التاريخ: حزيران ١٥, ٢٠٢٠
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تحسن غامض في قيمة الليرة السورية قبيل دخول «قيصر» حيّز التنفيذ
ماهر الأسد لم يرضخ لضغوط روسية بسحب حواجز الفرقة الرابعة
دمشق: «الشرق الأوسط»
بعد أيام على تصريح مدير العمليات المصرفية في مصرف سوريا المركزي، فؤاد علي، بأنه تم «ضرب معاقل السوق السوداء، والأشخاص وشركات الحوالة التي تلاعبت بسعر الصرف وخالفت أنظمة القطع». بدأ سعر صرف الدولار الأميركي ينخفض بسرعة توازي تقريباً السرعة التي صعد بها، وبعد أن بلغ ذروته متجاوزاً عتبة الـ3500 ليرة سورية.

ورجحت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون النظام قد لجأ إلى شن حملة مشددة لملاحقة المتعاملين بالدولار، لتخفيف الضغط الروسي الذي يطالبه بلجم الفساد والحدّ من الهدر في مواجهة تداعيات قانون «قيصر». وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد كشف عن أن روسيا أعطت أوامرها بسحب جميع حواجز «الفرقة الرابعة» المنتشرة على كامل مناطق سيطرة النظام. غير أن ماهر الأسد شقيق الرئيس وقائد «الفرقة الرابعة» في «الحرس الجمهوري»، رفض الأوامر رفضاً قاطعاً، ولم يتم سحب الحواجز حتى اللحظة.

وتحولت حواجز الفرقة الرابعة، خلال الحرب، إلى مراكز لفرض الإتاوات على شاحنات البضائع القادمة إلى البلاد عبر الموانئ والحدود البرية، الشرعية منها وغير الشرعية. وتسيطر الفرقة الرابعة على عمل الجمارك العامة وتتقاسم معها جباية الأموال من المستوردين وعصابات التهريب. وهي مبالغ تضاف على قيمة البضائع التي تختلف أسعارها بين منطقة وأخرى بحسب عدد الحواجز التي اجتازتها.

وفي سياق لجم التهريب لدعم الاقتصاد المتهاوي، كان رئيس الوزراء السوري عماد خميس، قد أقر قبيل إقالته من منصبه بساعات قليلة، إجراءات جديدة لضبط الحدود تتضمن في المرحلة الأولى «التشدد بضبط المعابر والمناطق الحدودية لمنع دخول المهربات»، والمرحلة الثانية «التشدد بمحاربة التهريب على الطرق الدولية ومداخل المدن الرئيسة». وطالب الوزارات المعنية بتبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير ومنح إجازات الاستيراد وتوسيع قائمة المستوردات، بهدف تأمين المستلزمات الأساسية وإعداد قائمة بالمواد الأكثر تهريباً من وإلى سوريا، في دراسة لقائمة المواد الأولية اللازمة للإنتاج التي يتم إدخالها بشكل غير شرعي ليتم اتخاذ القرارات التي تضمن استيرادها بطرق نظامية. كما تضمنت الإجراءات إلغاء حصرية تنظيم بيان التصدير في أمانة جمارك حدودية، وإلغاء حصر التصدير إلى بلد معين عبر معبر واحد. ولا يعلم بعد عما إذا كان رئيس الحكومة الجديد حسين عرنوس سيعمل على تطبيق هذه الإجراءات التي ستصطدم بنشاط الفرقة الرابعة المتحكم بمفاصل اقتصاد الظل في سوريا. كما سبق واصطدمت إجراءات التقشف الحكومية بنشاط رجال أعمال داعمين للنظام، حيث كان لافتاً تصريح وزير الصناعة السوري محمد معن زين العابدين جذبة، الأخير، بأنّ صناعة تجميع السيارات كانت تستنزف من الخزينة مبلغ 80 مليون دولار شهرياً (...)، وإنّ دعم هذه الصناعات لم يقدم أي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

المعارض السوري أيمن عبد النور في تعقيبه على تصريح وزير الصناعة، قدر حجم الخسائر منذ 2017 لدى صدور الترخيص لثمان شركات بتصنيع السيارات، بنحو 3 مليارات دولار خلال 3 سنوات من العمل، خمسة منها فقط عملت، وتعود لرجال أعمال سوريين معروفين، يضاف إليها بحسب، عبد النور، الخسائر المترتبة على إعفاء قطع السيارات الداخلة في الإنتاج، من الجمارك، وفق مرسوم رئاسي صدر دون العودة إلى مجلس الشعب بداية عام 2017.

