|
|
التاريخ: حزيران ١٠, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
مسؤول جزائري يتّهم «لوبيات عقائدية في فرنسا} بإفساد العلاقات |
قضاة ينتقدون «الصلاحيات الواسعة للرئيس» في مشروع الدستور |
الجزائر: بوعلام غمراسة
عاد محمد السعيد، الوزير المستشار المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية، في مؤتمر صحافي عقد أمس بالعاصمة، إلى «قضية الوثائقي المسيء» الذي بثته الفضائية الفرنسية «فرانس 5» منذ قرابة شهر، والذي دفع الجزائر إلى سحب سفيرها من باريس، إذ هاجم «لوبيات عقائدية وآيديولوجية في فرنسا تحمل حقداً تاريخياً للجزائر لأنها لم تتجرع مرارة استقلالها عن فرنسا»، مشيراً إلى أن «هذه اللوبيات تتحرك كلما حدث تقارب بين الجزائر وفرنسا بغرض إفساد العلاقة بينهما، وضررها بمصلحة فرنسا أكبر من ضررها بالجزائر، ونحن لها بالمرصاد، ولن يتحقق أي من أهدافها بالجزائر».
وقال محمد السعيد إن «العلاقة مع فرنسا جيدة، وقد تم الاتفاق على مراعاة المصلحة المشتركة»، في إشارة إلى محادثات هاتفية بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون جرت مطلع الأسبوع الحالي، وتناولت «أزمة الوثائقي» الذي تعاطى مع الحراك الشعبي بطريقة أغضبت الجزائريين.
وتابع محمد السعيد موضحاً: «السيد ماكرون يحمل نوايا طيبة تجاه الجزائر، ورئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يكن له الاحترام والتقدير».
وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها صالح لبديوي بـ«غرض التشاور» بعد هذه الحادثة، من دون أن يكون للقضية تبعات سياسية. وقد أوضحت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية بهذا الخصوص أن حرية الصحافة في فرنسا «تحميها القوانين»، وأكدت أن سلطات البلاد «لا وصاية لها على وسائل الإعلام».
وبخصوص موقف الجزائر من «إعلان القاهرة»، بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا، قال الناطق باسم الرئاسة إن الجزائر «ترحب بكل مبادرة تهدف إلى حقن دماء الليبيين، وهي تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، انطلاقاً من كونها تؤدي دور وسيط لا ينحاز لأي طرف، بعكس من يبني موقفه على حسب نتائج التطورات العسكرية في الميدان».
وأضاف موضحاً: «نحن نسعى جاهدين لتخليص الليبيين من المحنة التي تداخلت فيها قوى أجنبية لا تفكر ربما في مصلحة الشعب الليبي. أما نحن فنفكر في مصلحته قبل كل شيء».
ومن جهة أخرى، استنكر محمد السعيد «استفزاز مشاعر الجزائريين في دينهم» إثر نقاش خبراء وسياسيين وناشطين بالمجتمع المدني في فضائيات خاصة، تطرق إلى مسألة «الإسلام دين الدولة» في مشروع تعديل الدستور الجاري طرحه منذ مدة، ومطالبات بحذفها من الدستور، بذريعة وجود مواطنين جزائريين يدينون بعقائد غير إسلامية. وقال حول القضية إن الشعب الجزائري «مسلم، أمس واليوم وغداً، وإلى يوم الدين. والمتخصصون في إثارة البلبلة والفتن يريدون صرف النظر عن بناء الديمقراطية الحقة، لكن هذا لن يتحقق لهم أبداً».
وأبرز محمد السعيد أن الأمر فيما يخص وثيقة التعديل الدستوري «لا يتعلق أبداً بالخوض في مسألة مكونات الهوية في مسودة الدستور التي أكد رئيس الدولة في أكثر من مناسبة أنها خارج دائرة النقاش، وطوى هذا الملف»، في إشارة إلى رفض قطاع من الجزائريين أن يحتفظ الدستور الجديد المرتقب بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية، بجانب العربية.
