|
|
التاريخ: تموز ٤, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
تصنيف الإخوان «تنظيماً إرهابياً» يثير خلافاً في البرلماني التونسي |
«عاطلو» تونس يهددون بالتصعيد بعد فشل المفاوضات مع الحكومة |
تونس: المنجي السعيداني
كشفت مصادر برلمانية تونسية، عن أن أعضاء مكتب البرلمان ورؤساء الكتل البرلمانية سعوا خلال اجتماعهم أمس إلى إقناع عبير موسي، رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب الدستوري المعارض، بسحب مطلبها الذي يهدف إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، وتم تأجيل طلبها إلى اجتماع استثنائي يحضره رؤساء الكتل البرلمانية، وسط إصرارها على التقدم بهذا المطلب، حتى وإن لم يحظ بالإجماع.
وينص مشروع المطلب، أو اللائحة التي اقترحها كتلة الحزب الدستوري الحر منذ الثامن من يونيو (حزيران) الماضي، على اعتبار جماعة «الإخوان» «منظمة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، ومناهضة للدولة المدنية»، وطالبت الحكومة بإعلان هذا التصنيف بصفة رسمية، وسحبه على كل منظمة إقليمية، أو دولية، تضم بين قياداتها شخصيات «إخوانية»، واعتبار كل شخص، أو جمعية، أو حزب له ارتباطات مباشرة، أو غير مباشرة مهما كان نوعها بهذه التنظيمات، أو يدعو لتبني أدبياتها «مرتكباً لجريمة إرهابية بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب»، المصادق عليه منذ سنة 2015.
ويقضي النظام الداخلي للبرلمان التونسي بأن يتم تقديم اللائحة إلى رئاسة المجلس، التي تتولى إعلام رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة بها فوراً، ثم يجري النظر في محتواها خلال فترة لا تتجاوز الشهر من تاريخ تقديمها؛ وهو ما يعني أن آخر أجل لعرضها في جلسة برلمانية عامة هو الثامن من يوليو (تموز) الحالي. وعقد مكتب البرلمان أول من أمس (الخميس) جلسة للنظر في مجموعة من القضايا المهمة، أهمها تحديد تاريخ جلسة عامة للنظر في لائحة «كتلة الحزب الدستوري الحر»، التي تهدف إلى «تصنيف تنظيم الإخوان تنظيماً إرهابياً»، وشهدت الجلسة محاولة أخيرة لإقناع عبير موسي، رئيسة الحزب، بسحب اللائحة المثيرة للجدل، والتي تستهدف بالأساس حركة النهضة (إسلامية)، التي تتهمها أطراف سياسية معارضة لتوجهاتها بأنها امتداد لهذا التنظيم وأحد فروعه، وهو ما تنفيه قياداتها بشدة. ووفق ما تسرب من أروقة البرلمان، فإنه يرجح بقوة فشل محاولات رؤساء الكتل، وأعضاء مكتب المجلس في إقناع رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر بسحب لائحتها، بعد أن أكدت تشبثها بعرضها على الجلسة العامة، حتى وإن قاطعتها كل الكتل البرلمانية، ولم يتوفر النصاب لعقدها.
واعتبرت موسي أن الرأي العام المحلي سيسجل المواقف السياسية من خلال غياب بعض البرلمانيين عن الحضور وحجم التصويت.
على صعيد آخر، ناقش البرلمان أمس تركيبة لجنة التحقيق، التي ستنظر في ملف شبهة «تضارب المصالح»، التي اتهم فيه إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة. وعرفت هذه اللجنة جدلاً واسعاً قبل تشكيلها بسبب الطريقة التي ستعتمدها في تمثيليتها، حيث فضل مكتب البرلمان اعتماد مبدأ التمثيل النسبي، وفق تركيبة الكتل البرلمانية عند انطلاق الدورة الجديدة، في حين طالب عدد من النواب باعتماد التركيبة الحالية للمجلس، بعد أن عرفت تغييرات ظهرت من خلالها تشكيل كتل برلمانية جديدة.
ويواجه رئيس الحكومة سيناريوهات عدة محتملة، أبرزها التقدم باستقالته بعد ثبوت مخالفته القانون والدستور فيما يتعلق بشبهة تضارب المصالح، وإبرام صفقات عمومية مع الدولة لفائدة شركاته. وفي انتظار النتائج التي ستقدمها لجنة التحقيق البرلمانية، فإن فرضيات عدة أخرى لا تزال مطروحة، ومن بينها طلب تجديد الثقة في الحكومة، أو توجيه لائحة سحب الثقة منها، كما أن رئيس الحكومة قد يستقيل بدعوة من رئيس الجمهورية.
«عاطلو» تونس يهددون بالتصعيد بعد فشل المفاوضات مع الحكومة
دعوة إلى إضراب عام عن العمل 3 أيام في شركات البترول
الجمعة 03 يوليو 2020
أعلن المحتجون في ولاية تطاوين التونسية رفضهم مخرجات المجلس الوزاري، الذي أشرف على أشغاله رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ قصد إيجاد حلول لمطالب التنمية والتشغيل، وذلك بعد موجة من الاحتجاجات التي تدخلت قوات الأمن قبل أيام لفضها بالقوة.