مدير العمليات المصرفية فؤاد علي الذي تعهد «بمزيد من التحسن في سعر الصرف خلال الأيام المقبلة»، لم يوضح السياسة أو الطريقة التي سيعتمدها المصرف لتحقيق ذلك. كما لم يوضح رسمياً أسباب الانهيار المخيف الذي طرأ على قيمة الليرة خلال أيام قليلة الأسبوع الماضي، سوى «تحميل المسؤولية للمضاربين والمتلاعبين في سوق الصرف ومن خلفهم القوى العالمية التي تفرض عقوبات اقتصادية على سوريا».

من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن النظام استخدم «قبضته الأمنية» في تحسين قيمة الليرة السورية، فقد شن «حملة كبيرة على الصرافين الذين يعملون ضمن السوق السوداء، وصادر كميات ضخمة من العملات الأجنبية، مما أثر إيجابياً على قيمة الليرة السورية.

هذا وقد سجلت الليرة السورية، أمس الأحد، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال البلاد سعر 2150 للشراء و2250 للبيع أمام الدولار، وفي مناطق سيطرة النظام، سجلت الليرة السورية سعر 2075 للشراء و2150 للبيع أمام الدولار. وكانت تقارير إعلامية قد ربطت بين تراجع سعر صرف الدولار في سوريا وارتفاعه في لبنان، وسط اتهامات بتهريب الدولار من لبنان إلى سوريا، حيث وصل سعر صرف الدولار الأميركي في لبنان ليل الخميس الماضي، إلى نحو 5 آلاف ليرة لبنانية. وأشارت تقارير إلى أن «حزب الله» يسيطر على سوق الصرف في المناطق الحدودية مع سوريا (شتورا وعنجر ورياق وبعلبك)، وأن هناك من قام بشراء كميات من الدولار تفوق حجم السيولة المتوفر لدى الصرافين، ولفتت التقارير إلى أن تهريب الدولار إلى سوريا يتم عبر طرق غير شرعية. ولمح إلى ذلك زعيم (القوات اللبنانية) سمير جعجع، عبر تغريدة له في (تويتر) قال فيها: «لجم تدهور سعر صرف الليرة لا يكون بخسارة مزيد من الدولارات من المصرف المركزي، والتي أغلب الظن ستذهب إلى سوريا».

تجدد المظاهرات المعارضة للنظام السوري في السويداء
وجهاء دروز يدعون إلى «بتر رعونة» بعض الشباب... وقادة الحراك يتعهدون «السير على حد السيف»

الأحد 14 يونيو 2020 
السويداء - دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»

تجددت أمس التظاهرات المعارضة للنظام السوري في مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، جنوب البلاد، بعد توقف لمدة يومين تخللته تظاهرات مؤيدة للنظام في السويداء وفي دمشق، وقرار الرئيس بشار الأسد إقالة رئيس الوزراء عماد خميس وتكليفه حسين عرنوس، وزير المياه، لرئاسة الحكومة إلى حين إجراء انتخابات برلمانية في 19 الشهر المقبل. وكان لافتا أن هتافات أمس، كانت مشابهة لما نادى به متظاهرون في درعا المجاورة قبل تسع سنوات.

وأفادت شبكة «السويداء 24» أمس بـ«تجدد الاحتجاجات للمطالبة بالتغيير السياسي، ورحيل الرئيس السوري، الذي يراه المحتجون بداية الحلول، لجميع الأزمات التي تعيشها البلاد، اقتصادياً وأمنياً وسياسياً». وأضافت أن المتظاهرين انتقلوا إلى الشارع المحوري ثم دوار المشنقة، قبل أن يصلوا إلى ساحة المحافظة.