ومن جهة ثانية، أكد محمد السعيد أن بلاده طالبت برحيل قنصل مغربي، عاد إلى بلاده الخميس الماضي، لأنه «تجاوز حدود اللياقة والأعراف الدبلوماسية» بسبب تصريحات له أثارت استياء بالغاً محلياً، وصف فيها الجزائر بـ«البلاد العدوة». وقال إن بوطاهر أحرضان، قنصل المغرب بمدينة وهران، بغرب البلاد «غادر فعلاً الجزائر في طائرة حملت رعايا مغاربة» كانوا مقيمين بوهران، وطلبوا العودة إلى بلادهم في ظل أزمة «كوفيد-19».
وأوضح المسؤول بالرئاسة الجزائرية أن الجزائر «تدعو المغرب إلى رفع مستوى أدائه فيما يخص العلاقات الثنائية، وهي حريصة على الحفاظ عليها، ومنها الروابط بين الشعبين الشقيقين».
من جهة ثانية، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية، أمس، أن الرئيس يدرس حالياً طلباً للإفراج عن بعض المسجونين من نشطاء الحراك الشعبي؛ تقدم به سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد» المعارض. وأكد الوزير في مؤتمر صحافي، أمس، أن طلب الإفراج عن المساجين من «ثمرة الحوار»، وأن رئيس الجمهورية قد وعد بدراسة هذا الطلب «في إطار الاحترام الكامل والصارم لصلاحياته الدستورية وحرصه التام على احترام استقلالية العدالة».
كما استقبل الرئيس الجزائري، أمس، السفيرة الألمانية لدى الجزائر أولريوك ماريا كنوتز، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية، أشار إلى أن تبون بحث مع السفيرة الألمانية العلاقات الثنائية، والوضع في المنطقة، وبصفة خاصة التطورات في ليبيا.
قضاة الجزائر ينتقدون «الصلاحيات الواسعة للرئيس» في مشروع الدستور
تبّون اختار 14 شخصية من «الحرس القديم» لعضوية الغرفة الثانية في البرلمان
الثلاثاء 09 يونيو 2020
عارضت نقابة القضاة في الجزائر، «السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية» التي تضمنها مشروع تعديل الدستور، المطروح للنقاش منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، وطالبت بإبعاده عن رئاسة «المجلس الأعلى للقضاء» المشرف قانونا، على المسار المهني للقضاة.
ويرى منتقدون أن مسودة الدستور التي ستعرض على الاستفتاء، حافظت على كامل الصلاحيات التي منحها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لنفسه، في تغيير أدخله على الدستور عام 2008. وانتقد يسعد مبروك رئيس نقابة القضاة، على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، «لجنة الخبراء» التي صاغت مسودة الدستور بناء على طلب من الرئيس تبّون، إذ أكد أن «رئيس الجمهورية تعهّد أن يكون الدستور دستورا للجزائر، وليس دستور الرئيس غير أن الصلاحيات التي أبقتها اللجنة للرئيس، توحي وكأنها تسعى لكسب وده بدلا من التأسيس لدولة المؤسسات» .
وانتقد «نقيب القضاة»، أحزاباً وشخصيات، يرى أنها بالغت في الثناء على مسعى مراجعة الدستور، وقد عرضت مقترحاتها حول التعديل المرتقب، إذ وصفهم بـ«المتلهفين للمشاركة في تعديل المسودة أو مباركتها كما هي، وهم يسعون للتموقع المصلحي بطريقة مبتذلة بعد أن تعذر عليهم ركوب عربات قطار العزة والكرامة (شعار رفع في عهد بوتفليقة)، الذي قاد الجزائر للأسف إلى محطة الفساد والإحباط، وهنا يتعين على رئيس الجمهورية ومحيطه الانتباه لفيالق المتزلفين، والتحلي بروح المسؤولية بالاستماع لكل أطياف المجتمع مهما كانت حدة مقترحاتها». ولم يوضح مبروك من يقصد، لكن أكثر من أظهر رضا عن الوثيقة، سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (ليبرالي)، وقد جلب له ذلك سخطاً وسط المعارضة ولدى قطاع من الناشطين بالحراك، ممن يعتبرون تعديل الدستور «مناورة من النظام للالتفاف على مطلب التغيير».