وتخشى السلطات التونسية من تفاقم الاحتجاجات بعدد من المناطق الأخرى في حال الاستجابة الفورية لعدد من البنود التي تم توقيعها مع محتجي منطقة تطاوين (جنوبي شرق) خلال فترة حكم يوسف الشاهد.
ورفض «الاتحاد الجهوي للشغل»، (نقابة العمال)، الحلول التي عرضتها الحكومة، ودعا إلى إضراب عام عن العمل لمدة 3 أيام في الشركات البترولية الناشطة في المنطقة، وإلى التوقف الكامل عن الإنتاج في 12 يونيو (حزيران) الحالي. وحمّل بشير السعيدي، رئيس «الاتحاد الجهوي للشغل»، الحكومة المسؤولية عن كل ما سيترتب عن قراراتها من نتائج سلبية، وأهمها تصعيد الاحتجاجات، محذراً من مغبة العودة لترهيب المحتجين سلمياً، ومن اعتماد المقاربات الأمنية لمواجهتهم.
من ناحيته؛ قال ضو الغول، المنسق العام لاعتصام شبان الكامور بولاية تطاوين، إن ما عرضته الحكومة لفائدة الجهة بعد عقد المجلس الوزاري «لا يلبي طلبات المنطقة، ويتجاهل بنود الاتفاق الموقع منذ سنة 2017 لفائدة المحتجين»، وعدّ أن الحلول المقدمة لا تصل قيمتها حتى لكمية الغاز المسيل للدموع، التي تم استعمالها مؤخراً ضد المحتجين؛ على حد تعبيره.
وأوضح الغول أن أبناء الجهة يطالبون بتقييم ميداني لواقع التنمية بالجهة، وإشراكهم في اتخاذ القرارات، معلناً العودة إلى الاحتجاجات، رداً على «القرارات الارتجالية التي اتخذتها الحكومة». وأكد في المقابل أن المحتجين ما زالوا يطالبون الحكومة بتوفير نحو ألف فرصة عمل في الشركات البترولية، وتخصيص مبلغ 80 مليون دينار تونسي للتنمية، وتشغيل 3 آلاف شاب في شركات البستنة والغراسات.
وعرضت الحكومة الحالية على المعطلين بالجهة حزمة جديدة من الحلول، تتمثل في توظيف 500 شاب قبل نهاية السنة الحالية، ورفع العراقيل أمام صندوق التنمية الحكومي، والانطلاق الفوري في تنفيذ نحو 60 مشروعاً، علاوة على توفير اعتمادات مالية إضافية بنحو 1.2 مليون دينار تونسي لفائدة جمعيات القروض الصغرى في الولاية.
وكانت الحكومة قد وقعت مع المحتجين، بوساطة من «اتحاد الشغل»، في سنة 2017، اتفاقاً يقضي بتوظيف 1500 عاطل في شركات بترولية، و3000 آخرين في شركات حكومية بين عامي 2017 و2019، مع تخصيص 80 مليون دينار (28 مليون دولار) لتمويل مشروعات للتنمية في الولاية، وهو ما عجزت الحكومات اللاحقة عن تنفيذه.
ويطالب العاطلون، الذين دخلوا في مواجهات مع قوات الأمن في تطاوين، بتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، وأهمها توظيف 1500 في شركات بترولية، و500 آخرين في شركات حكومية، وتقديم المبالغ المخصصة للتنمية.
على صعيد متصل، أعلن «اتحاد الشغل» عن فشل مفاوضاته مع الحكومة حول تسوية وضعية «عمال الحضائر» بعد اقتراحها تسوية جزئية للملف، فيما تمسك الطرف النقابي بتسوية كل الوضعيات دفعة واحدة وغلق الملف برمته.
وطالب اتحاد العمال بتوظيف نحو 44 ألف «عامل حضائر» في القطاع العام، فيما عرضت الحكومة تسوية وضعية 16 ألفاً و700 عامل ممن تتوفر فيهم شروط الانتداب، من أهمها ألا يزيد عمر العامل عن 45 سنة، مع تمتيع من تتراوح أعمارهم بين 55 و60 سنة بالعلاج المجاني، وتقديم منح للعائلات الفقيرة. علاوة على تمتع المغادر للعمل بنصف الأجور التي كان سيتقاضاها إلى حدود الستين عاماً.
وبنت نقابة العمال رفضها على محضر اتفاق مع حكومة يوسف الشاهد، يعود إلى سنة 2018. كما تم الاتفاق مجدداً في 22 يونيو (حزيران) الماضي على تسوية وضعية 19 ألف عامل، مع إمكانية التمتع بمبلغ 20 ألف دينار تونسي عند المغادرة التلقائية، وهو ما شكل نقطة خلاف بين الطرفين الحكومي والنقابي.