وهتف متظاهرون، بحسب فيديو وزعته «السويداء 24»، شعارات تتضمن المطالبة بإطلاق المعتقلينَ والتغيير السياسي، كان بينها: «الشعب يريد إسقاط النظام» و «سوريا لنا وليست لآل الأسد» و «الجيش لنا وليس لآل الأسد» و«الشعب يريد إسقاط النظام».

- بتر الرعونة
جاءت هذه التظاهرات بعد بيان من رؤساء الطائفة الدرزية، جاء فيه: «يطيب لنا في الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين أن نتكلم بأشجان شعبنا التي تكررت البيانات حول بعضها، وربما كانت هناك آذان صاغية وأياد فاعلة صححت المسير، وعادت إلى نهج الضمير، وربما نظر البعض إلى الكلام أنه لا ينفع، فنأى بنفسه عن التوجيهات السديدة». وأضاف: «نفخر بشعبنا، بروحه العالية، بوفائه وشجاعته وكرمه بكل شيء، شعبنا كريم حتى بطول صبره وجلده على مرارة الظروف، يستحق التقدير ورفع آيات الاحترام، فكلما رفعنا سلاما لجيشنا الباسل المغوار المقاتل الشجاع، نرفع مثله لشعب يستحق الحماية والثناء، شعب كهذا يستحق حكومة تذود عن حماه، تخفف عنه الأسى، تردع سارقيه وتسن من القوانينَ ما يخدمه لا ما يستنزفه وينهبه».
وتابع البيان أن الشعب السوري «يستحق العطاء لا الانتقاص، تتوجب حمايته من الداخل قبل الخارج، لا أن يكون العدوان الخارجي ستارا للبعض لسلب حقوق الجماهير، وألا يكون الحصار الاقتصادي الجائر ستارا وقميصا يرتديه العابثون». وتساءل البيان: «أين هي الحكومة من حماية شعبها من تدني قيمة العملة وإفلاس الشعب ماديا ومعنويا؟».

لكن البيان قال: «ما نشهده منذ مدة عن خروج بعض الأبناء عن طاعة أهلهم لأنهم وجدوا من يرعاهم بالسوء، وهي تصرفات فردية رعناء معيبة، يجب بترها بكل السبل، لأن هذه العيوب التي يمارسها بعض السيئين بعيدة كل البعد عن عادات وطباع وتربيه الأهل والأجداد، وغريبة عن تربية وأصالة التوحيد، ونحن بريئون من هؤلاء المارقين ومن رعونتهم، ونهيب بالمعنيينَ جميعا ألا يشكلوا غطاء ولا حماية ولا تشجيعا لهؤلاء. إن ابتعدت الجهات المختصة عن أخذ دورها، فلن تبتعد الأخلاق والأصول الدينية والاجتماعية».

- حد السيف
في المقابل، رد «شباب الحراك السلمي» على البيان بالقول: «حضرات المشايخ الأجلاء: نعرف أننا وضعناكم في موقف حرج، نعرف أنكم تمشون على حد السيف، بين مطرقة ضغوط قوى الأمر الواقع وسندان الوقوف بوجه أبنائكم. لقد عشتم سنينَ طويلة بخياراتكم، وأفكاركم، التي نهلنا منها وقبلناها واحترمناها وما نزال، لن نعلوا عليكم، وسنقبل منكم كعادتنا، إلا شيئا واحدا، أن تمنعونا من حقنا أن يكون لنا خيار هذه المرّة»، مضيفين «اتخذنا قرارنا، ولا نطلب منكم أن تناصروه، لكن نستحلفكم بدماء أحبتكم، وغربة أبناء وطننا، وكتبكم المقدسة أن لا تطعنوه، هذا زمان آخر ومكان آخر. هذا زماننا ومكاننا وقد طال القهر، لا تقفوا مع الظالم وتناصروه وتنصروه علينَا وأنتم أهل الحق، قولوا أننا أبناؤكم أبناء هذا البلد، وأنه يحق لنا أن نخوض تجربة غير مكرورة».