وتناولت المسودة مبدأ الفصل بين السلطات، المكرّس في الدستور الحالي، على أساس أن الرئيس تبّون يعتزم الحفاظ عليه. غير أن رئيس نقابة القضاة، يرى أن طرحه «تم بأسلوب بيروقراطي وفي إطار الحفاظ على التوازنات القائمة، مما حال دون تكريسه وفقا للمأمول لا سيما من خلال إقحام الجهازين التنفيذي والتشريعي، في الشأن القضائي الذي يراد له أن يبقى تحت الرقابة والوصاية الأبوية».
وفي تقرير طويل حول رؤيتها للدستور، رفعته النقابة إلى الرئاسة الأسبوع الماضي، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، أعلنت رفضها ترؤس رئيس الجمهورية، «المجلس الأعلى للقضاء». وذكرت تحديداً أن الرئيس «باعتباره الضامن للموازنة بين السلطات الدستورية الثلاث، بصفته المعروف بها عُرفا لدى عامة الشعب (القاضي الأول في البلاد)، يقتضي بالتبعية ترؤسه شرفيا للمجلس الأعلى للقضاء كدعم معنوي للقضاة. كما أن أساس المبدأ الدستوري لاستقلال السلطة القضائية، هو أن يكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء منتخبا من قبل كافة قضاة الجمهورية، وهو بدوره يختار نائبا أو اثنين من بين الأعضاء المنتخبين لمساعدته، ذلك أن استئثار رئيس الجمهورية برئاسة المجلس الأعلى للقضاء، فيه مساس باستقلالية السلطة القضائية، لا سيما أن رئيس الجمهورية في تصريحاته، أبدى رغبة في عدم ترؤس المجلس الأعلى للقضاء، على أن يبقى ضامنا لاستقلالية القضاء».
وأوضح مبروك في منشوره، أن «ما تعلق بالسلطة القضائية من مقترحات (في مسودة الدستور) ينطوي على بعض الإيجابيات، لكنها لن تكون كافية ما لم يؤخذ بمقترحات أصحاب الشأن العاملين في الميدان، سعيا لقضاء مستقل يحمي مصالح المجتمع ويصون حقوق وحريات الأفراد»، داعيا المشرع الدستوري إلى «إعادة مطرقة القضاء لأيدي القضاة دون سواهم، وعليهم استعمالها وفقا لقواعد القانون وإملاءات الضمير الإنساني دون سواهما».
إلى ذلك، خلّف تعيين الرئيس تبّون ممثليه في «الثلث الرئاسي» بـ«مجلس الأمة» (الغرفة الثانية في البرلمان)، ردود فعل سلبية في الأوساط السياسية، بحجة أن غالبيتهم «ينتمون للعهد القديم». وأعلنت الرئاسة أول من أمس، عن اختيار 14 عضوا، لشغل مقاعد في الحصة التي تعود للرئيس (47 عضوا)، بالهيئة البرلمانية كانت شاغرة بفعل انتهاء مدة الولاية المقدرة بست سنوات. ومن أشهرهم ليلى عسلاوي وزيرة الشباب والرياضة في بداية تسعينات القرن الماضي، اشتهرت بعدائها للإسلاميين عندما كانوا في أوج قوتهم، وعبد الحميد ماحي باهي وزير العدل سابقا، وموسى شرشالي قيادي بـ«منظمة المجاهدين»، وستة كوادر من السابقين في أجهزة الدولة أحيلوا على المعاش منذ سنين طويلة.
جزائريون يدعون إلى «التخلص من أحزاب بوتفليقة»
الأحد 07 يونيو 2020
بينما دعا رئيس حزب إسلامي جزائري إلى «عودة سريعة للحراك الشعبي بهدف التخلص من أحزاب نظام بوتفليقة»، أطلق ناشطون سياسيون مساعي لبعث المظاهرات، بعد توقف استمر للشهر الثالث على التوالي، إثر فقد الحراك احتجاجاته مطلع مارس (آذار) الماضي، على أثر انتشار وباء «كورونا»، ولقي ذلك ترحيباً من الحكومة.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، في تصريحات للإعلام، إن الحراك «يجب أن يعود للتخلص من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي»، وهما حزبان ارتبطا بفترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 – 2019)، ويرمزان في نظر الكثيرين إلى تفشي الفساد المالي وسوء التسيير في البلاد، وقد عقدا اجتماعات نهاية الشهر الماضي لاختيار رئيسين جديدين، خلفاً لقائديهما المسجونين بتهم فساد.
