|
|
التاريخ: حزيران ٢٢, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
«جبهة العدالة والتنمية» الجزائرية تعتبر تعديل الدستور «هدماً للإسلام» |
الأمن يشن أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع «الحراك» |
الجزائر: بوعلام غمراسة
دعا الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية في الجزائر، إلى رفض التعديل الدستوري الذي طرحته السلطة للنقاش منذ 7 مايو (أيار) الماضي، بحجة أنه «مشروع يهدم الإسلام لأن واضعيه لهم إرادة لعلمنة المجتمع وإفساده وإضعافه». كان رئيس «لجنة صياغة الدستور»، رجل القانون أحمد لعرابة، صرح بأن «قضية الدستور، تعني إذ بالإمكان أن تكون جزائرياً، دون أن تكون عربياً ولا أمازيغياً ولا مسلماً».
يشار إلى أن «العدالة»، هو ثاني حزب إسلامي يرفض التعديل الدستوري، وللسبب نفسه، أي ما تعلق بقضايا الهوية والإسلام، بعد «حركة مجتمع السلم».
وأصدر جاب الله بياناً أمس على أثر اجتماع لكوادر حزبه بحث مسودة التعديل الدستوري، وهاجم فيه «المرجعية الفكرية التي تأسست عليها هذه المسودة، وهي المرجعية القانونية والفكرية الغربية عامة، والفرنسية خصوصاً، التي تتناقض مع مرجعيات الشعب الجزائري المسلم، وكلها مصادر لا علاقة لها بتاريخنا تحمل في طياتها الضلال العقدي والفساد التصوري والسلوكي، والقصور عن تحقيق المصالح ورعاية الحقوق والحريات». وكان محمد لعقاب، المستشار بالرئاسة، قد ذكر في وقت سابق أن مسودة مراجعة الدستور كتبت بالفرنسية، ثم ترجمت للعربية، ما زاد من حفيظة التيار الإسلامي والمحافظين في البلاد.
ويرى جاب الله، الذي يعد من قدامى قادة التيار الإسلامي المعارض، أن مشروع الدستور «فيه إرادة واضحة من أجل هدم الإسلام، ومحاربة الإصلاح، وإشاعة المنكر والفساد، وتجريد المجتمع من الأخلاق والفضائل والقيم، وترك ذلك للأفراد، لأن الدولة عند أصحاب المشروع لا تعنى بالصلاح والإصلاح، وإنما تعنى بالواقع، وتقنينه، وهو مسلك غاية في السوء، وهذا ما عبر عنه صراحة رئيس اللجنة بقوله: نتطلع إلى دستور مواطنين وليس دستور مؤمنين».
ومن أهم ما تتضمنه وثيقة الدستور، استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، وتغيير «الوزير الأول» برئيس حكومة يعينه رئيس الجمهورية، ولا ينبثق من الأغلبية البرلمانية. كما يقترح استبدال «محكمة دستورية» بـ«المجلس الدستوري». ولقيت المبادرة تأييداً من الأحزاب الموالية للسلطة، فيما رفضتها المعارضة. ويرتقب أن تحال الوثيقة إلى البرلمان للتصويت عليها، وبعدها تعرض على الاستفتاء قبل نهاية العام.
واحتج جاب الله على «الآليات المعتمدة في إعداد المشروع الذي وضع في قبضة نخب علمانية، وذلك بإرسال المسودة إلى قرابة ألفي جهة بين أحزاب وجمعيات ومنظمات وشخصيات، مع إعطاء اللجنة حقّ الفصل في تلك الردود، ما يجعل من هذه العملية استشارية متعارضة مع ما يقتضيه واجب خدمة الصالح العام من شورى ملزمة تكون بين أصحاب الاختصاص، ومسلك تمييعي، بهدف فرض مشروعهم الذي يتعارض مع مرجعيات الأمة، ويهدد لغتها ووحدتها وسيادتها وأخلاقها، ويقضي على طموحاتها المشروعة بالاستناد إلى المنطق العددي».
وأثارت المسودة جدلاً بخصوص المادة 2 من الدستور، التي تنص على أن «الإسلام دين الدولة»، فقد دعا ناشطون سياسيون إلى تعديلها بحجة أنها «تقصي جزائريين ممن يدينون بعقائد أخرى غير الإسلام». ويوجد في البلاد أقلية مسيحية بروتستانتية، غالبية أفرادها أجانب، بالإضافة إلى بعض الجزائريين. كما احتدم خلاف حاد داخل المجتمع، بين مؤيد ورافض للإبقاء على المادة التي تعتبر الأمازيغية لغة وطنية ورسمية مثل اللغة العربية. وقفز إلى ساحة النقاش من جديد قضية الفرنسية كلغة تداول في مؤسسات الدولة وفي خطاب المسؤولين الحكوميين.
