|
|
التاريخ: حزيران ٦, ٢٠٢٠ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الانتقادات لـ«وثيقة الدستور» الجزائري ترجّح صياغة «مشروع جديد» |
تقارير تتوقع «تذمراً شعبياً» يعيد «الحراك» إلى الواجهة |
الجزائر: بوعلام غمراسة
باتت الرئاسة الجزائرية متأكدة بأن مسودة التعديل الدستوري، التي طرحتها للنقاش منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، مرفوضة لدى قطاع هام من الأحزاب السياسية والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني ومختصين في القانون، خاصة بعد أن تهاطلت عليها الانتقادات والمآخذ في الردود المكتوبة التي وصلتها، ورجح متتبعون إحداث تغيير كبير على الوثيقة قبل عرضها على الاستفتاء الشعبي.
وقالت مصادر رسمية على صلة بمشروع التعديل الدستوري لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة»، التي تتابع ردود الفعل حيال المبادرة بتعديل الدستور، ستنتهي خلال الشهر الجاري من جمع المقترحات والملاحظات حول المسودة، وسينطلق بعدها الاشتغال على الصياغة النهائية، مع الأخذ بعين الاعتبار الانتقادات، حسب نفس المصادر التي رجحت بأن تحضير مسودة جديدة سيستغرق شهرا على الأقل.
وكان محمد لعقاب، أحد مستشاري الرئيس عبد المجيد تبون، قد صرح الأربعاء الماضي للإذاعة الحكومية، أن «لجنة خبراء القانون» (15 عضوا)، التي كلفها تبون بكتابة الدستور تلقت 1200 اقتراح، تخص التعديلات الدستورية المتضمنة في مسودة الدستور، وستبدأ الأسبوع المقبل بإدخال التعديلات المطلوبة. وقال إن أصحاب المقترحات «يطالبون بتعديل بعض المواد، وآخرون طالبوا بتوضيحها، زيادة على مطالب تقترح إضافة مواد جديدة». وأوضح لقعاب أن «أكثر من نصف مواد الدستور (الحالي) تم تعديلها، إما تصحيحا أو إضافة أو حذفا، ما يقودنا إلى تعديل عميق وشامل لمواد الدستور».
وبحسب التقارير التي نشرتها بعض الأحزاب، وبعض المقابلات الصحافية التي أجراها خبراء في القانون، وناشطون سياسيون بخصوص الوثيقة، فقد تركَزت الملاحظات على قضيتين أساسيتين: «صلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية، التي لم تتغير»، و«مسألة الهوية».
وأبدت عدة أحزاب وشخصيات سياسية رفضها للاحتفاظ بـ«صلاحيات» رئيس الجمهورية في مسودة المراجعة الدستورية، والتي وضعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في التعديل الذي أدخله على الدستور عام 2008. والذي سمح بموجبه لنفسه بالترشح لولاية ثالثة، بينما لم يكن ذلك متاحا. كما ألغى بوتفليقة أيضا منصب رئيس الحكومة، وعوضه بوزير أول، ونزع منه كل الصلاحيات تقريبا، منها التعيين والإقالة في المناصب والوظائف الكبيرة.وفي مسودة التعديل التي ما يزال النقاش جاريا حولها، أعاد تبون منصب رئيس الحكومة، لكن لن ينبثق عن الأغلبية البرلمانية ولن ينفذ برنامجها، بل إن الرئيس هو من يعينه، ومطلوب منه أن ينفذ سياساته في كل المجالات
وبهذا الخصوص قال عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»: «كان الرئيس بوتفليقة هو من يعد السياسات والبرامج، وكلما ظهر فشلها كان يحمل الوزير الأول مسؤولية ذلك فيخلعه، أما هو فقد وضع نفسه فوق الحكومات، وبعد 20 سنة من الحكم الفردي، انفجر في وجهه الشارع وأجبره على الرحيل، ولهذا يجب على واضعي الدستور الجديد أن يستفيدوا من دروس الماضي القريب، وإلا لن نحل أزمة الحكم وسينفجر الشارع من جديد».
من جهتها، انتقدت نقابة القضاة بشدة بقاء رئيس السلطة التنفيذية رئيسا لـ«المجلس الأعلى للقضاء»، في وثيقة الدستور. وطالبت في ملاحظاتها التي أرسلتها إلى الرئاسة، بتخلي الرئيس عن هذا المنصب، وإبعاد وزير العدل من هذه الهيئة، كنائب لرئيسها. وجعلت هذا المطلب ضروريا لتحقيق توازن بين السلطتين التنفيذية والقضائية، كما هو ضروري حسبها، لإبعاد الضغوط عن القضاة الذين كانوا في مقدمة المتظاهرين، في بداية الحراك الشعبي العام الماضي، للمطالبة بـ«الحرية والاستقلال عن السلطة».
أما «قضية الهوية» فقد ثار جدل كبير حول ما تضمنته وثيقة الدستور، بخصوص اعتبار الأمازيغية لغة وطنية ورسمية، كـ«مادة صماء» غير قابلة للتغيير. وجاء في بعض المطالب التي رفعت إلى الرئاسة «ضرورة عرض هذه القضية على الاستفتاء الشعبي»، على أساس أنه «لا يليق أن يكون للجزائر لغتان رسميتان». لكن هذا الطرح لقي معارضة من مناضلي القضية الأمازيغية، الذين لم يستسيغوا «استفتاء الشعب حول جذوره التاريخية وجزء من أصالته».
