2020
الجزائر: بوعلام غمراسة
راكم رئيس الوزراء الجزائري السابق أحمد أويحيى عقوبة 39 سنة سجناً في قضايا فساد مالي كبيرة، تعود إلى فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وأدانته محكمة الجنح بالعاصمة أمس في قضية جديدة بـ12 سنة سجناً، تتعلق برجل أعمال كبير، وأشقائه الخمسة، تم الحكم عليه بعقوبات شديدة بالسجن.
وبالنظر لتتابع محاكمات «رجال بوتفليقة»، التي بدأت في خريف العام الماضي، يتبين أن أويحيى هو أكبر مَن تحمل وزر ممارسات الفساد. فهو الوحيد من بين كبار المسؤولين المدنيين مَن قضى سنوات طويلة في تسيير الشأن العام كرئيس للوزراء خلال ثلاث مرات، وكوزير للعدل، وكمدير لمكتب الرئيس بوتفليقة. وكان أكثر المسؤولين دفاعاً عن سياسات الرئيس السابق وعن نظام الحكم بوجه عام، في المجال الاقتصادي والمالي خاصة، وأكثرهم استعداداً لمواجهة خصوم السلطة السياسيين، بحكم أنه ترأس لمدة 20 سنة تقريباً «التجمع الوطني الديمقراطي»، حزب السلطة الثاني من حيث الأهمية، بعد «جبهة التحرير الوطني».
واللافت أن أويحيى خلال المحاكمات الثلاث، التي خضع لها، لم يُلقِ أبداً بالمسؤولية على عاتق بوتفليقة، بخلاف رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال (يراكم 24 سنة سجناً)، الذي ردد مراراً بأنه كان ينفذ توجيهات الرئيس، وبأنه «لا يعدو أن يكون واجهة للسلطة، بينما صاحب القرار الفعلي هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة».
وأكد أويحيى أمس خلال المحاكمة أن المشروعات في البنية التحتية، كالطرقات والسدود والمباني الحكومية الكبيرة، التي التهمت 800 مليار دولار في الـ20 سنة الماضية، تمت حسبه بعد مناقشة جدواها مالياً، في إطار «المجلس الوطني للاستثمار»، الجهاز الحكومي الذي يدرس المشروعات ويوافق عليها، مشيراً إلى أن «المجلس» يتكون من 11 وزيراً، لهم علاقة مباشرة بالاقتصاد والاستثمار والشؤون المالية، كما يحضر اجتماعاته ممثلون عن وزارة الدفاع.
وكانت أقسى عقوبة أنزلها القضاء بـ«صاحب المهمات القذرة» (وصف أطلقه هو على نفسه)، وهي 15 سنة سجناً في قضيتي «نشاط تركيب السيارات»، و«التمويل الخفي لحملة الخامسة للرئيس بوتفليقة»، التي أسقطها الشارع عندما انفجر في 22 من فبراير (شباط) 2019، والتي أجبرته على التنحي عن السلطة.
وقد طالب عشرات المحامين خلال جلسات محاكمة الضالعين في الفساد بمتابعة بوتفليقة، بذريعة أنه صاحب كل القرارات والإجراءات وممارسات التسيير، محل اتهامات بالفساد.
وفي القضية نفسها التي تخص أويحيى وسلال، حكم القاضي، أمس، على رجل الأعمال علي حداد، مسير أكبر شركة مقاولات عائلية في البلاد، بـ18 سنة سجناً، وعلى إخوته الخمسة بعقوبات تتراوح بين أربع وثماني سنوات سجناً مع التنفيذ، زيادة على مصادرة كل أملاك الشركة التي تفوق قيمتها أربعة مليار دولار، بحسب تقديرات قضاة اشتغلوا على هذا الملف، الذي بحث الحصول على امتيازات وصفقات بفضل صلات قوية كانت لحداد مع الرئيس بوتفليقة، وشقيقه وكبير مستشاريه السعيد (في السجن العسكري)، ومحيطه المباشر، خاصة رئيس الوزراء سابقاً أويحيى وسلال، ووزيري الأشغال العمومية سابقاً، عمر غول (في الحبس الاحتياطي منذ عام)، الذي أدانته المحكمة بـ10 سنوات سجناً، وعبد القادر قاضي بخمس سنوات سجناً، زيادة على إدانة سلال بـ12 سنة سجناً.
وكانت المحكمة العليا قد أمرت في 24 من الشهر الماضي بإيداع مصطفى رحيال، مدير الديوان لدى رئيس الوزراء سابقاً، الحبس الاحتياطي في إطار التحقيق حول فساد في قطاع المياه والسدود، الذي اشتغل فيه أميناً عاماً لوزارة الموارد المائية. وقد كان على علاقة وطيدة برجل الأعمال حداد.
ويرتقب تنظيم محاكمة وزراء سابقين قبل بداية عطلة القضاء نهاية الشهر، أهمهم عمارة بن يونس وزير التجارة سابقاً، وخليدة تومي وزيرة الثقافة سابقاً. | |
|