ودعت «جبهة العدالة والتنمية» إلى حل اللجنة التي أعدَت الدستور، والتي تضم 15 خبيراً دستورياً، واستبدالها بلجنة متوازنة من ذوي الكفاءات المتخصصة تضع للشعب مشروع دستور جديد يتأسس على احترام مرجعيات الشعب، ويقوى على تحقيق أهداف ثورتي نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 التي حققت الاستقلال، و22 فبراير (شباط) 2019 (الانتفاضة الشعبية التي دفعت الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة)، وتضع الجزائريين في الطريق الصحيح لبناء مؤسسات شرعية، تكون أهلاً لتحقيق طموحات هذا الشعب في العدل والمساواة والحرية والتقدم.
الأمن يشن أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع «الحراك»
انتقادات لقائد الجيش بسبب خوضه في تعديل الدستور
الأحد 21 يونيو 2020
قال ناشطون بالحراك الشعبي الجزائري، إن قوات الأمن اعتقلت 500 شخص أول من أمس، خلال مظاهرات بعدة مناطق، وأنه سيتم عرض 33 منهم على النيابة اليوم. وفي غضون ذلك، احتج حزب معارض على تدخل قائد أركان الجيش بالنيابة، اللواء سعيد شنقريحة، في الجدل حول مسودة تعديل الدستور.
وأكد أعضاء بـ«اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات الأمن نفذت أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع المظاهرات في 22 من فبراير (شباط) 2019، والتي تم تعليقها منذ ثلاثة أشهر بسبب جائحة «كورونا». وتمت غالبية الاعتقالات - حسب سعيد صالحي، قيادي «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» - في 23 ولاية (من 48 ولاية).
وأفادت مصادر من جهاز الشرطة بأن ولاية تيزي وزو، كبرى مناطق القبائل وتقع شرقي العاصمة، شهدت أكبر عدد من الاعتقالات. وأكدت المصادر نفسها أنه تم إطلاق سراح عديد من المعتقلين في اليوم نفسه، غالبيتهم شباب تقل أعمارهم عن 18 سنة، ونساء.
وخرج عدد كبير من الأشخاص في كثير من مناطق البلاد في مظاهرات، أول من أمس، وفي وقت واحد، استجابة لدعوات في شبكة التواصل الاجتماعي لاستئناف الحراك الشعبي. وعلى عكس منطقة القبائل التي عاشت احتجاجات تخللتها مواجهات مع قوات الأمن، ظل الوضع هادئاً بالعاصمة.
ويرجح أن المتظاهرين الذين سيتم تقديمهم لوكلاء النيابة اليوم، ستوجه لهم تهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«التجمهر في أماكن عامة دون رخصة»، و«الإساءة لمسؤولين حكوميين».
من جهة أخرى، ستستجوب النيابة اليوم الناشطة السياسية المعارضة الطبيبة أميرة بوراوي، التي اعتقلها الدرك الأربعاء الماضي. وذكر محامون زاروها في مكان احتجازها بمقر الدرك، جنوبي العاصمة، أن سبب اعتقالها منشورات لها بحسابها في «فيسبوك»، عُدت مسيئة بحق الرئيس عبد المجيد تبون ومسؤولين بالدولة.
وأظهرت السلطات من خلال هذه الاعتقالات رفضاً حاداً لعودة الحراك. وكان الرئيس تبون قد صرح بأنه بحاجة إلى وقت لتلبية مطالب المتظاهرين التي طرحوها خلال عام من الاحتجاج في الشارع؛ لكن بدا أن قطاعاً واسعاً منهم غير مقتنع بأنه قادر على محو آثار التسيير لشؤون البلاد، في فترة 20 سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة؛ خصوصاً في مجال الحريات.
إلى ذلك، هاجم حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض، في بيان أمس، أصدره عقب اجتماع قيادته، خوض رئيس أركان الجيش بالنيابة، سعيد شنقريحة، في وثيقة تعديل الدستور، المطروحة للنقاش منذ السابع من مايو (أيار) الماضي.
وجاء في البيان أن «رفض هيئة الأركان العامة النأي بنفسها عن اللعبة السياسية التي تهيمن عليها الأجنحة المتصارعة في النظام، يعرِّض مؤسسة الجيش لكل أنواع الانحرافات. وفي دولة القانون تبقى جميع القرارات، بما فيها قرار اللجوء إلى استخدام القوة، من اختصاص القادة المنتخبين ديمقراطياً، أي المسؤولين أمام الشعب»، في إشارة إلى حادثة قتل شاب متظاهر بأقصى جنوب البلاد على يد عسكري أطلق عليه النار. وكانت وزارة الدفاع قد نفت مسؤولية الجيش في هذه القضية التي جرت أطوارها الأسبوع الماضي، في بلدة حدودية مع مالي.
وكان اللواء شنقريحة قد ذكر خلال زيارة لمنطقة عسكرية أن «إعداد مسودة الدستور من طرف مختصين في القانون الدستوري، وفي وقت قياسي أيضاً، كان من أهم الورشات التي أطلقها الرئيس تبون منذ انتخابه رئيساً للجمهورية». وشدد على «أهمية وضع دستور جديد لإعادة تنظيم الحياة السياسية في البلاد، لتتلاءم مع متطلبات ومستجدات المرحلة الجديدة».