اتهام الفخفاخ بـ«التحايل» يجبر الرئيس على التدخل
تساؤلات متزايدة لمعرفة ما إذا كان سعيد سيطالبه بالاستقالة
الخميس 02 يوليو 2020
بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد سلسلة لقاءات مع عدد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الأساسيين في البلاد؛ هدفها مناقشة الأزمة السياسية، التي بدأت تستفحل سريعاً بسبب الاتهامات الموجهة لإلياس الفخفاخ رئيس الحكومة بالتحايل على القانون لجني مكاسب شخصية، وأيضاً بسبب الخلافات المتفاقمة بين ممثلي الكتل البرلمانية والحكومة والمنظمات النقابية.
في هذا السياق، استقبل الرئيس سعيد، أمس، نور الدين الطبوبي، الأمين العام لـ«اتحاد الشغل (نقابة العمال)»، وتمحور اللقاء حول المناخ السياسي خلال الفترة الحالية، وإمكانية إجراء لقاءات حوارية بهدف خفض منسوب العنف في خطاب بعض السياسيين.
في السياق ذاته، استقبل إلياس الفخفاخ بقصر الحكومة، أمس، الأمين العام لـ«الاتحاد العام للشغل». وخلال اللقاء، شدد رئيس الحكومة على أهمية تواصل الحوار الهادف إلى «تنقية المناخ الاجتماعي، وتجاوز الإشكاليات العالقة، وإيجاد حلول لمختلف الملفات المطروحة في إطار اجتماعي وسياسي مستقر، يساعد على إيجاد الحلول، ويمكن من تجسيم البرامج الاجتماعية للحكومة وتنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادي».
من جهته، أوضح الطبوبي أن اللقاء ناقش الوضع الاجتماعي العام في تونس، والمرحلة الصعبة التي تمر بها مؤسسات الدولة، مؤكداً ضرورة تجاوز الخلافات، وتباين وجهات النظر السياسية، وتداعياتها السلبية، التي لا تخدم المصلحة الاجتماعية والاقتصادية، على حد تعبيره.
وكان الطبوبي قد هدد، يوم الأحد الماضي، خلال اجتماع نقابي بمدينة صفاقس (وسط شرقي) بالزحف على البرلمان لـ«تخليصه من الأطراف التي تهدد مدنية الدولة»، مشيراً إلى أن المرحلة التي تمر بها تونس «دقيقة وصعبة في ظل حكومة مرتبكة، وانتظارات اجتماعية كبيرة».
وتفاعلاً مع الأوضاع السياسية والاجتماعية المتأزمة، دعت أطراف سياسية ومنظمات اجتماعية عدة الرئيس قيس سعيد إلى التدخل، وعرض موقفه مما يحصل، وتساءلت في الوقت ذاته عن حدود الدور الممكن لرئيس الجمهورية في نزع فتيل الأزمة السياسية والبرلمانية، خصوصاً بعد استفحال الخلاف بين الحكومة و«اتحاد الشغل»، بالنظر إلى أن سعيد هو من كلف رئيس الحكومة إلياس، المتهم باستغلال منصبه لجني منافع مادية.
ومن هذا المنطلق، تطرح تساؤلات متزايدة داخل المشهد السياسي التونسي؛ من بينها حدود مواصلة دعم الرئيس لإلياس الفخفاخ، وما إذا كان مضطراً لانتظار نتيجة التحقيق الإداري الذي وعد به محمد عبو، وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في منتصف يوليو (تموز) الحالي، لمعرفة مدى تورط الفخفاخ في التهم الموجهة إليه، أم يستبق نتيجة التقرير بالاعتماد على موقف شوقي الطبيب، رئيس هيئة مكافحة الفساد، الذي أكد أن الفخفاخ خالف القانون والدستور، وما إذا كان سيطالب في هذه الحالة الفخفاخ بالاستقالة؟
وفي قراءة للمشهد السياسي، يرجح عدد من المراقبين أن يكون ملف رئيس الحكومة ومستقبله السياسي ومصير حكومته، التي شكلها نهاية فبراير (شباط) الماضي، على طاولة رئيس الجمهورية، وأنه قد يكون مضطراً للتعامل معه بسرعة فائقة، في ظل الضعف الذي ظهر على الائتلاف الحاكم بسبب كثرة الاتهامات، وحتى لا يفاجأ بتطورات الأحداث ويجد نفسه خارج خط الأزمة.
وكان النائب البرلماني، الصافي سعيد، قد دعا الرئيس في رسالة وجهها إليه إلى أن يكون «شجاعاً ويسحب ثقته من إلياس الفخفاخ». وفي هذا الشأن، أكد زياد كريشان، المحلل السياسي التونسي، أن رئيس الجمهورية مدعو للترجيح بين أمرين أساسيين؛ أولهما تكلفة تشكيل حكومة جديدة، والبحث عن شخصية قادرة وقابلة للقيام بالمهمة الصعبة. أما الأمر الثاني فيتمثل في اندلاع أزمة مؤسساتية ممكنة ومكلفة، وهو ما قد ينذر بتأزم مزداد للوضع العام في تونس. |
|