تقارير تتوقع «تذمراً شعبياً» يعيد «الحراك» إلى الواجهة
الجمعة - 13 شوال 1441 هـ - 05 يونيو 2020 مـ رقم العدد [ 15165]
الجزائر: بوعلام غمراسة
حذرت تقارير حقوقية جزائرية من وقوع هزات داخلية عنيفة في «مستقبل قريب»، بسبب ارتفاع مرتقب لمعدلات البطالة نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتأثيراتها السلبية على المواطنين والمجتمع بشكل عام.
ويزيد من خطورة الوضع، حسب التقارير ذاتها، تداعيات أزمة «كورونا» الصحية، التي ضربت عدداً كبيراً من الشركات العمومية والخاصة، وعطّلت نشاط الاقتصاد الخفي الذي يشغل عمالة تفوق 60 في المائة من القوة العاملة.
وجاء في التقارير، التي أعدها حقوقيون بناء على ملاحظات أساتذة جامعات وخبراء في الاقتصاد، أن الرئيس عبد المجيد تبون، الذي وصل إلى الحكم نهاية العام الماضي، سيواجه ظروفاً صعبة بحلول العام المقبل لعدم توفر حلول لمشكلات كبيرة؛ أولاها البطالة التي تهدد قطاعات من المجتمع، والتي يتوقع الخبراء ارتفاع نسبتها إلى 30 في المائة، فيما هي حالياً في حدود 8 في المائة، بحسب الحكومة، بينما تؤكد أهم النقابات في البلاد أنها تصل إلى 15 في المائة.
وبحسب التقارير نفسها، فإن السلطات باتت تخشى من عودة الحراك الشعبي بعد رفع الحجر الصحي، الذي تطبقه منذ نحو 3 أشهر في إطار تدابير الوقاية من وباء «كورونا». وتفيد بأن «حالة التذمر الشعبي المتوقعة ستشكل الوقود الذي سيغذي المظاهرات، والتي ستعزز القناعة بأن السلطة الجديدة لن تتحقق طموحات الجزائريين».
وتتضمن التقارير معطيات مفادها بأن البلاد «مقبلة على احتجاجات كبيرة بسبب ارتفاع مرتقب لمعدلات الفقر»، إذ تتوقع انخفاض القدرة الشرائية لعدد كبير من العمال، وانعكاس ذلك على عائلاتهم، مما سيشكل، حسبما جاء فيها، عبئاً كبيراً على ترتيبات الحماية الاجتماعية الحكومية، وذلك في إطار رعاية الفئات الاجتماعية الهشة.
كما أكدت التقارير ذاتها أن صندوق المعاشات سيشهد أزمة أخطر من تلك التي واجهها منذ سنوات عدة، وذلك بسبب خروج الآلاف إلى التقاعد في السنوات الأخيرة، والذي قابله عجز الوظيفة العمومية عن توفير مناصب شغل، بما تمثله من اشتراكات في الضمان الاجتماعي يستفيد منها صندوق التقاعد.
وتفيد إحصاءات الحكومة بأن معاش متقاعد واحد يضمنه حالياً اشتراك يدفعه موظفان، بينما المطلوب اشتراك يسدده 5 موظفين لكل متقاعد حتى يستعيد صندوق المعاشات توازنه، بحسب التقديرات.
ويؤكد خبراء في الاقتصاد أن التدابير التي جاء بها قانون الموازنة التكميلي لسنة 2020 والذي صادق عليه البرلمان بداية الأسبوع الحالي «ستكون بمثابة فتيل لاحتجاجات شعبية غير مسبوقة»، لما تضمنه من زيادات في سعر الوقود، ستنعكس على أسعار كثير من الخدمات التي تمسّ بشكل مباشر بالقدرة الشرائية، خصوصاً وسائل النقل والسلع والبضائع.
وألغت الحكومة القاعدة الاقتصادية «49-51» في مجال الاستثمار (المستثمر الأجنبي مجبر منذ 2009 على إشراك متعامل أجنبي في أي مشروع يطلقه بالجزائر، وألا يتعدى رأسماله فيه 49 في المائة)، في قانون الموازنة التكميلي. لكن بعض المراقبين يظهرون تشاؤماً بخصوص حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية في السنتين المقبلتين، بسبب أزمة «كوفيد19» التي ضربت العالم والتي لن تشجع على الاستثمار في الجزائر؛ حسبهم.
وقال وزير للتجارة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رفض نشر اسمه: «لقد تجاهل قانون الموازنة بشكل مخيف حالة الشركات الخاصة، التي تضررت من الأزمة الصحية، والتي تشغّل عشرات الآلاف من العمال والموظفين، وهذا يوحي بأن القائمين على شؤون الحكومة يتعاملون بتساهل مريب مع الوضع الذي ينذر بفوضى».
وبحسب الوزير السابق نفسه؛ فإن البلاد «ستعرف انكماشاً اقتصادياً لم تعرفه منذ أزمة النفط عام 1986 وما ترتب عليها من حل الشركات الحكومية، تنفيذاً لبرامج صندوق النقد الدولي، الذي أقرض الجزائر مع بداية تسعينات القرن الماضي، حيث كانت التكلفة الاجتماعية باهظة جداً، تجلت في عجز الدولة عن الوفاء بأهم حاجيات المجتمع في مجال الخدمات الصحية والتعليم، وفي المرافق العامة. وأعتقد أن البلاد ستعيش سيناريو مشابهاً، ولا يبدو أن الحكومة تقدر خطورة الصدمة التي تلوح في الأفق». |
|