وينظر نشطاء الحراك إلى عودة «حزبي السلطة» إلى الواجهة على أنها «تعكس تنكراً لمطالب الشعب بالتغيير» من جانب السلطة، التي تمخضت عن انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي، إذ تعهدت بـ«جزائر جديدة» مختلفة عن عهد بوتفليقة. وتعالت أصوات في بداية الحراك مطالبةً بحل «جبهة التحرير» و«التجمع الوطني»، وساد وقتها اعتقاد بأن السلطات الجديدة قررت طي صفحة هذين الحزبين، بعد سجن العديد من قياداتهما. غير أن الترخيص لهما بعقد اجتماعات لاختيار قيادتين جديدتين، وفي عز الحجر الصحي والتشدد في مسألة التباعد الجسدي، ترك انطباعاً قوياً بأن الحكومة تريد أن يكون الحزبان دعامة لها، لما يمثلانه من ثقل كبير من البرلمان والمجالس البلدية والولائية.
وكان مقري السياسي البارز الوحيد، الذي عبّر عن معارضته ترخيص وزارة الداخلية للحزبين بتنظيم اجتماع لترتيب شؤونهما الداخلية. وانحاز نواب الحزبين قبل أسبوعين إلى مسعى الحكومة لرفع أسعار الوقود عندما صوتوا في البرلمان لصالح قانون المالية التكميلي، وهو نفس الدور الذي درجوا على أدائه مع الحكومات التي تعاقبت خلال السنوات العشرين الماضية.
وتزامنت عودة «حزبي بوتفليقة» إلى الواجهة، مع قرار السلطات التخفيف من إجراءات الحجر الصحي، وقد شجع ذلك المتظاهرين على التحضير للرجوع إلى ساحات الاحتجاج. وتم اقتراح تاريخين لذلك هما 19 يونيو (حزيران) الجاري والخامس من يوليو (تموز) المقبل. التاريخ الأول يحيل إلى خطاب حاد ألقاه قائد الجيش السابق الفريق أحمد قايد صالح، العام الماضي في نفس اليوم، إذ هدد باعتقال المتظاهرين الذين يحملون الراية الأمازيغية، وقد تم ذلك بالفعل حيث سجنت السلطات العشرات في أحد تجمعات الحراك. أما التاريخ الثاني فيمثل ذكرى استعادة الجزائر استقلالها.
وتُطرح احتمالات عديدة حول الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة مع الحراك، إن قرر الفاعلون به تنشيطه من جديد. لكن من المرجح بقوة أن تُرفض المظاهرات التي كانت يومي الجمعة والثلاثاء. وقد مهدت لذلك عن طريق التحذير من خطر موجة ثانية من عدوى «كوفيد - 19». كما شنت حملة كبيرة في وسائل الإعلام ضد الحراك، قامت على أساس أنه «مخترَق من طرف قوى خارجية معادية للجزائر».
وحول هذا الموضوع، قالت الناشطة بالحراك ظريفة مزنر لـ«الشرق الأوسط»: «بخصوص رد فعل السلطات، لا أظنه سيتغير قياساً إلى ما كان عليه قبل تعليق المظاهرات. فعندما يكون عددنا قليلاً نتعرض للقمع، وعندما يكون كبيراً تتحاشى قوات الأمن الدخول في مواجهة معنا. الفارق أيضاً، ربما، هو الأزمة الصحية التي ستتحجج بها السلطة لتبرير تشددها مع التجمعات بغرض منعها. لكن هذا لا يخيفنا، وما يهمنا أكثر هو عودة الحراك موحداً أكثر من ذي قبل، وأن يكون محتواه هذه المرة أقوى لتحقيق مطلبنا الأساسي، وهو تغيير النظام جذرياً». |
|