ورسمياً، تقول قيادة الجيش إنها انسحبت من السياسة منذ أكثر من 30 سنة، على خلفية توجه البلاد نحو التعددية؛ غير أن ممارسة الحكم أثبتت أنها كانت وراء كل الخيارات السياسية في السنوات الأخيرة، وخصوصاً اختيار رئيس البلاد.
مطالبات بأحكام «ثقيلة» ضد رموز بوتفليقة
السبت 20 يونيو 2020
ينتظر أن تصدر محكمة الجنح بالعاصمة الجزائرية، غداً الأحد، أحكاماً بحق مسؤولين حكوميين بارزين خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في قضية تخص امتيازات مادية أعطيت لرجل الأعمال مراد عولمي، المستثمر في مجال تركيب السيارات، ومالك شركة عائلية لتسويق علامة ألمانية للسيارات.
وكانت النيابة قد التمست مساء الخميس الماضي مطالبة بـ 15 سنة سجناً لرئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، و20 سنة سجناً غيابياً ضد وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، المقيم بالخارج، و12 سنة سجناً ضد وزير الصناعة وسفير الجزائر بالأمم المتحدة سابقاً، يوسف يوسفي. كما طلب ممثل النيابة 15 سنة سجناً بحق رجل الأعمال عولمي، و20 سنة سجناً غيابياً ضد زوجته الموجودة بالخارج، و12 سنة سجناً ضد شقيقه خيدر. وفي فبراير (شباط) الماضي، دانت محكمة الاستئناف أويحيى وبوشوارب ويوسفي، وعدة مسؤولين آخرين، بأحكام ثقيلة في قضية فساد.
من جهة ثانية، بدت شوارع العاصمة الجزائرية ومدن البلاد الكبيرة، أمس، خالية من المتظاهرين، رغم الدعوات المجهولة في شبكة التواصل الاجتماعي إلى عودة الحراك أمس الجمعة، وذلك في خضم جدل وسط نشطاء الحراك بين إنهاء تعليق المظاهرات، وتأييد استمرارها. وشوهد رجال أمن بالزي الرسمي، وآخرون بلباس مدني في شوارع وسط العاصمة، وهي فضاءات احتضنت على مدار أكثر من عام انتفاضة شعبية ضد النظام. وظل عناصر الأمن يراقبون حركة الأشخاص، وبدا عليهم استعداد لمنع أي تجمع، على أثر معلومات جمعتها السلطات بخصوص احتمال استئناف احتجاجات الحراك الشعبي التي توقفت في مارس (آذار) الماضي، بقرار من المتظاهرين بعد تفشي فيروس «كورونا».
وشهدت أوساط المتظاهرين انقساماً حاداً حول «قضية عودة الحراك». فقطاع منهم دفع بحماسة إلى استئناف المظاهرات كطريقة لاستعراض القوة في وجه الحكومة، ومحاولة ثنيها عن مواصلة حملة الاعتقالات التي نفذتها ضد العشرات منهم خلال «فترة الهدنة»؛ بينما رأى قطاع آخر في احتلال الشارع من جديد «مخاطرة وفرصة ستستغلها السلطة لاتهام المتظاهرين بأنهم لا يكترثون لصحة المواطنين وسلامتهم»؛ خصوصاً أن حالات الإصابة بالفيروس وعدد الوفيات في ارتفاع مستمر.
ونشر محامو الناشط السجين سمير بلعربي، أحد أبرز وجوه الحراك، رسالة له ينصح فيها بالتخلي عن فكرة عودة الحراك في الظروف الحالية. وذكر في الرسالة الموجهة لرفاقه أن الحراك «تميز بميزتين منذ بدايته: بعده الوطني بعد أن عم كل أرجاء البلاد، وطابعه السلمي الذي أبهر العالم. وبهذين الميزتين استمر الحراك لأكثر من سنة، قوة وتنظيماً ومطالب». وقال بلعربي، المتابع قضائياً بسبب المشاركة في مظاهرة، إن «الحكمة تقتضي منا جميعاً مزيداً من الحيطة والحذر، ومزيداً من الوقاية، حفاظاً على أرواح الجزائريين. إننا نرى اليوم أن تأجيل العودة للمظاهرات هو عين الصواب، حتى يرفع الله هنا هذا الوباء، ويستعيد المواطن صحته وقوته لمواصلة نضاله السلمي، لتحقيق كل مطالبه المشروعة».
كما أصدر التنظيم الشبابي «تجمع - عمل - شبيبة» الذي سُجن كل قياداته، بياناً أمس اعترض فيه على عودة الحراك حالياً، ودعا إلى «الاشتغال على التعبئة الشاملة حفاظاً على الديناميكية الشعبية التي فجرت المظاهرات في 22 من فبراير 2019، مع ضرورة اليقظة للحؤول دون تفجير الحراك وتقسيمه». |
|