وحض الشباب وجهاء الطائفة على حمايتهم، قائلينَ: «سيسجل التاريخ لكم هذا الموقف أنكم حميتم حرية شبابكم، وحقوقهم المشروعة دستوريا وقانونيا وإنسانيا قبل كل شيء نحن لم ولن نعتدي على أحد، ونطلب منكم أن لا تسمحوا لمعتدٍ أن يستخدمكم حجة لهدر دمنا، تعلمون جيداً أننا عندما خرجنا بمطالب معيشية منذ أشهر تم تخويننا، وكثرت الاستدعاءات الأمنية، ولم تكن شعاراتنا مثل اليوم، هم لا يريدون حجة ليقفوا في وجه الحق»، مشيرين إلى «إنهم يريدون جيلاً يرى أرضه ومنشآته العامة تباع، ومقدرات وطنه تنهب ومصيره يرمى للمجهول، ومع ذلك يصمت! أنتم ونحن نعلم أن أبناءهم لا يعانون معاناتنا، ولا يخافون على مستقبلهم، في حين يطلبون من الناس أن تصمد، أليس هذا دليلاً كافياً أنهم يستخدمون الوطن وثرواته وشعبه من أجل راحت أبنائهم».

واتخذت السويداء منذ 2011 موقفا محايدا من الثورة ضد النظام، لكن شبابها رفضوا المشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب قوات النظام. وكان لافتا أن بعض هتافات السويداء أمس، كانت مشابهة لهتافات أهالي درعا المجاورة قبل تسع سنوات.
وقال بيان «شباب الحراك السلمي» أمس: «لن ننساق لأخطاء الماضي، وسنمشي كذلك على حد السيف وسنرتب أوراقنا بما يرضي الوطن والديمقراطية والمدنية والحق، تدفعنا كرامتنا للصراخ، وحريتنا لعدم الاختباء خلف أصبعنا». وخاطب وجهاء الطائفة: «أنتم بكل تأكيد لستم أعداء حرية ولستم أعداء كرامة، لذلك نحتاج دعاءكم، وعدم نصرة الظالم علينَا، لأننا نعرف أنكم تعرفون أين الحق وكلنا ثقة أن الحق غالب وغلاّب وأنتم أهله».

تأجيل المحادثات الروسية - التركية حول ليبيا وسوريا
الأحد 14 يونيو 2020 
أنقرة: «الشرق الأوسط أونلاين»

أجّلت روسيا وتركيا محادثات وزارية كان من المتوقع أن تركز على ملفي ليبيا وسوريا، حيث يساند البلدان أطرافاً مختلفة في صراعين طال أمدهما.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن الوزير مولود غاويش أوغلو، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، قررا تأجيل المحادثات خلال مكالمة هاتفية أمس (الأحد).

وأضافت الوزارة في بيان: «نائبا وزيري البلدين سيستمران في التواصل والمحادثات في الفترة المقبلة. المحادثات على المستوى الوزاري ستنعقد في موعد لاحق».

وكان من المقرر أن يزور لافروف ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إسطنبول لعقد تلك المحادثات. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن المناقشات ستنعقد في موعد اجتماع الوزراء.

وقالت الأمم المتحدة قبل أيام إن محادثات جديدة لوقف إطلاق النار بدأت بين الأطراف المتحاربة في ليبيا. وتساند أنقرة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً والتي تمكنت قواتها في الأسابيع الماضية من صد هجوم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على العاصمة طرابلس.

وفي سوريا، تدعم روسيا الرئيس بشار الأسد والقوات المتحالفة معه بينما تساند تركيا مقاتلين في جماعات معارضة.

وعلى الرغم من أن اتفاقاً توسطت فيه تركيا وروسيا قبل ثلاثة أشهر أسفر عن وقف لإطلاق النار وضع حداً للقتال في منطقة إدلب شمال غربي سوريا فإن الضربات الجوية تجددت مرة أخرى على المنطقة الأسبوع الماضي.